لحظات حاسمة متوقعة.. اشتداد المعارك حول خيرسون وإيران تنفي تزويدها روسيا بطائرات مسيرة في حربها ضد أوكرانيا

0

دعت السلطات الموالية لروسيا في خيرسون جنوبي أوكرانيا اليوم السبت كل المدنيين إلى مغادرة المنطقة “فورا” وسط تصاعد المعارك، في حين نددت إيران بمطالب أوروبية بالتحقيق في اتهامات لطهران بتزويد روسيا بمسيرات متطورة.

وقالت إدارة المنطقة التي ضمتها موسكو للاتحاد الروسي قبل أسابيع، على تلغرام “على جميع سكان خيرسون المدنيين مغادرة المدينة فورا”، مشيرة إلى “وضع متوتر على الجبهة وخطر متزايد بوقوع قصف مكثف”.

وفي وقت سابق، قالت روسيا إن قواتها أحبطت محاولة أوكرانية لاختراق خطوط دفاعها في منطقة خيرسون، في حين بدأت عمليات الإجلاء إلى الضفة اليسرى لنهر دنيبرو عند حدود خيرسون منذ الأربعاء الماضي.

وقالت وزارة الدفاع الروسية “جميع الهجمات أُحبطت، وتم رد العدو إلى مواقعه الأصلية”، مضيفة أن أوكرانيا شنت هجومها صوب مستوطنات بياتيخاتكي وسوخانوف وسابلوكيفكا وبزفودن على الجانب الغربي من نهر دنيبرو.

كما بثت وسائل إعلام روسية صورا قالت إنها لعملية إحباط هجوم أوكراني على محور خيرسون. وقالت إن القوات الروسية دمرت آليات أوكرانية، كانت تحاول اختراق خط دفاع الجيش الروسي في المنطقة.

في سياق متصل، قالت وزارة الدفاع البريطانية إن روسيا انتهت من إقامة جسر مؤقت عائم عبر نهر دنيبرو بأوكرانيا لإمداد قواتها.

وأضافت الوزارة في تحديثها الاستخباراتي اليومي اليوم السبت، أن الجسر سوف يكون بمثابة بديل لجسر أنتونيفسكي المجاور المدمر.

ويعد عبور النهر محوريا لإمداد القوات الروسية في مدينة خيرسون المحتلة بجنوب أوكرانيا.

كما نشرت وسائل إعلام روسية صورا قالت إنها لاستهداف حافلة تقل جنودا أوكرانيين جنوبي غربي دونيتسك.

وقال المتحدث باسم الوزارة إيغور كونشينكوف إن سلاح الجو الروسي دمر رؤوسا حربية لصواريخ نبتون الأوكرانية المضادة للسفن خلال استهداف ورش عسكرية في خاركيف.

صد صواريخ روسية

في المقابل، قالت قيادة القوات الجوية الأوكرانية إنها أسقطت 18 من أصل 33 صاروخا أطلقتها روسيا على الأراضي الأوكرانية صباح اليوم السبت.

وأضافت أن روسيا شنت هجوما واسعا على كل الأراضي الأوكرانية، انطلق في حدود السابعة صباحا، وأن القوات الروسية شنت جزءا من الهجوم أيضا انطلاقا من بارجات حربية راسية بالبحر الأسود، أطلقت 16 صاروخا من طراز “كاليبر”.

وفي دونيتسك إلى الشمال الشرقي، ذكرت السلطات الموالية لروسيا أن قصفا أوكرانيا أدى إلى وقوع قتلى وجرحى من المدنيين، في حين دمر الروس حافلة تقل جنودا أوكرانيين قرب بلدة إيغورفكا على محور أوغليدار جنوبي غربي المقاطعة.

بدورها، شهدت العاصمة كييف قصفا صاروخيا روسيا تصدت له الدفاعات الجوية الأوكرانية، ودعا عمدة المدينة السكان إلى الحذر والبقاء في الملاجئ.

وقال عمدة “لوتسك” إن الروس استهدفوا مناطق عدة غربي كييف، أبرزها “ريفني” و”لوتسك” و”خميلنيتسكي” بضربات صاروخية تسببت في انقطاع التيار الكهربائي.

