على هامش ملف عصابة الفساد والسمسرة بالدار البيضاء!
نورالدين اليزيد
على سبيل البدء.. التحريات والأبحاث التي قامت بها عناصر الفرقة الوطنية للشرطة القضائية بالدار البيضاء، بداية الشهر الجاري، بأمر من الوكيل العام للملك، مكنت من تفكيك شبكة متورطة في السمسرة والفساد، أبطالها قضاة وموظفون ورجال أمن ومحامون، متورطون في ارتكاب أفعال إجرامية من جنح وجنايات من قبيل الارتشاء، والتزوير في محاضر رسمية، والوساطة لدى موظفين عموميين، مقابل دفع وتلقي مبالغ مالية كبيرة، واستغلال النفوذ، والخيانة الزوجية، والمشاركة والنصب. الأبحاث التي ما تزال مستمرة وفق مصادر مطلعة كشفت أن أحد القضاة المتورطين وهو نائب وكيل الملك، كان يستغل نفوذه لممارسة أفعال جنسية شاذة، تارة في مكتبه، وتارة أخرى عبر اللايف، مع ضحاياه..
====
عندما تقرأ وتعرف أن بعض محاكم المملكة الشريفة ما تزال، في وقتنا الراهن (2022) تشهد مثل هذه الأفعال الشاذة والمشينة، ومِن طرف مَنِ المفروض فيه أن يتحلى بكثير من المروءة والاستقامة والنزاهة والمثالية، وهو القاضي، بل القاضي الواقف، أي ممثل النيابة العامة، أي الذي ينوب عن المجتمع في إرساء وترسيخ مبادئ العدالة، من خلال الاستنطاقات والمرافعات؛ تدرك كم مازال يلزمنا من سنوات وربما من أجيال لنصل إلى القضاء العادل والمستقل، كما هو في البلدان التي يُحترم فيه القانون والدستور!
وكما هذه القطاعات فيها الفاسدون العابثون بشرف مهنتهم، فكذلك باقي القطاعات الأخرى، لا تخلو من فاسدين، بل ومن “شواذ” و”مكبوتين”، يستغلون مناصبهم وسلطاتهم المعنوية، على غرار -مثلا- ملف أساتذة الابتزاز الجنسي، الذي فُجر قبل أشهر، وملف الطبيب الجراح الشهير ومن معه، وغير ذلك من منسوبي هذا القطاع أو ذاك، الذين ما كان سيكون لهم ذِكر ووجود، لو أن سابقيهم ممن تورطوا في نفس الأفعال المخلة بالقانون تلقوا ما يستحقون من عقوبات، وبالصرامة اللازمة.
لا يكفي أن يطالعنا المسؤولون، وباستمرار لحد الملل، في ندواتهم بداخل الصالونات المكيفة والبنايات الزجاجية، بأنهم يشيدون مثلا بنايات محاكم عصرية هنا أو هناك، ويفصلون النيابة العامة عن الوزارة الوصية على قطاع العدل، فيبنون لها بناية بلورية وسط أرقى أحياء عاصمة المملكة، ليؤكدوا لنا أننا بصدد إصلاح السلطة الثالثة بالبلاد، ولكن الأهم من كل ذلك هو العمل على تغيير العقليات وتنظيفها من رواسب مخلفات سنوات التسلط المزمن، لأن ما أكثر الموظفين ومنهم القضاة، مَن هم في ريعان الشباب، ولكنهم يحملون في أدمغتهم عقولا متكلسة ومطبقة على نفسها، وتحسب أنها فوق القانون، بل إنها هي القانون والقانون هي، ولا يمكن أن تحاسب على جرم اقترفته حتى ولو كان شذوذا فاضحا مفضوحا!
لا نجني هنا على قطاع بعينه، هو القضائي، الذي لطالما قدم لنا نماذج قضاة نزهاء، سارت بذكرهم الركبان، ونبغ نجمهم وحُفرت أسماؤهم في ذاكرة المغاربة، إنْ على مستوى الممارسة المهنية، أو على مستوى البحث القانوني والأكاديمي، وتقديم اجتهادات فقهية تدرس في المعاهد والكليات، ولكن هذه الواقعة التي عرفتها بعض محاكم الدار البيضاء، تميط اللثام، عن فئة من الناس، وهم في هذا الملف الجنائي سماسرة ومحامون وأمنيون، من يستبيحون الدوس على كل القوانين بما فيها الأسمى وهو الدستور، من أجل ملذاتهم المادية والغريزية، غير عابئين بسمعة إداراتهم ووطنهم ومؤسساته..
وكما هذه القطاعات فيها الفاسدون العابثون بشرف مهنتهم، فكذلك باقي القطاعات الأخرى، لا تخلو من فاسدين، بل ومن “شواذ” و”مكبوتين”، يستغلون مناصبهم وسلطاتهم المعنوية، على غرار -مثلا- ملف أساتذة الابتزاز الجنسي، الذي فُجر قبل أشهر، وملف الطبيب الجراح الشهير ومن معه، وغير ذلك من منسوبي هذا القطاع أو ذاك، الذين ما كان سيكون لهم ذِكر ووجود، لو أن سابقيهم ممن تورطوا في نفس الأفعال المخلة بالقانون تلقوا ما يستحقون من عقوبات، وبالصرامة اللازمة. دعك من ضرورة الوقوف وبحزم ضد الإطارات التي تمثل بعض القطاعات، والتي ما إن يسقط أو يتورط أحد منتسبيها في فضيحة ما، حتى تسارع إلى إصدار بيانات المظلومية المفترى عليها، والدفاع عن المتورط، بغض النظر حتى عن ضبطه متلبسا أحيانا، في تطبيق فج وحَرفيا لمقولة “أُنصر أخاك ظالما أو مظلوما”!..
كفى من التراخي في تطبيق القانون، ويجب الضرب بقوة على أيدي المخالفين والجناة، لا التسامح أو التساهل معهم!
https://www.facebook.com/nourelyazid
ملحوظة: المقالة هي ثمرة تدوينة، مزيدة ومنقحة، نشرها كاتبها بداية على حسابه وصفحته في فيسبوك