النظام الجزائري يقحم البوليساريو في اجتماع عسكري مع مصر وليبيا.. هل يتحرك المغرب؟

0

نورالدين اليزيد

ما أثارني في الاجتماع العسكري الإقليمي الذي دعا إليه النظام الجزائري، من خلال دعوة ما تسمى “قدرة/قوة إقليم شمال إفريقيا” للانعقاد ببلاده، هو نقطتان أساسيتان:

نورالدين اليزيد

الأولى: الجهل المطبق لبعض مَن يُسمون محللين عندنا، والذين لا يغادرون قناة تلفزيونية عمومية إلا ليدخلوا أخرى، بصفتهم “محللين” يعول عليهم في تنوير الرأي العام، بل والترافع عن القضايا الوطنية المصيرية، والأنكى والأمر أن بعضهم أساتذة جامعيون يدرسون العلوم السياسية والعلاقات الدولية، بحيث لم يكلفوا أنفسهم حتى مجرد الاطلاع عبر محرك البحث “غوغل”، لمعرفة المقصود بالجهة التي دعت الجزائر هذا الاجتماع العسكري في إطارها؛ فبَدوا “يُشرّقون ويُغرّبون” غير واعين عن ماذا يتحدثون، ومرددين مجرد كلام مسترسل يمكن أن يقوله أي كان من العوام..

والنقطة الثانية: وهي خلفية هذا الاجتماع -وهذا رأي صاحب التدوينة المتواضع- الذي من حيث المبدأ هو اجتماع عادي، يدخل ضمن اجتماعات سنوية لهذه المنظمة الإقليمية (قدرة إقليم شمال إفريقيا (NARC)) التي بحسب أوراق (ميثاق) تأسيسها، تهتم بتعزيز السلم والأمن والاستقرار في منطقتها، وفقا للبروتوكول المؤسس لمجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الإفريقي، وعلى وجه الخصوص المادة (13) المتعلقة بالقوة الأفريقية الجاهزة؛ ما يعني أنها مبدئيا يجب أن يكون لها طابع “القوة الإفريقية الجاهزة”؛ إلا أن واقع هذه المنظمة الإقليمية جعلها عبارة عن “نادٍ” غير مواظبة حتى على الانعقاد سنويا، كما اتفق عليه المؤسسون، بحيث منذ تأسيسها في سنة 2007، فإنها لم تلتئم إلى غاية اليوم (ماي 2023) بالجزائر إلا 11 مرة، من أصل عمرها البالغ 16 سنة!

ما يعتبر غير عادي وأثار التساؤل في اجتماع الجزائر، هو عدم حضور تونس وموريتانيا، في مقابل حضور مصر وليبيا إلى جانب البوليساريو بصورة ملتبسة، وهذا ما جعل كاتب التدوينة -العبد الضعيف- يقوم ببحث واتصالات، كشف خلالها مفاجأة مدوية، وهي أن البوليساريو ليست عضوا في هذا التنظيم الإقليمي؛ وأن مشاركاتها في بعض الاجتماعات التي تشارك فيها “قدرة إقليم شمال إفريقيا”، كانت في الغالب خلال اجتماعات مشتركة يشارك فيها الاتحاد الإفريقي، مما كان يسهل إقحام وفد البوليساريو!

وطيلة كل هذه الدورات كانت تجتمع كما تنفضّ بصِفر تأثير، اللهم من بعض المحادثات، وفي أفضل الأحوال بالقيام ببعض الأيام الدراسية التي تشارك فيها حتى بعض الأجهزة الأمنية وبعض مكونات المجتمع المدني، المنتمية للدول الأعضاء، وهي ليبيا المبادِرة إلى تأسيسها في عهد الراحل معمر القذافي، بالإضافة إلى الجزائر وتونس ومصر وموريتانيا، بينما المغرب كان غائبا عنها بحكم أنه لم يكن عضوا بالاتحاد الإفريقي، كما أن حتى موريتانيا لم تكن من المؤسسين لهذا التنظيم الإقليمي!

