المحامون غاضبون من مسودة القانون الجديد.. هل لأن الوزارة ستزاحمهم في اختيار زملائهم الجدد؟+وثيقة
نظم المحامون المغاربة يوم أمس الجمعة 21 أكتوبر الجاري، وسط العاصمة الرباط، وقفة احتجاجية أمام مقر وزارة العدل، احتجاجا على مسودة مشروع قانون مهنة المحاماة الذي اعتبروه “انتكاسة”.
واعتبر المحامون المحتجون الذين توافدوا من مختلف جهات المملكة، أن “مسودة المشروع تعد “انتكاسة مهنية”، و”مسا بالمكاسب”، وأخرجت دون إشراك التنظيمات المهنية.
وأكد المحتجون أن هذه المسودة تشكل “مسا خطيرا باستقلالية المهنة وحصانة الدفاع”، وتتضمن “تراجعات كبيرة وضربا للمكتسبات”، مطالبين بسحبها وإقرار قانون يستجيب للمطالب.
وردّد المُحتجّون، خلال الوقفة الاحتجاجية، التي شارك فيها منضوون تحت لواء أكبر ثلاث هيئات مهنية، وهي فدرالية جمعيات المحامين الشباب، ونقابة المحامين بالمغرب، والجمعية الوطنية للمحامين بالمغرب، شعارات مُندّدة بمشروع مسودة قانون تنظيم المهنة، وبـ”انفراد” وزير العدل عبد اللطيف وهبي بإعدادها، من قبيل “كلنا يد وحدة لإسقاط المسودة”، و”يا وهبي سير فحالك العدالة مشي ديالك”، و”المسودة برا برا.. والمحاماة تبقى حرة”.
وإلى جانب اللافتات المستنكرة للمسودة، رفع المحامون شعارات ضد وزير العدل عبد اللطيف وهبي، الذي هو بالمناسبة محام أيضا، ويدير مكتبا وسط العاصمة الرباط، من قبيل “المحاماة حرة حرة والوزير يطلع برا”، وعبروا عن سخطهم من الطريقة التي يدير بها أمين عام حزب الأصالة والمعاصرة أيضا، القطاع، معتبرين أنه ضد الحقوق وضد العدالة.
ودعت كل من فيدرالية جمعيات المحامين الشباب، ونقابة المحامين بالمغرب، والجمعية الوطنية للمحامين بالمغرب، إلى هذه الوقفة تحت شعار “المحاماة نضال مستمر من أجل الاستقلالية والحصانة والولوج المستنير للعدالة”، وهي الوقفة التي أعلنت عن دعمها جمعية هيئات المحامين.
وكان المحامون قد أعلنوا التصعيد في وجه وزير العدل ضد ما اعتبروه “سلطوية في التسيير”، وأكدوا أن وقفة يوم الجمعة ما هي إلا انطلاقة لأشكال احتجاجية أخرى.
ومن المتوقع أن ترتفع حدة التوتر بين المحامين والوزارة المعنية، في الأيام المقبلة، خاصة في ظل إصرار وزير العدل على العمل بالمسودة، بالإضافة إلى تضمين مشروع قانون المالية الجالية ضرائب على المحامين، تهم الملفات التي يتقدمون بها أمام المحاكم المغربية الابتدائية والاستئنافية والنقض، ما قد يثير أيضا حفيظة أصحاب البدلة السوداء.
وحسب مشروع قانون مالية سنة 2023، الذي عرض أمام أنظار البرلمان يوم أمس الخميس، فقد نص على وجوب تأدية الشركات المدنية المهنية للمحاماة، تلقائيا لدى كاتب الضبط بصندوق المحكمة لحساب قابض إدارة الضرائب، مرة واحدة عن كل ملف، وفي كل مرحلة من مراحل التقاضي، عند إيداع أو تسجيل مقال أو طلب أو طعن أو عند تسجيل نيابة أو مؤازرة في قضية بمحاكم المملكة، تسبيقاً مالياً برسم الضريبة على الشركات عن السنة المحاسبية الجارية، ويتحقق كاتب الضبط من استيفاء هذا التسبيق عند القيام بالإجراءات سالفة الذكر.
