قضى نحو ربع قرن في سجون الاحتلال.. كيف ومن يكون السّـ.نْوار الذي اغتالته إسرائيل اليوم؟
أكدت إذاعة الجيش الإسرائيلي، اليوم الخميس، مقتل زعيم حركة حماس يحيى السنوار في غزة، ونقلت تقارير إخبارية أبرز ما جاء في سيناريو اغتيال القيادي الأبرز في حماس.
كان ضمن ثلاثة مسلحين
جاء في بيان مشترك للمتحدث باسم الجيش الإسرائيلي و”الشاباك” أنه “خلال عملية قام بها مقاتلو الجيش الإسرائيلي في قطاع غزة، تم القضاء على ثلاثة إرهابيين”، وفق الجيش الإسرائيلي.
وقال البيان إن معلومات استخبارية لجهاز الشاباك وهيئة الاستخبارات أشارت إلى مناطق مشبوهة قد يتواجد في داخلها قادة حماس.
تل السطان
وأفادت “القناة 14” الإسرائيلية أن جثة السنوار عثر عليها الجيش الإسرائيلي في تل السلطان في رفح.
وكشفت القناة أنه تم إطلاق القذيفة التي قتلت السنوار يوم أمس الأربعاء حوالي الساعة الرابعة بعد الظهر، ولم يتم اكتشاف جثته إلا اليوم بعد مسح المبنى بوسائل مختلفة.
درون تعرفت على الجثة
وقال الجيش الإسرائيلي إن طائرة بدون طيار تم إرسالها لمكان المبنى في حي تل السلطان برفح، وهي التي تعرفت على ما يمكن أن يكون جثة السنوار قبل أن يصل الجنود إلى هناك، كما تم جلب المحققين الذين حققوا مع السنوار سابقا أثناء اعتقاله في إسرائيل للتعرف على جثته قبل إجراء فحص الحمض النووي.
فحوصات
وجرى فحص DNA واختبارات الأسنان للجثة، وذكرت مصادر عسكرية أن النتائج كانت إيجابية.
تبادل إطلاق نار
وأضافت أن قوة من لواء 828 “حددت مجموعة من الإرهابيين (بتعبير إسرائيل) في مبنى على الأرض، وأطلقت النار عليهم، ومن ثم بدأ تبادل إطلاق النار. ودخلت القوة إلى المبنى ووجدت أن أحد الإرهابيين يشبه السنوار”.
في مبنى محاصر
وبحسب المصادر العسكرية، فالمبنى الذي كان يقيم فيه السنوار كان محاصرا، وتم العثور على سترة عسكرية مليئة بالقنابل اليدوية على الجثة.
السنوار يلتحق بآخرين من القادة المغتالين..
واغتالت إسرائيل أبرز قادة حماس، وهم قائد الجناح العسكري للحركة محمد ضيف، وقائد لواء خان يونس رافع سلامة في غارة جوية على غزة في يوليو الماضي، ونائب رئيس المكتب السياسي للحركة صالح العاروري في غارة على بيروت في يناير الماضي.
كما قتل رئيس المكتب السياسي لحماس إسماعيل هنية في طهران في يوليو الماضي، في هجوم نسب إلى إسرائيل رغم أنها لم تعلن تبنيه حتى الآن.
ماذا نعرف عن قائد حركة حماس؟
كانت حركة حماس الفلسطينية أعلنت اختيار يحيى السنوار، رئيساً جديداً للمكتب السياسي للحركة، خلفاً لإسماعيل هنية، الذي اُغتيل في إيران في 31 يوليو/تموز الماضي، وتشير الاتهامات إلى تورط إسرائيل في العملية.
وشغل السنوار منصب رئيس الحركة في غزة، وتضعه إسرائيل على رأس مطلوبيها في غزة، “حياً أو ميتاً”، بحسب ما صرّح مسؤولون لموقع أكسيوس الأمريكي.
ويعتقد المسؤولون الإسرائيليون أن التخلص من السنوار سيعجّل بانهيار حماس عسكرياً، كما سيضع نهاية للحرب التي بدأت بهجوم حماس الدامي على جنوب إسرائيل في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
ويقول مسؤولون إسرائيليون إن السنوار هو الرأس المدبر لتلك الهجمات، رفقة عناصر أخرى في الحركة، بما في ذلك محمد الضيف قائد الجناح العسكري لحماس، ونائبه مروان عيسى.
وفي السادس من ديسمبر/كانون الأول الماضي، قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عن السنوار: “يمكنه أن يهرب ويختبئ لكننا سنحصل عليه”، وذلك بعد قيام قوات من الجيش الإسرائيلي بمحاصرة منزل السنوار في مدينة خان يونس حيث تعتقد الاستخبارات الإسرائيلية أنه هرب قادماً من مدينة غزة شمالاً في بداية الحرب.
ورصد الجيش الإسرائيلي مبلغ 400 ألف دولار مكافأة لمن يدلي بمعلومات تساعد في القبض على السنوار.
أتمّ يحيى إبراهيم السنوار، في التاسع والعشرين من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، عامه الحادي والستين؛ وقد وُلد في مخيم خان يونس للاجئين بغزة عام 1962.
ومن هذه السنوات الـ61، قضى السنوار في السجون الإسرائيلية 24 عاماً هي معظم سنوات شبابه.
وفي الأصل، ينحدر السنوار عن عائلة كانت تعيش في مدينة المجدل عسقلان – قبل إعلان دولة إسرائيل عام 1948.
