السلطات المغربية تبحث عن مواطنين ضحايا محتملين في الهجوم على مركز احتجاز مهاجرين سريين في ليبيا وتهديد أممي باعتباره “جريمة حرب”
أكدت القنصلية العامة للمملكة المغربية بتونس، اليوم الأربعاء، أنها تتابع عن كثب أنباء احتمال وجود مواطنين مغاربة ضمن ضحايا القصف الذي طال مركزا للهجرة غير النظامية بليبيا”.
وأوضح بلاغ للقنصلية العامة للمملكة، أنه “على إثر القصف الذي تعرض له مركز للهجرة غير النظامية في ضاحية تاجوراء، شرق مدينة طرابلس، ليلة الثلاثاء – الأربعاء، وتواتر أنباء عن سقوط ضحايا من جنسيات مختلفة، واحتمال وجود مواطنين مغاربة من بينهم، قامت القنصلية العامة للمملكة المغربية بالجمهورية التونسية بربط اتصالات مباشرة مع السلطات الليبية المختصة بطرابلس التي أكدت أن فرق الإنقاذ المختصة تباشر حاليا عمليات البحث والتحري لتحديد هويات الضحايا”.
وأضاف البلاغ أن القنصلية العامة للمملكة “اتخذت بتنسيق مع جميع المؤسسات المغربية المعنية، كافة التدابير المرتبطة بتحديد هوية المواطنين المغاربة وإجلاء الجرحى وإسعافهم وترحيل جثامين المتوفين في حال تأكد وجود مواطنين مغاربة من ضمن الضحايا”.
في سياق ذلك قالت مسؤولة أممية إن الغارة الجوية التي استهدفت مركزا لاحتجاز المهاجرين في إحدى ضواحي العاصمة الليبية طرابلس، مودية بحياة 44 شخصا على الأقل، قد ترقى إلى جريمة حرب.
وكان 130 شخصا آخرين على الأقل قد أصيبوا بجروح في الغارة التي حمّلت الحكومة الليبية القوات الموالية لخليفة حفتر المسؤولية عنها.
إلا أن قوات شرق ليبيا التي يقودها حفتر تتهم القوات الحكومية بقصف مركز الاحتجاز بالمدفعية.
ويعتقد أن معظم الضحايا هم أفارقة من الدول الواقعة جنوب الصحراء الكبرى كانوا يحاولون الوصول إلى أوروبا عن طريق ليبيا.
ويذكر أن آلاف المهاجرين محتجزون في مراكز تديرها الحكومة الليبية المعترف بها دوليا.
وقالت ميشيل باشليه المفوضة الأممية العليا لشؤون حقوق الإنسان إن موقع مركز الاحتجاز الذي تعرض للهجوم يوم الثلاثاء ومعلومات عن إيوائه لمدنيين قد نقلت إلى الأطراف الليبية المتحاربة قبل وقوع الغارة.
وأضافت باشليه “تبعا للظروف الدقيقة، فإن هذا الهجوم قد يرقى إلى جريمة حرب”.
وكان مبعوث الأمم المتحدة إلى ليبيا غسان سلامة قد قال سابقا إن الهجوم قد يصل إلى أنه “جريمة حرب”، ودعت وكالة اللاجئين التابعة للأمم المتحدة إلى وقف إعادة المهاجرين إلى ليبيا.
وكانت طائرات حربية مجهولة قد شنت غارة جوية على المركز، الذي يوجد في ضاحية تاجوراء، بحسب ما يقوله مسؤولون في الحكومة.
إلى ذلك تبادلت حكومة الوفاق المعترف بها دوليا والقوات الموالية للجنرال خليفة حفتر الاتهامات بتنفيذ الهجوم.
وعبرت وكالة اللاجئين التابعة للأمم المتحدة عن “قلقها البالغ من روايات عن وفاة لاجئين ومهاجرين”.
ووصفت منظمة أطباء بلا حدود في بيان ما حدث بأنه “مأساة مروعة كان يمكن تجنبها بسهولة.”
وتظهر صور نشرها مسؤولون ليبيون مهاجرين أفارقة وهم يتلقون العلاج في مستشفى بعد الضربة.
ونقلت وكالة فرانس برس عن عثمان علي، المتحدث باسم الإسعاف في طرابلس قوله إن “120 مهاجرا كانوا محتجزين في الملجأ الذي أصابته الضربة إصابة مباشرة”.
وأضاف أن التقديرات المتاحة عن الضحايا “أولية وربما ترتفع الحصيلة”.
وهرع رجال الإنقاذ بحثا عن أي ناجين تحت الأنقاض.
من المسؤول؟
ولم تتضح حتى الآن الجهة التي تنتمي إليها الطائرات التي شنت الغارة.
واتهمت حكومة الوفاق الوطني، التي تعترف بها الأمم المتحدة، ويقودها رئيس الوزراء، فايز السراج، قوات حفتر بشن غارات من الجو على المركز.
إلا أن قوات حفتر، التي تطلق على نفسها اسم الجيش الوطني الليبي، نفت أن تكون طائراتها هي التي نفذت الغارة.
ونقل عن متحدث باسمها قوله إن الميلشيات الموالية للحكومة هي التي قصفت الموقع.
وقالت إن “الجريمة البشعة” كانت “مدبرة ومقصودة” و”بدقة”.
وكانت قوات حفتر قد أعلنت الاثنين أنها ستبدأ شن غارات كثيفة على أهداف في طرابلس بعد استنزاف “الوسائل التقليدية” للحرب.
وقالت إن طائراتها الحربية قصفت معسكرا مواليا للحكومة قرب مركز المهاجرين، وإن قوات الحكومة ردت على ذلك بإطلاق قذائف.
وأدت الفوضى السياسية التي عمت ليبيا إلى انتعاش تهريب الأشخاص بواسطة عصابات محترفة، تستغل وضع المهاجرين من جنوب الصحراء الذين يدفعون آلاف الدولارات نظير توصليهم إلى أوروبا.
وقد أبرزت منظمات وجماعات حقوق الإنسان الظروف السيئة التي يتعرض لها المهاجرون في مراكز الاحتجاز، حيث ينتهي بكثير منهم المطاف، لاعتراض خفر السواحل الأوربيون والليبيون قواربهم.
وتاجوراء هي معقل للعديد من معسكرات الجيش الموالي لحكومة الوفاق الوطني التي تعترف بها الأمم المتحدة سلطة شرعية في ليبيا.
ويقاتل هذا الجيش القوات الموالية للجنرال حفتر التي تسعى منذ شهور للسيطرة على طرابلس.
واستعادت قوات حكومة الوفاق منذ أيام قاعدة عسكرية مهمة في غريان من قبضة قوات حفتر.
ويتخذ المهاجرون من الدول الأفريقية والعربية من ليبيا نقطة انطلاق رئيسية سعيا للوصول إلى أوروبا، خاصة إيطاليا، عن طريق البحر.
ويعيش آلاف المهاجرين في مراكز احتجاز تحت سيطرة سلطات ليبية.
الناس-وكالات