“أطاك المغرب” تنتقد بشدة الغلاء الفاحش والتطبيع وقمع الحريات واستهداف المناضلين
انتقدت جمعية “أطاك المغرب” الدولة المغربية بعملها على ضبط الوضع الاجتماعي المتفجر، بسلسلة إجراءات تزاوج بين استهداف الفئات الأكثر فقرا (أغلبية الشعب) بسياسة دعم محدود تخلق أوهاما بإمكانية تحسن الوضع، واستعمال القمع لكبح موجات النضال العمالي والشعبي واستهداف المناضلين والمناضلات بالمتابعات والاعتقالات، وفق بيان.
وأكدت الجمعية في البيان الختامي لجامعتها الصيفية المنعقدة أيام 19و20و21 بمدينة أكادير، أن الدولة تريد التكيف مع الأزمة العالمية، باستغلال ما تفرزه هذه الأزمة، لصالح الرأسمال الكبير المحلي والأجنبي، عبر تقديم المغرب منصة مأمونة لإطلاق الاستثمارات الأجنبية نحو أفريقيا، بما يعني ذلك من استنزاف المالية العمومية في تمويل بنية تحتية جبارة، موجهة لاستقطاب الاستثمارات الأجنبية المباشرة، وإغرائها بمناخ الاستثمار الملائم (قانون شغل مرن ومحاربة للعمل النقابي وسياسة جبائية متساهلة)، معتبرة أن سياسات الدولة التي تسنها في غياب الديمقراطية وتبعيتها للمؤسسات المالية الدولية أدت إلى احتداد الأزمة الاقتصادية التي يجري ترقيعها بالمديونية التي ما فتأت تتفاقم، موضحة أن هذه السياسة تهدد بإعادة إطلاق أزمة مديونية جديدة وما سيليها من تقشف وتقليص للإنفاق الاجتماعي.
وأدانت “أطاك” تسارع تفكيك الوظيفة العمومية الذي تقوم به الدولة بشكل خاص في التعليم والصحة، وتعمميها لخصخصة الخدمات العمومية عبر تحفيز ضريبي وإعانات، أي جعل هذه الخدمات سلعا ترتبط الاستفادة منها بالقدرة على الأداء، مما يحرم أغلبية المغاربة الفقراء من تعليم أولادهم- هن والحصول على العلاج والأدوية، كما نددت و”رفضت بشدة” ما يسمى سياسات التدبير المفوض للخدمات الاجتماعية التي أبانت تجارب عديدة عن كونها تفويتٌ للملك العمومي المشترك للخواص، وتفكيك تقاليد التدبير الجماعي الديمقراطي والمحافظ على البيئة الذي عمل به السكان المحليون طيلة أجيال الذي أبان عنه بشكل خاص حراك فجيج
وانتقدت الجمعية ذاتها الغلاء الفاحش لأسعار مواد الاستهلاك الأساسية المتفاقِم بتفكيك صندوق المقاصة، وتوجيه الإنتاج للتصدير وخصخصة الخدمات العمومية، في وقت يزداد فيه انخفاض الدخل ويتوسع الفقر لدى الفئات الشعبية، ونفس الانتقاد وجهته “أطاك” لإجراءات الدولة الرامية لـ”ضرب مكاسب الشغيلة وعلى رأسها الحق في الإضراب ونظام التقاعد وضرب استقرار الشغل وتعميم المرونة من خلال تعديل مدونة الشغل، وسياسة القمع والاعتقال ونطالب بالإفراج عن جميع المعتقلين السياسيين بالمغرب”.
ونوهت إلى أن خطورة هذا الغلاء تتجلى فيما سيؤدي إليه من تردي الصحة العمومية وارتفاع وفيات بأمراض قابلة للعلاج، خصوصا وأن الدولة أقدمت على حذف نظام المساعدة الطبية وتعويضه بالتأمين الإجباري عن المرض، الذي تصعب الاستفادة منه حاليا من قبل غالبية الفئات الشعبية.
وقالت جمعية “أطاك” إنه بعد أكثر من 14 سنة من انطلاق موجة الانتفاضات الشعبية ببلدان شمال افريقيا والشرق الاوسط، تستمر الثورة المضادة التي ترعاها أنظمة الاستبداد المدعومة من قبل الإمبريالية، في سَجنِ شعوبها بالقمع، ومواصلة نفس الخيارات الاقتصادية والاجتماعية التي أدت إلى تفجر تلك الموجات. لا تزال اقتصادات المنطقة مرهونة بالاستجابة لمتطلبات اقتصادات المراكز الإمبريالية، مُثقَلة بديون تستنزف ثروات المنطقة مُرحِّلةً إياها إلى الدائنين في بلدان الشمال (بنوك ودول) والى الشركات متعددة الجنسيات، مخلفة بذلك دمارا بيئيا. هذا في الوقت الذي تعاني فيه الشعوب (منتجو-ات الثروة الفعليين-ات من عمال- ات وصغار منتجي- ات الغذاء) من الفقر والبطالة ونقص التشغيل والحرمان من الخدمات العمومية والاجتماعية التي جرى تسليعها على نطاق واسع، ومن تفاقم الهجرة خاصة في صفوف الشباب.
وأضافت “تستمر الأنظمة في قمع شعوبها، ودخلت في سيرورة تطبيع واسعة مع الكيان الصهيوني الذي يواصل، برعاية مباشرة من الإمبريالية الأمريكية والغرب الاستعماري، وبتواطؤ الإمبرياليتين الروسية والصينية، إبادة الشعب الفلسطيني في قطاع غزة وحرمانه من تقريره مصيره في الضفة الغربية وباقي مناطق فلسطين التاريخية”.
ونددت الجمعية بقمع حركات تضامن الشعب المغربي مع مظلومية الشعب الفلسطيني، واعتقال النشطاء، ورفض الاستجابة لمطالبه بوقف التطبيع، مشددة على ضرورة الرصد الحقيقي لكافة أشكال الاختراق الصهيوني في المغرب، وفضح مسوغاته الزائفة ومحاولات شرعنته في الرواية الرسمية.
ووجه محرِّرو بيان “أطاك” في الأخير التحية لـ”الحِراكات الاجتماعية والشعبية الجارية في بلادنا ومنها: حراك فجيج، وبشكل خاص نساء فجيج اللواتي أبنّ عن كفاحية عالية وجب العمل على جعلها قدوة ودروسا لما سيأتي من التعبئات الشعبية القادمة التي ستكون فيها النساء في المقدمة لكونهن أولى من يتحملن تبعات السياسات التقشفية المدمرة التي تعممها الدولة. وحراك التعليم ضد تفكيك التعليم العمومي والدفاع عن مكاسب وحقوق الشغيلة التعليمية. والنضالات الجارية التي يخوضها طلبة كليات الطب وشغيلة الصحة من أجل جودة التكوين، وخدمة صحية عمومية مجانية وذات جودة، والدفاع عن الوظيفة العمومية بقطاع الصحة.
الناس/الرباط