وترعرع يحيى السنوار في مخيم خان يونس الذي ما لبث أن وقع أيضاً تحت الاحتلال الإسرائيلي في عام 1967.
وتلقى السنوار تعليمه في مدارس المخيم حتى أنهى دراسته الثانوية، ليلتحق بالجامعة الإسلامية في غزة لإكمال تعليمه الجامعي، ويحصل على درجة البكالوريوس في اللغة العربية.
وفي عام 1982 أُلقي القبض على السنوار ووضع رهن الاعتقال الإداري لمدة أربعة أشهر بتهمة الانخراط في “أنشطة تخريبية”.
وفي عام 1988، قضت محكمة إسرائيلية على السنوار بالسجن مدى الحياة أربع مرّات (مدة 426 عاماً)، أمضى منها 24 عاماً في السجن.
صاحب النفوذ
يوصف السنوار بأنه الرجل صاحب النفوذ الأكبر في الأراضي الفلسطينية، بحسب مجلة الإيكونوميست البريطانية.
وهو من أعضاء حركة حماس الأوائل، وقد أسهم في تشكيل جهاز أمنها الخاص المعروف اختصاراً بـ (مجد).
وكانت نقطة التحول في مسار السنوار، عندما تفاوضت إسرائيل على صفقة لتبادل الفلسطينين المعتقلين لديها مقابل الجندي جلعاد شاليط الذي أسرته حماس عام 2011.
حينئذ، استخدمت إسرائيل السنوار كمحاور، بحسب الإيكونوميست، حيث كان مسموحاً له بالتحدث إلى قياديّي حماس الذين أرادوا استبدال أكثر من 1000 معتقل فلسطيني مقابل شاليط.
وقد اعترضت إسرائيل على عدد من الأسماء التي اقترحتها حماس، ولم يكن السنوار من بين هؤلاء المعترَض عليهم. وبالفعل في 2011، أُطلق سراح السنوار وأصبح قيادياً في كتائب عز الدين القسام، الذراع العسكرية لحماس.
ومن سخريات القدر، بحسب صحيفة التايمز البريطانية، أن السنوار مدين لإسرائيل بحياته؛ وقد نجح أطباء إسرائيليون في إزالة ورم من مخه في أثناء اعتقاله.
واستفاد السنوار من معرفته بالسجون الإسرائيلية، التي حصل عليها خلال السنوات الطويلة التي قضاها في زواياها، مما أعطاه نفوذاً بين القيادات العسكرية في حماس.
وعلى الصعيد السياسي في حماس، في عام 2017، انتُخب السنوار رئيساً للمكتب السياسي للحركة في قطاع غزة.
وفي العام نفسه، لعب السنوار دوراً دبلوماسياً رئيسياً في محاولة إصلاح العلاقات بين السلطة الفلسطينية بقيادة حركة فتح في الضفة من جهة، وحركة حماس في غزة من جهة أخرى، ولكن لم يُكتب لهذه المحاولة النجاح.
كما عمل السنوار في مجال إعادة تقييم لعلاقات حماس الخارجية، بما في ذلك تحسين العلاقات مع مصر.
وفي سبتمبر/أيلول 2015، أدرجت الخارجية الأمريكية يحيى السنوار على لائحتها السوداء “للإرهابيين الدوليين”.
يعتبر الضابط السابق بجهاز الأمن الداخلي (الشين بيت) ميخا كوبي أحد أكثر الإسرائيليين معرفة بالسنوار؛ ذلك أنه استجوب الأخير لأكثر من 150 ساعة في أثناء اعتقاله في نهايات الثمانينيات وبدايات التسعينيات، وفقاً للواشنطن بوست.
وفي تقييم استخباراتي إسرائيلي وُصف السنوار بأنه “قاسٍ، ومتسلط، ومؤثر”. ووصف كوبي السنوار بأنه “صارم” وخالٍ من المشاعر ولكنه “ليس سيكوباتياً”.
ويتذكر ضابط الأمن الإسرائيلي السابق، بحسب ما نشرت صحيفة واشنطن بوست، كيف كان السنوار يفتخر في أثناء استجوابه بأنه قتل فلسطينيين اشتبه في تجسسهم لصالح إسرائيل مستخدماً “شفرة حلاقة” و”ساطوراً”، حتى لُقّب بـ “جزار خان يونس” على حد وصف كوبي.
وإلى ذلك يعزو الباحث في الشؤون الفلسطينية ميخائيل ميليشتاين دموية هجوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول، قائلاً: “إذا كنت تحاول الوقوف على بذور هذه الوحشية التي اتسمت بها هجمات السابع من أكتوبر/تشرين الأول، يجب عليك ألا تقف فقط على أيديولوجية يحيى السنوار، ولكن أيضا على شخصيته”.
ويرى ميليشتاين أن وحشية السنوار حيال مَن اشتبه في تجسسهم لمصلحة إسرائيل من الفلسطينيين قد سادت في عموم حركة حماس، لكن تم توجيهها ضد اليهود والإسرائيليين وبلغت ذروتها في هجمات السابع من أكتوبر/تشرين الأول.
ونعود إلى الضابط كوبي الذي وصف السنوار بأنه كان “يعرف كيف يقنع الآخرين بأن يكونوا معه”، وحتى أنه أقنع “مسلحاً بأن يدفن أخاه حيا”.
ويعتقد كوبي في مقابلة مع فاينانشال تايمز أن السنوار “لن يستسلم، وسيموت هناك في غزة”.
الناس/متابعة