قانون تنظيم الجهات على المحك.. مقاربة أولية لتدبير شؤون جهة كليم واد النون

0

د.أحمد انويش

مازالت تداعيات توقيف مجلس جهة كلميم – وادنون وتعيين لجنة خاصة بقرار للسلطة الحكومية المكلفة بالداخلية الصادر بالجريدة الرسمية عدد 6675 بتاريخ 21 ماي 2018، بناء على مقتضيات الفصل 89 من الدستور، والمادة 77 من القانون التنظيمي رقم 111.14 المتعلق بالجهات، تلقي بظلالها على النقاش الدائر وسط الرأي العام وكذا المهتمين بالشأن المحلي سواء في مستوى أبعاده التدبيرية أو القانونية أو تداعياته السياسية.

ومن بين هذه التداعيات، السؤال المثير للجدل حول الجهة التي لها الصلاحية في وضع ميزانية السنة المالية للجهة المعنية برسم سنة 2019، كسؤال ذي طبيعة قانونية، غير أنه يظل سؤالا مرتبطا بماهية وجوهر الممارسة الديمقراطية بالمغرب.

ولهذه الغاية لا بد من الإبداء بالملاحظات الأولية التالية:

1- الأخذ في الحسبان الوضع الاعتباري للجهة وأهميتها في التنظيم الترابي للمملكة وفي ترسيخ الممارسة الديمقراطية المحلية من جهة، ودورها كإطار لإتمام الصرح المؤسساتي للبلاد من جهة ثانية.

ولهذه الغاية، ينبغي، بعد انقضاء مدة التوقيف، إعطاء فرصة للمجلس المعني لاستئناف مزاولة مهامه دون اللجوء إلى التمديد الذي يبقى معللا من الناحية القانونية، غير أنه يحتاج، من زاوية نجاعة وحكامة التدبير الإداري، إلى سند موضوعي في حال ما إذا ارتأت السلطة الحكومية العمل على تمديده.

2- إن الإشكال المثار بشأن وضع ميزانية الجهة برسم السنة المالية 2019، هو جزء من إشكال عام مرتبط بصياغة القانون التنظيمي للجهات الذي سبق أن تمت مناقشته والتصويت عليه بالإجماع بلجنة الداخلية والجماعات الترابية بمجلس النواب، قبل إقراره من قبل هذه المؤسسة التشريعية.

3- إن إعمال المراقبة الإدارية أمر يرتكز على مرجعية دستورية صلبة وعلى أساس قانوني سليم .

على ضوء هذه المقدمات، واعتبارا لكون واقعة التوقيف ثابتة ونافذة وترتكز على أساس قانوني سليم (أنظر مقالنا الصادر بجريد هسبرس الالكترونية بتاريخ 09 يونيو2018) ونظرا لكون مسألة وضع الميزانية منصوص عليه قانونا وضرورة ملحة واضحة المعالم، استنادا إلى مبدأ ضرورة سير المرفق العام بانتظام، فإن وضعها سيخضع للضوابط القانونية المنصوص عليها في القانون التنظيمي رقم 111.14 المتعلق بالجهات.

وانطلاقا من مبدأ سيادة القانون باعتباره أحد المبادئ العامة التي يستوجب على الإدارة والقضاء احترامها والتقيد بها باعتبارها قواعد ملزمة، فإن وضع الميزانية سيخضع للمساطر الاعتيادية، كما سيرد تقديمه وشرحه.

وفي هذا السياق، ينبغي أن نستحضر قرار التوقيف المشار إليه أعلاه الذي يترتب عنه، بموجب أحكام المادة 77 من القانون التنظيمي للجهات، ممارسة الوالي بصفته رئيسا للجنة الخاصة ” الصلاحيات المخولة لرئيس مجلس الجهة.

وبناء عليه وارتكازا على مقتضيات المادتين 77 و197 من هذا القانون، فان الوالي بصفته رئيسا للجنة الخاصة وبنفس ” الصلاحيات المخولة لرئيس مجلس الجهة بموجب أحكام القانون التنظيمي” يتولى تحضير الميزانية”.

