اعتقال رئيس الوزراء السوداني واقتياده إلى مكان مجهول وسط مؤشرات عن انقلاب عسكري

0

بعد أيام من الاحتجاجات والتوترات الاجتماعية والسياسية في الشارع السوداني، أعلن صباح اليوم الاثنين في الخرطوم عن اعتقال رئيس الوزراء عبدالله حمدوك ونقله إلى مكان مجهول، بعد رفضه تأييد “انقلاب”، وفق ما أعلنته وزارة الإعلام السودانية.

وفي خضم توترات شديدة يشهدها السودان خلال الأسابيع الأخيرة بين مكونات السلطة العسكرية والمدنية، أعلنت وزارة الإعلام أن قوة من الجيش اعتقلت رئيس الوزراء عبد الله حمدوك ونقلته إلى مكان مجهول بعد رفضه “تأييد الانقلاب”، وفي وقت سابق عند الفجر، اعتقل عسكريون عددا من المسؤولين الحكوميين والسياسيين.

وذكرت وزارة الإعلام السودانية على صفحتها على “فيس بوك” أنه جرى اعتقال أعضاء بمجلس السيادة الانتقالي من المكون المدني وعدد من وزراء الحكومة الانتقالية.

انتشار عناصر الجيش السوداني في شوارع الخرطوم منذ الساعات الاولى منصباح الاثنين 25 أكتوبر 2021

وبدأ التلفزيون الرسمي السوداني منذ بعض الوقت في بث أغان وطنية، من دون أي تغطية لما يجري في البلاد. على مواقع التواصل الاجتماعي، ظهر هاشتاغ “#لا_للانقلاب” في السودان، و”#انقلاب_البرهان”، في إشارة إلى رئيس مجلس السيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان.

وانقطعت خدمة الإنترنت تماما في البلاد، وفق ما ذكر صحافي في وكالة الأنباء الفرنسية، مشيرا أيضا إلى أن الهواتف المحمولة أصبحت تستقبل الاتصالات فقط ولا يمكن إجراء أي مكالمات من خلالها.

ومنذ حصوله على الاستقلال عام 1956، كان السودان مسرحا للعديد من الانقلابات العسكرية نجح بعضها فيما فشل البعض الآخر.

1957.. أول محاولة فاشلة

ـ يونيو/حزيران 1957: قاد مجموعة من ضباط الجيش والطلاب الحربيين بقيادة إسماعيل كبيدة انقلابا ضد أول حكومة وطنية ديمقراطية بعد الاستقلال برئاسة الزعيم إسماعيل الأزهري، وتم إحباط محاولة الانقلاب في مراحلها الأخيرة.

1958.. أول انقلاب ناجح

ـ 17 نوفمبر/تشرين الثاني 1958: قاد الفريق إبراهيم عبود أول محاولة انقلاب ناجحة ضد حكومة منتخبة مكونة من ائتلاف “حزب الأمة” و”الحزب الاتحادي الديمقراطي” (أكبر حزبين)، وحينها كان يرأس إسماعيل الأزهري مجلس السيادة وعبد الله خليل رئاسة الوزراء.

ـ تسجل وثائق التاريخ والتحليل السياسي أن الانقلاب وجد بيئة ملائمة تمثلت في الصعوبات الاقتصادية وانخفاض احتياطي العملة الصعبة واشتداد الصراعات السياسية بين الأحزاب.

ـ أكتوبر/تشرين الأول 1964: قامت ثورة شعبية أسقطت حكم عبود الانقلابي.

1969.. الانقلاب الثاني

ـ لم تكن عودة الحكم المدني إثر ثورة 1964 مرادفا لإقامة سلطة ديمقراطية مستقرة وقادرة على تلبية مطالب السودانيين، بل إن الأطراف السياسية دخلت في حلقة جديدة من الصراعات العقيمة، خاصة أن أيا منها لم يكن قادرا على نيل أغلبية مريحة في الاستحقاقات الانتخابية التي كانت تنظم.

ـ 25 مايو/أيار 1969: نفذ مجموعة “الضباط الأحرار” بقيادة جعفر نميري انقلابا عسكريا، سبقته أجواء سياسية مأزومة عنوانها المؤامرات والتحالفات المتهافتة على السلطة.

ـ بعد إعلان الحكومة اتضح أن توجه الانقلابيين السياسي يساري، فالغالبية العظمى من الوزراء الـ22 الذين أعلنت أسماؤهم صبيحة يوم الانقلاب إما شيوعيين أو رفقاءهم، وإما قوميين عربا، أو اشتراكيين.

