بسبب موقفه من الصحراء.. المغرب يتخلى شيئا فشيئا عن الشريك الأوروبي

0

تشهد العلاقات بين الاتحاد الأوروبي ودول المغرب العربي حالة من التوتر خلال الفترة الأخيرة، خاصة مع المغرب والجزائر.

التوترات بين المغرب وبعض دول الاتحاد الأوروبي ترتبط بقضية النزاع حول “الصحراء” التي ترعاها الأمم المتحدة، والتي يرى المغرب أن الاتحاد الأوروبي نصب نفسه طرفا في أزمتها، وفق ما نقلت وكالة “سبوتنيك” الروسية.

بحسب خبراء فإن المغرب كان يمنح أفضلية وامتيازات لدول الاتحاد الأوروبي خلال السنوات الماضية في الاتفاقيات التجارية والعديد من الجوانب، إلا أن المواقف الأخيرة للاتحاد الأوروبي دفعت المغرب للتلويح بتغيير الاستراتيجيات.

في 15 نوفمبر، أكد وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة، أن بلاده لن تقبل بأي اتفاق مع الاتحاد الأوروبي ينتقص من السيادة المغربية.

وحسب مصادر مغربية، فإن المغرب يتجه لتوقيع اتفاقيات مع دول أخرى خارج الاتحاد الأوروبي، ما يعني حرمان الأخير من الامتيازات التي كانت تحصل عليها الدول الأعضاء في الشراكة مع الرباط.

المصادر أكدت لـ”سبوتنيك”، أن التعليمات جاءت من المؤسسة الملكية بالعمل على تنويع الشراكة وعدم توقيع أي اتفاقيات جديدة لا تتضمن النص على السيادة الكاملة للمغرب على أراضيه.

أسباب الأزمة

في نهاية سبتمبر الماضي قررت محكمة العدل الأوروبية إلغاء اتفاقيتين للشراكة، والصيد البحري، بين الاتحاد الأوروبي والمغرب، تشملان سواحل ومنتجات إقليم الصحراء، بعد شكوى من جبهة “البوليساريو”. واستندت المحكمة في قرارها إلى أن الاتفاقيتين وقعتا “دون موافقة شعب الصحراء الغربية”، حسب قولها.

قيمة التبادل

وحسب مفوضية الاتحاد الأوروبي بالرباط، بلغت المبادلات بين المغرب والاتحاد الأوروبي 35 مليار يورو خلال 2020، بانخفاض مقارنة مع السنوات الثلاث الأخيرة.

وبلغت صادرات المغرب 15 مليار يورو نحو الاتحاد الأوروبي، و20 مليار يورو صادرات الاتحاد نحو المملكة.

في الإطار قال سمير بنيس، الخبير الاستراتيجي المغربي، إن تصريحات وزير الخارجية بوريطة، هي ترجمة لخطاب الملك الأخير.

خطاب موجِّه..

وأضاف في حديثه لـ”سبوتنيك”، أن الخطاب موجه إلى الاتحاد الأوروبي بشكل عام، وفرنسا وإسبانيا وألمانيا بشكل خاص.

ويرى بنيس أن فرنسا كانت تدعم المغرب، إلا أنها لم تحذُ حذو الجانب الأمريكي من أجل إنهاء النزاع، وأنها كانت تحصل على امتيازات اقتصادية، كما كانت تحصل شركاتها على عقود كبيرة نتيجة موقف لم يترجم بشكل واقعي في الفترة الأخيرة، بل إنها قامت بخطوات عدائية تجاه المغرب.

ويرى أن الاتحاد الأوروبي أصبح طرفا في النزاع، في حين أن الأمم المتحدة هي المخولة بالقضية.

وأشار إلى أن الاتحاد الأوروبي يستفيد بدرجة كبيرة من الاتفاقيات والشراكات، في حين أن المغرب يتجه إلى تنويع شراكاته مع العديد من الدول ومنها روسيا، بما يؤكد أن المغرب لم يعد حديقة لدول الاتحاد الأوروبي، وأنه يسعى ليكون شريكا، وأن يتم التعامل بناء على الندية والمصالح المتبادلة القائمة على احترام السيادة.

وأوضح أن الاتحاد الأوروبي يستعمل “قضية الصحراء” كورقة ضغط على المغرب.

من ناحيته قال المحلل السياسي المغربي يوسف الحايك، إن تصريحات وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة هي تأكيد لموقف المملكة الثابت في مواجهة أي ابتزاز من أي طرف بشأن قضية الصحراء المغربية.

وأضاف في حديثه لـ”سبوتنيك”، أن الأمر أكده الملك محمد السادس، قبل أيام، في خطاب الذكرى السادسة والأربعين للمسيرة الخضراء بشكل واضح وصريح، معتبرا أن المغرب من حقه اليوم أن ينتظر من شركائه، مواقف أكثر جرأة ووضوحا، بخصوص قضية الوحدة الترابية للمملكة.

كما أن ملك المغرب خاطب من وصفهم بـ”أصحاب المواقف الغامضة أو المزدوجة”، بأن المغرب لن يقوم معهم، بأي خطوة اقتصادية أو تجارية، لا تشمل “الصحراء المغربية”.

وضعية أفضل

ويرى الحايك أن المغرب يتعامل مع قضية الشراكة مع الاتحاد الأوروبي بواقعية وبراغماتية أقوى من أي وقت مضى، ومن موقع قوي، بعد الانتصارات الدبلوماسية التي حققها في مسار الاعتراف الدولي بـ”مغربية الصحراء”.

وأشار إلى أن حكم محكمة العدل الأوروبية يبقى في مرحلته الابتدائية، ما يعني تغير الموقف لصالح المغرب، وبالتالي إعادة العلاقات إلى مسارها الطبيعي.

ومضى بقوله إن المغرب عمل منذ سنوات على فتح آفاق اقتصادية جديدة عبر تنويع شركائه، سواء من خلال تعزيز علاقاته التجارية مع الولايات المتحدة، والصين، وبريطانيا وغيرها.

الشريك الأول

وتمثل التجارة بين المغرب والاتحاد الأوروبي أكثر من 60 بالمائة من المبادلات الخارجية للمملكة، حيث يعد المغرب الشريك الأول للاتحاد الأوروبي في منطقة جنوب المتوسط.

وبلغت قيمة المبادلات التجارية بين المغرب والاتحاد الأوروبي في المجال الفلاحي ما يناهز 6.4 مليار يورو سنة 2020، أي 13 في المائة من مجموع المبادلات الخاصة بالسلع بين الطرفين، بحسب المصدر ذاته.

ودخل اتفاق الشراكة الموقع سنة 1996 حيز التطبيق سنة 2000. وفي شقه التجاري، مكن هذا الاتفاق من تحرير متبادل لتجارة السلع مع بعض الميول في الميزان التجاري لصالح المغرب.

الناس/عن سبوتنيك

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

أترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.