خنقُنا كصحافيين يهزِمُنا لكن لا يقتلنا!

0

نورالدين اليزيد

بعد سنوات من الخنق والاختناق والخسائر المادية والمعنوية، بلا حصر، نضطر اليوم للإغلاق؛ ليس بسبب جائحة وبائية ولا بحكم قضائي، ولكن بحكم قضاء وقدر “القبيلة” الصحافية، التي ما فتئت تأكل أبناءها؛ إما تواطؤا بإدخال جزء منهم إلى السجون، بتهم ملفقة، أو تنكيلا وتشريدا بتضييق الخناق عليهم ومنعهم مما يخولهم القانون من دعم؛ وذلك بمساعدة السلطة على وضع شروط مجحفة وتعجيزية، لا تتوفر إلا في منبر خُلق ليستفيد من الريع حتى ولو كان أو أصبح في خانة الصحف الصفراء، أو في منبر ازداد وفي فمه ملاعق من ذهب، أو إلا إذا كان ذا حظ عظيم..

سنغلق المقر ونبيع عتادنا الذي بحوزتنا، والذي على ما يبدو يُقلق حتى المنتمين لمهنتنا (زملاءنا) – كما تأتَّى لنا الوقوف على ذلك عن كثب – قبل أن يقلق أيا كان ومنهم السلطة، وهذه علامة بارزة من علامات إفلاس القطاع الذي بات موبوءا بوباء يضاهي أو يتعدى في فتكه الوباء المخيم علينا منذ أزيد من عام ونصف..

سنبيع ما لدينا عسى أن يغطي لنا عائدُه ولو النزر القليل من الدَّين الذي على ذمتنا لبعض الأصدقاء والأقارب والأبناك، بعد تسع سنوات من الخنق مع مؤسستنا المتواضعة التي أسسناها ذات يوم من سنة 2012، وأصدرنا على إثرها موقع “الناس”، بصفة قانونية، وحتى قبل أن تصدُر القوانين المؤطرة للصحافة الإلكترونية، بحيث لم نحتج عندما دُعينا لنُلائم وضعيتنا مع المستجدات القانونية، غير نقل ما نتوفر عليه من وثائق والإدلاء بها لدى الجهات المعنية..

أنشأنا مؤسستنا الإلكترونية في تلك السنة مسلحين بتجربة محترمة في الصحافة الورقية، وكنا نمني النفس بأن أهليتنا المهنية والمعرفية ستشفع لنا عند الجهات المختصة بأننا سنلقى بعض الدعم والمساعدة، من الجهات الرسمية المسؤولة، ومن الإطارات غير الرسمية والمهنية تحديدا، التي تدعي أنها خُلقت لدعم المقاولة الصحافية، وللترافع عليها أمام القطاعات الحكومية، قبل أن نُصدم بواقع مرير؛ حكومة تتشدق نهارا بدعم الصحافة والتعددية الإعلامية لأنها أساس وجوهر التعددية السياسية، وليلا تُصيغ قوانين تُعدِم الصحافيين، إما بالزج بهم في السجون بعدما تُرحِّل أو تُكيّف جرائم مفترضة مع القوانين الجنائية، وإما بمنعهم من الدعم، وهو حق يراد به باطل، وهذا الباطل هو عملية فرز الصالح من الطالح، من الصحافيين، المرغوب في بقائهم أحياء يُطبّلون/يُرزقون.. وقبل أن نكتشف ان الإطارات التي حسبناها ستُنظم القطاع وتكُون صوتنا والقناة الناقلة لأَنِين ألَمِنا، إلى من يهمهم الأمر، لإعتاقنا وإنقاذنا من موت بطيء نعاني منه، هي مجرد نوادٍ مغلقة على بعض الأشخاص ليقتسموا كعكة الريع في ما بينهم، متسلحين بقدرة خارقة على التدليس والتلبيس والدجل على الرأي العام بأنهم حماة المهنة والمهنيين، في تواطؤ مفضوح مع كثيبة إعدام الصحافة الحرة الملتزمة بميثاق شرف المهنة..

بيد أننا ونحن على وشك أن تُزهَق روحنا المقاولاتية الإعلامية، ونُصِر على البقاء افتراضيا على الأقل، فإننا نتشبث ببصيص أمل أن يظهر مَن هو حليم وذو مروءة يغار على المهنة وعلى الوطن، ليُصلح ويُصحح ما يمكن أن يُصلَح ويُصحَّح؛ ففي الأول والأخير يبقى عِتق رقاب الصحافيين مِن عِتق التجربة الديمقراطية في هذه البلاد، على الأقل حتى يستقيم فيها القول القائل إن الصحافة هي السلطة الرابعة في البلاد الديمقراطية..
سنتشبث بالأمل، لأن حتى ولو انتُزعت منّا، بطريقة أو بأخرى، صفة الصحافي المهني، فإن صفة الكاتب الصحافي فينا باقيةٌ إلى يوم يُبعَث الخلق ..!

وبه وجب الإعلام والسلام.. و #خليونا_ساكتين

[email protected]

https://www.facebook.com/nourelyazid

ملحوظة: هذه المقالة نشرها صاحبها بداية على شكل تدوينة مطولة على حسابه في فيسبوك

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

أترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.