ـ خلافا لانقلاب 1958 الذي سارع اليساريون الشيوعيون حينها إلى إدانته، سارع “الرفاق” هذه المرة إلى تأييد التحرك العسكري، داعين إلى حمايته من “الثورة المضادة”، لكن سرعان ما بدأت الخلافات تدب بين نميري ومؤيديه الشيوعيين.

ـ كانت الخلافات بين نميري والحزب الشيوعي تشمل جوانب داخلية وأخرى خارجية، حيث كان الحزب يرفض سعي نميري للالتحاق باتحاد الجمهوريات العربية مع مصر وليبيا الذي أعلن في طرابلس في 27 ديسمبر/كانون الأول 1969، بينما رفض الحزب داخليا حل نفسه والانضمام إلى الحزب الاشتراكي.

1971.. حركة تمرد

ـ بعد عامين من الانقلاب، وقع خلاف امتدت خيوطه إلى داخل المؤسسة العسكرية، ليحدث تمرد عسكري جديد، حيث قام ضباط يحملون الأفكار الشيوعية بانقلاب يوليو/تموز 1971، معلنين عزمهم محاربة “الاستعمار الجديد” والقطع مع الموالاة للغرب التي اتهموا بها نظام نميري.

ـ لم يستمر التمرّد سوى 3 أيام، حيث تدخلت قوى دولية وإقليمية عديدة تتقدمها مصر السادات وليبيا القذافي وشركة بريطانية (Lonrho)، إلى جانب دعم داخلي لهذا التدخل قاده رجل أعمال سوداني اسمه خليل عثمان، وهو ما قضى على التمرد العسكري بسرعة قياسية.

ـ عاد نميري إلى السلطة بعد القضاء على التمرد، وفرض عقيدة جديدة في صفوف الجيش تتمثل في أداء القسم على الولاء للنظام بدل الأمة، كما أسس فروعا اقتصادية تابعة للجيش، محولا بذلك المؤسسة العسكرية إلى طبقة اجتماعية ذات مصالح تجعلها مضطرة للدفاع عن النظام القائم.

ـ أصبح الجيش السوداني إثر ذلك المتحكم الأول في تزويد البلاد بالمواد الاستهلاكية، وارتبط بعلاقات مصالح متبادلة مع طبقة التجار، وانتهى بذلك العهد الذي كان يتم فيه إرضاء الفئات العسكرية المتمردة عبر امتيازات زراعية فقط.

ـ رغم حرص نميري على إنهاء بعض النزاعات الداخلية الكبرى التي كانت تطرح تحديات على حكمه، مثل توصله إلى اتفاقات مع أحزاب المعارضة في الشمال، فإن غضب بعض كبار ضباط الجيش كان يتنامى ضده بفعل إمعانه في فرض دكتاتوريته وإطلاق يد الأجهزة الأمنية لقمع الأصوات المعارضة.

ـ عام 1983: طرح نميري القوانين المستلهمة من الشريعة، سعيا منه لتجنب معارضة القوى السياسية المحافظة وذات الأفكار الدينية.

1985.. انتفاضة مارس وانقلاب أبريل

ـ 7 مارس/آذار 1985: بدأت الانتفاضة ضد حكم نميري بخروج عمال سكة حديد عطبرة في مظاهرات احتجاجية بسبب موجة الغلاء وارتفاع الأسعار، تبعتها مظاهرة طلابية خرجت من جامعة الخرطوم وصلت ذروتها يوم 26 مارس/آذار.

ـ 6 أبريل/نيسان 1985: بعد انضمام فئات أخرى إلى العصيان المدني الشامل وسلسلة الإضرابات والمظاهرات، أقدم الجيش على إعلان نهاية حكم نميري، وذلك استباقا لمسيرة دعا إليها قضاة ودبلوماسيون كان يفترض أن تجري في اليوم نفسه.

ـ تصدى لعملية عزل نميري قائد عسكري كبير هو الفريق عبد الرحمن محمد حسن سوار الذهب، معلنا تشكيل مجلس عسكري أعلى لإدارة المرحلة الانتقالية تحت رئاسته، وحدّد مدة هذه الفترة في سنة واحدة تجرى الانتخابات في نهايتها.

ـ بعد عام واحد من عزل نميري، جرت الانتخابات التي أصر سوار الذهب على تنظيمها في التاريخ الموعود، وكشفت نتائجها عن صعود غير مسبوق للإسلاميين (الجبهة الإسلامية القومية)، حيث نالوا 51 مقعدا، واحتلوا المرتبة الثالثة بعد كل من الحزب الاتحادي (63 مقعدا) وحزب الأمة (100 مقعد).