أنظمة دفاع جوي

في السياق، دعا وزير الخارجية الأوكراني دميترو كوليبا العواصم الحليفة لكييف إلى الإسراع في مدها بأنظمة دفاع جوي، وعدم التأخر للحظة عن ذلك، على حد تعبيره.

وقال كوليبا في تغريدة له اليوم السبت إن وابلا من القصف الصاروخي الروسي استهدف البنية التحتية المدنية الحيوية، مؤكدا أن الدفاعات الجوية اعترضت جزءا من هذه الصواريخ في وقت أصابت فيه أخرى أهدافها.

واتهم كوليبا روسيا بممارسة الإبادة الجماعية في حق الأوكرانيين من خلال استهدافها البنية التحتية المدنية الحيوية.

من جانبها، أعلنت شركة الكهرباء الأوكرانية “يوكرانارغو” أن القصف الصاروخي صباح اليوم خلّف أضرارا مشابهة أو قد تفوق تلك التي سجلت خلال الهجمات يومي العاشر والـ12 من الشهر الجاري.

وفي بيان للشركة، قالت إن البنية التحتية الرئيسية قد استهدفت غربي البلاد. وأشارت إلى أن فرقها تعمل على إصلاح الأضرار، مؤكدة أن عمليات ترشيد الكهرباء قد بدأت في أكثر من 10 مناطق من بينها العاصمة كييف.

وفي مقاطعة بيلغورود الروسية، أفاد حاكم المقاطعة الحدودية مع أوكرانيا فياتشسيلاف غلادكوف بمقتل شخصين وإصابة 9 جراء تجدد القصف الأوكراني على مدينة شيبيكينو الحدودية.

وأدى القصف الأوكراني، وفق وسائل إعلام روسية، إلى احتراق محل تجاري، وتضرر عدد من المرافق المدنية في المدينة التي تبعد نحو 4 كيلومترات عن الحدود مع مقاطعة خاركيف الأوكرانية.

تنديد إيراني

في غضون ذلك، قالت وزارة الخارجية الإيرانية إن طهران نددت بشدة اليوم السبت بمطالبة فرنسا وألمانيا وبريطانيا الأمم المتحدة بالتحقيق في الاتهامات بأن روسيا استخدمت طائرات مسيرة إيرانية الصنع لمهاجمة أوكرانيا.

وقال المتحدث باسم الوزارة ناصر كنعاني إن دعوة ما يسمى بالثلاثي الأوروبي أمس الجمعة “خاطئة ولا أساس لها”، وإنه “تم رفضها وإدانتها بشدة”.

من جهته، استخدم الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي نبرة متحدية بشأن مبيعات إيران العسكرية بشكل عام خلال كلمة ألقاها اليوم السبت، قائلا إن البلاد أصبحت الآن “مصدرا محتملا معروفا للأسلحة”.

المسيرة الإيرانية “مهاجر 6” التي تستخدم لأغراض الهجوم والاستطلاع والتصوير

وقال خلال رحلات قام بها للخارج في الآونة الأخيرة، بما في ذلك نيويورك حيث حضر جلسات الجمعية العامة للأمم المتحدة، “طلبوا منا بيع منتجات عسكرية، سألنا لماذا نحن؟ هناك دول كثيرة أخرى، فقالوا لأن أسلحتكم أفضل”.

ولم يحدد رئيسي نوع الأسلحة التي طُلب منه بيعها أو الجهة التي اتصلت به. وقال إن هذا أثار غضب أعداء إيران الذين “لا يريدوننا أن نتطور خشية أن نغزو الأسواق”، مضيفا “دع العدو يغضب ويموت من الغضب”.

وكان مسؤولون أميركيون كشفوا مؤخرا أن روسيا تسلمت طائرات إيران المُسيَّرة من طراز “مهاجر 6″ و”شاهد 129″ و”شاهد 191” في شهر أغسطس/آب الماضي، الأمر الذي نفته طهران باستمرار.

لماذا خيرسون؟

ركزت القوات الأوكرانية التي تضغط في هجومها المضاد جنوبا على خيرسون، وهي عاصمة إقليمية كانت تحت السيطرة الروسية منذ الأيام الأولى للغزو.

ومن شأن السقوط المحتمل للمدينة أن يمثل إذلالا آخر لموسكو بعد سلسلة من الهزائم في ساحة المعركة ونكسات أخرى، مما يزيد من محاصرة الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، ويمهد الطريق لتصعيد محتمل للحرب المستمرة منذ ما يقرب من ثمانية أشهر.