 

الصورتان من اجتماع سابق بليبيا في مارس 2023 للخبراء بالدول الأعضاء المؤسسة لـ”قدرة إقليم شمال إفريقيا” وهي ليبيا ومصر والجزائر

لتبقى “المهمة” التي أنشئت من أجلها، وهي “الحفاظ والبقاء على قوة جاهزة متعددة الأبعاد ومتكاملة التجهيز وتتمتع بالقدرة العملياتية الكاملة وجاهزة للانتشار بناء على إشعار مناسب”، حبرا على ورق منذ التأسيس قبل 16 سنة!

وما يعتبر غير عادي وأثار التساؤل في اجتماع الجزائر، هو عدم حضور تونس وموريتانيا، في مقابل حضور مصر وليبيا إلى جانب البوليساريو بصورة ملتبسة، وهذا ما جعل كاتب التدوينة -العبد الضعيف- يقوم ببحث واتصالات، كشف خلالها مفاجأة مدوية، وهي أن البوليساريو ليست عضوا في هذا التنظيم الإقليمي؛ وأن مشاركاتها في بعض الاجتماعات التي تشارك فيها “قدرة إقليم شمال إفريقيا”، كانت في الغالب خلال اجتماعات مشتركة يشارك فيها الاتحاد الإفريقي، مما كان يسهل إقحام وفد البوليساريو!

اجتماع الجزائر ما بين 2 و6 ماي 2023 لـ”قدرة إقليم شمال إفريقيا” بحضور كل من ممثلي الجزائر ومصر وليبيا والبوليساريو

وتوصل كاتب هذه السطور أيضا إلى أن اجتماعا في مارس الماضي نُظم في الأمانة العامة التنفيذية للمنظمة بطرابلس، لم تشارك فيه إلا البلدان المؤسسة، وهي ليبيا ومصر والجزائر؛ ما يعني أن الاجتماع المنعقد في الجزائر ما بين 2 و6 ماي الجاري جاء بِنية مُبيتة من النظام الجزائري، الذي أقحم عنوة البوليساريو، بصورة فيها الكثير من الضبابية، وبعد إخبار الجانبين الليبي والمصري، اللذين قبِلا الدعوة بشرط عدم التطرق لنزاع الصحراء في أي بيان متوقع يصدر عن الاجتماع. وهو ما تم فعلا بحيث كان البيان الوحيد هو البيان الصادر عن قائد أركان الجيش الجزائري سعيد شنقريحة الذي تطرق إلى ما تم خلال الاجتماع، منوها بالخصوص بالتعاون بين دول منطق شمال إفريقيا في أفق تفعيل القوات المشتركة لمنظمة “قدرة إقليم شمال إفريقيا”، ومتطرقا بالتحديد إلى ضرورة العمل على مواجهة التطرف والإرهاب، دون أن يتحدث بالمرة عن نزاع الصحراء، الذي في ما يبدو اكتفى بتصريحات ممثل البوليساريو بهذا الخصوص، ولكن دون أن يتبناها البلد المنظّم..

يبقى على الدبلوماسية المغربية، بما يتوفر لديها من إمكانيات ومؤسسات (أمنية ودبلوماسية)، أن تستطلع الجانبين الليبي والمصري، عن خلفية مشاركة تنظيم انفصالي يدعو إلى تقسيم المملكة، بينما يعلن البلدان في العلن أنهما ضد هذا التوجه !

أخيرا، ولكل غاية وإفادة قد تفيد الجهات الرسمية المغربية، ولم تخبرها بها مخابرات السي ياسين المنصوري، نخبرها أن من يُنعت برئيس أركان جيش البوليساريو، قدم هدايا لكل من الفريق أول ركن محمد علي الحداد رئيس الأركان العامة للجيش الليبي، واللواء أركان حرب عصام عبدالحليم الجمل ممثل رئيس أركان حرب القوات المسلحة المصرية، ولأحمد احميدة التاجوري الأمين التنفيذي لقدرة إقليم شمال إفريقيا، وللعميد محمد غومه الشيباني رئيس عنصر التخطيط بالأمانة التنفيذية لقدرة إقليم شمال إفريقيا، وذلك بالنظر -على ما يبدو- إلى حفاوة استقبال هؤلاء وترحيبهم بمشاركة التنظيم الانفصالي البوليساريو في الاجتماع..

اللهم إن قد بلّغت..

و #خليونا_ساكتين

ملحوظة: المقالة نشرها صاحبها على شكل تدوينة مطولة بداية على حسابه وصفحته في فيسبوك وحسابه في تويتر

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

أترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.