1971.. هاشم العطا

ـ 19 يوليو/تموز 1971: نفذ الضابط هاشم العطا، ومجموعة من الضباط المحسوبين على “الحزب الشيوعي” بالجيش السوداني انقلابا.

ـ تمكن العطا من الاستيلاء على السلطة ليومين، قبل أن يعود نميري إلى السلطة، ويحاكم الانقلابيين، وتم إعدامهم ومعهم عدد من قادة “الحزب الشيوعي”، على رأسهم زعيم الحزب عبد الخالق محجوب.

1975.. انقلاب حسن حسين

ـ سبتمبر/أيلول 1975: خلال حكم نميري، قاد الضابط بالجيش حسن حسين، محاولة انقلاب جديدة لكن تم إحباطها وأعدم الانقلابيون.

1976.. معارك في شوارع الخرطوم

ـ يوليو 1976: حاولت القوى السياسية التي كانت تعارض حكم نميري السيطرة على السلطة، فقاد العميد محمد نور سعد، محاولة انقلاب جديدة بمشاركة عناصر تسللت عبر الحدود من ليبيا إلى السودان.

ـ دارت معارك في شوارع الخرطوم بين القوات الحكومية وقوات الانقلابيين، أسفرت عن مقتل مئات من الانقلابيين، فيما تم لاحقا إعدام قائد الانقلاب.

1989.. انقلاب البشير

ـ عام 1989: أصدر 150 من ضباط الجيش مذكرة مطالبين الحكومة بإيقاف التدهور الاقتصادي وإنهاء حالة الانفلات الأمني وتوسيع التحالف الحكومي ليشمل جميع الأحزاب السياسية.

ـ 30 يونيو/حزيران 1989: تحت غطاء سياسي قوامه التيار الإسلامي، قاد العميد عمر البشير انقلابا ضد الحكومة المدنية المنتخبة التي كان يرأسها الراحل الصادق المهدي رئيس الوزراء آنذاك.

ـ شن الانقلابيون حملة اعتقالات طالت قادة جميع الأحزاب السياسية بمن فيهم حسن الترابي زعيم الجبهة الإسلامية القومية.

ـ منتصف التسعينيات عاد الترابي ليُنتخب رئيسا للبرلمان، في تقاسم هش للسلطة، بعدها آلت علاقة الرجلين إلى الفرقة والشقاق في أغلب مراحل العقود الثلاثة الماضية.

28 رمضان 1990

ـ أبريل/نيسان 1990: قاد اللواء عبد القادر الكدرو واللواء محمد عثمان ما سمي بـ”انقلاب 28 رمضان” لكنه فشل، وأعدم نظام البشير 28 ضابطا بمن فيهم قادة الانقلاب.

حزب البعث 1992

ـ مارس/آذار 1992: وقع انقلاب بقيادة العقيد في الجيش أحمد خالد، ونُسب الانقلاب إلى “حزب البعث”، لكن الانقلاب فشل وتم وضع قادته في السجن.‎

فترة حكم المجلس العسكري

ـ أثناء فترة حكم المجلس العسكري التي استمرت من 11 أبريل وحتى 17 أغسطس/آب 2019، أعلن المجلس عن إحباط انقلابين.

هاشم عبد المطلب 2021

ـ 11 يوليو/تموز 2021: أعلن الجيش إحباط محاولة انقلاب هدفت للإطاحة بالمجلس العسكري، وتم اعتقال 12 ضابطا.

ـ 24 يوليو/تموز 2021: أعلن اعتقال رئيس أركان الجيش هاشم عبد المطلب أحمد، بوصفه قائد ومخطط المحاولة الانقلابية.‎

سبتمبر/أيلول 2021

ـ في 21 سبتمبر/أيلول 2021: أعلن العميد الطاهر أبو هاجة، المستشار الإعلامي للقائد العام للجيش إحباط محاولة انقلابية شهدتها البلاد، والسيطرة على الأوضاع تماما.

ـ كشف وزير الدفاع السوداني الفريق ركن ياسين إبراهيم، أن قائد المحاولة الانقلابية هو اللواء ركن عبد الباقي الحسن عثمان بكراوي ومعه 22 ضابطا برتب مختلفة وعدد من ضباط الصف والجنود.

الناس/ مواقع ووكالات

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

أترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.