غير أن استكمال عملية إحالة ميزانية هذه الجهة على لجنة الميزانية والمالية وعرضها على أنظار المجلس التداولي للجهة من أجل اعتمادها في الآجال المنصوص عليها قانونا، مع استحضار الاختصاصات الموكولة لمكتب المجلس في إعداد جدول أعمال الدورة التي ستعرض فيها الميزانية للتداول واتخاذ مقرر بشأنها، واعتبارا لكون مدة التوقيف ستنتهي في 16/11/2018، ستصطدم بآليات معطلة، مع الأخذ بعين الاعتبار أن صلاحيات اللجنة الخاصة تنحصر” في تصريف الأمور الجارية.

ولهذه الغاية، فإنه يستحسن تأجيل البث في شأنها إلى حين انصرام مدة التوقيف وانتظار ما اذا كانت هذه المدة ستجدد أم لا أخذا في الحسبان ماهية وجوهر ووظيفة الممارسة الديمقراطية المشار إليها أعلاه.

ونظرا لكون حالة التوقيف لا تسمح بإتباع مسطرة وضع الميزانية والتصويت عليها، وتفاديا لأي إجراء قد يجعل من اللجنة الخاصة تقوم بأعمال لجنة المالية أو أن أعضاءها يقومون مقام المجلس التداولي مما يجعلها عرضة للطعن أمام المحاكم المختصة، فإن حالة الاستثناء هذه تسمح باللجوء إلى مقتضيات المادة 206 من القانون التنظيمي رقم 111.14 المتعلق بالجهات التي تنص على أنه إذا لم يتم التأشير على الميزانية قبل فاتح يناير، أمكن أن يؤهل رئيس المجلس/الوالي بصفته رئيسا للجنة الخاصة(حسب المعطيات التي سيفرزها تمديد مدة التوقيف من عدمه) القيام بـ”الصلاحيات المخولة لرئيس مجلس الجهة بموجب أحكام القانون، بقرار للسلطة الحكومية المكلفة بالداخلية للقيام بتحصيل المداخيل والالتزام بالنفقات التسيير وتصفيتها والأمر بصرفها في حدود الاعتمادات المقيدة برسم آخر ميزانية تم التأشير عليها وذلك إلى غاية التأشير على الميزانية.

وبنفس الشروط والضوابط سيعمل الوالي بصفته رئيسا للجنة الخاصة على تصريف الأعمال بالنسبة للسنة المالية الجارية التي لا يمكن حصرها فقط في سنة 2018 التي وقع فيها توقيف  المجلس وتعيين اللجنة الخاصة، ذلك أن القاعدة القانونية قاعدة عامة ومعيارية وغير مرتبطة بسنة محددة وبالتالي، فإن السنة المالية 2019 بمجرد افتتاحها ستصبح بدورها جارية، مع الأخذ بعين الاعتبار أن صلاحيات اللجنة الخاصة تنحصر “في تصريف الأمور الجارية، ولا يمكن أن تلزم أموال الجهة فيما يتجاوز الموارد المتوفرة في السنة المالية الجارية”.

واستثناء مما سبق ذكره وفي حالة رفع التوقيف، فإن لرئيس المجلس إمكانية استكمال عملية إعداد الميزانية وذلك بإحالتها على اللجنة المختصة قبل عرضها على المجلس التداولي للبث فيها بناء على مقتضيات المادة 206 أعلاه، والتي يستنتج من العبارة الواردة فيها (وذلك إلى غاية التأشير على الميزانية)، أن للمجلس الحق اعتمادها في كل وقت وحين تفاديا اللجوء إلى العمل بصيغة 12/1 بواسطة قرار للسلطة الحكومية المكلفة بالداخلية للقيام بتحصيل المداخيل والالتزام بالنفقات التسيير وتصفيتها والأمر بصرفها في حدود الاعتمادات المقيدة برسم آخر ميزانية تم التأشير عليها.

[email protected]

 

 

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

أترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.