وبحسب مواد مشروع قانون المالية المعروض على البرلمان، فإن مبلغ التسبيق يحدد بـ300 درهم (نحو 30 دولاراً) لدى محاكم الدرجة الأولى، فيما يحدد بمبلغ 400 درهم ( نحو 40 دولاراً) لدى محاكم الدرجة الثانية، بينما يحدد بمبلغ 500 درهم ( نحو 50 دولاراً) لدى محاكم النقض.
وكان مسؤولون في هيئات محامية عبروا عن استغرابهم ورفضهم التام لمنهجية إصدار المسودة، في تغييب للمؤسسات المهنية المسؤولة، وأكد هؤلاء في تصريحات، أن “المحامين تفاجأوا بإصدار مسودة مشروع قانون يخص المهنة، دون استشارتهم ودون استشارة النقباء الممارسين”، وأنه من “المفروض أن يأخذ بعين الاعتبار الاتفاقات والمحاضر الثمانية، التي وقعت بين المحامين والوزارة، في عهد الوزير السابق محمد أوجار، والتي حسمت في جميع النقاط الخلافية التي تعتبر ركائز لقانون المهنة، باستثناء نقطتين ظلتا عالقتين، وهما سن الولوج للمهنة للقضاة، والمكاتب الأجنبية (تحديد السن والشروط والشكليات)”.
وحصلت جريدة “الناس” الإلكترونية على نسخة من مسودة القانون، المتعلق بتعديل القانون المنظم لمهنة المحاماة، صيغة 12 غشت 2022، وبعد اطلاعها على أبرز مواده، وجدت بعض الشروط الجديدة التي حملت إضافات، يبدو أنها أكثر إثارة للجدل، ومثيرة لحفيظة هيئات المحامين، وخاصة ما تضمنته المادة الخامسة المتعلقة بالشروط العامة الواجب توفرها في المترشح لمهنة المحاماة، حيث تنص النقطة الخامسة من المادة الخامسة على ضرورة أن يجتاز المترشح بنجاح امتحان التخرج من مؤسسة التكوين، وحاصلا على شهادة الكفاءة التي تخوله الحق في مزاولة مهنة المحاماة منذ ما لا يزيد على سنتين.
وفي المادة السادسة نقرأ “تمنح شهادة الكفاءة لمزاولة مهنة المحاماة من كرف مؤسسة للتكوين تحدث وتسير وفق الشروط المحددة بمقتضى قانون”. وفي المادة السابعة تنص المسودة على أن “تحدد كيفية تنظيم هذه المباراة بقرار للسلطة الحكومية المكلفة بالعدل بعدس استشارة المجلس الوطني للمحامين”. وفي المادة الثامنة، وهذا يعتبر مستجدا مثيرا، تنص المسودة على أنه “يكتسب الناجح في مباراة الولوج لمؤسسة التكوين صفة محام طالب. يتلقى بهذه الصفة تكوينا معمقا لمدة سنة يهم مختلف فروع القانون ومهارات الدفاع وقواعد تنظيم العمل القضائي وقواعد مزاولة مهنة المحاماة وأعرافها، وفي ميدان المعلوميات واللغات، وغيرها من المعارف العلمية والمهنية اللازمة، وكذا فترة تدريب لمدة أربعة أشهر بمختلف الإدارات والمؤسسات العمومية ذات الصلة بمزاولة مهنة المحاماة”. وفي المادة 12 تنصيص على وجوب قضاء فترة تمرين لدى هيئة المحامين تصل إلى 20 شهرا.
وبحسب مصدر من إحدى هيئات المحامين فإن المثير أكثر في المسودة الجديدة هو ما يمكن وصفه بـ”الوصاية” التي ستصبح وزارة العدل تتمتع بها، بخصوص التكوين، حيث بعدما نجد القانون الحالي يخول لهيئة المحامين الإشراف التام على تكوين/التمرين للمحامين الجدد، فإن المسودة الجديدة، من خلال مؤسسة التكوين، تصبح شريكا رئيسيا بل ومؤثرا، خاصة من خلال تنظيم امتحانات الولوج للمهنة، حيث يكون هناك حضور قوي للوزارة الوصية في كل محطات اختيار المترشحين لمزاولة المهنة.
إدريس بادا
إقرأ مسودة القانون الجديد المثير للجدل
Envoi par e-mail مسودة مشروع تعديل القانون المنضم لمهنة المحاماة