خيرسون، التي كان عدد سكانها قبل الحرب 280 ألف نسمة، هي العاصمة الإقليمية الوحيدة التي استولت عليها القوات الروسية.

وسقطت المدينة والمناطق المحيطة بها في أيدي موسكو خلال الأيام الأولى من الغزو المستمر منذ فبراير، حيث سرعان ما شددت القوات الروسية هجومها شمالا من شبه جزيرة القرم – المنطقة التي ضمها الكرملين بشكل غير قانوني عام 2014.

تُظهر صورة ملتقطة عبر الأقمار الصناعية موقع سد كاخوفكا والمنطقة المحيطة به في خيرسون

كانت خسارتها ضربة كبيرة لأوكرانيا بسبب موقعها على نهر دنيبر، بالقرب من مصب البحر الأسود، بالإضافة إلى دورها كمركز صناعي رئيسي.

وتحدى مقاتلو المقاومة الأوكرانية القوات الروسية للسيطرة على المدينة منذ ذلك الحين مع أعمال تخريب واغتيال لمسؤولين عينتهم موسكو.

وتقع خيرسون أيضا في نقطة تستطيع فيها أوكرانيا قطع المياه العذبة من نهر دنيبر إلى شبه جزيرة القرم. ومنعت كييف تلك الإمدادات الحيوية بعد ضم شبه جزيرة القرم، وذكر بوتين الحاجة إلى استعادتها كأحد الأسباب وراء قراره بالغزو.

خلال الصيف، شنت القوات الأوكرانية هجمات لا هوادة فيها لاستعادة أجزاء من المقاطعة، التي تسمى أيضا خيرسون وواحدة من أربع مناطق ضمتها روسيا بشكل غير قانوني بعد استفتاءات صورية الشهر الماضي.

استخدمت أوكرانيا قاذفات صواريخ هيمارس التي قدمتها الولايات المتحدة لضرب جسر رئيسي على نهر دنيبر في خيرسون بشكل متكرر وسد كبير يستخدم أيضا كنقطة عبور.

وأجبرت الضربات روسيا على الاعتماد على الطوافات والعبّارات التي استهدفتها أوكرانيا أيضا. وهذا يعطل روابط الإمداد بخيرسون ومجموعة القوات الروسية على الضفة الغربية لنهر دنيبر ويجعلهم عرضة للتطويق.

وتفاقم النقص بعد أن فجرت شاحنة مفخخة في الثامن من أكتوبر جزءا من جسر كيرتش الاستراتيجي الذي يربط البر الرئيسي لروسيا بشبه جزيرة القرم، وهو جسر كان بمثابة مركز إمداد رئيسي للقوات الروسية في الجنوب.

كيف ردت روسيا؟

ألقى بوتين باللوم في هجوم جسر كيرتش على المخابرات العسكرية الأوكرانية ورد بأمر بقصف البنية التحتية للطاقة في جميع أنحاء أوكرانيا.

كما أعلن الأحكام العرفية في خيرسون والمناطق الثلاث الأخرى التي ضمها من جانب واحد في محاولة لتعزيز قبضة موسكو.

لكن بينما شددت القوات الأوكرانية هجومها على الجنوب الغربي إلى جانب نهر دنيبر، وجدت القوات الروسية صعوبة متزايدة في وقف تقدمها.

بدا أن الجنرال، سيرغي سوروفيكين، وهو القائد الروسي المعين حديثا في أوكرانيا، مهد الطريق لانسحاب محتمل من خيرسون، معترفا بأن الوضع في المنطقة “صعب للغاية” بالنسبة لموسكو، وأشار إلى أن الوضع القتالي هناك لا يزال يتطور.

وغيرت السلطات الروسية، التي رفضت في البداية الحديث عن إخلاء المدينة، مسارها بشكل حاد هذا الأسبوع، محذرة من أن خيرسون قد تتعرض لقصف أوكراني مكثف وشجعت السكان على المغادرة – ولكن فقط للمناطق التي تسيطر عليها روسيا.

وقال مسؤولون إنه تم نقل 15 ألفا من بين 60 ألفا متوقعة بحلول يوم الخميس. كما انسحب مسؤولون من الإدارة الإقليمية التي عينتها موسكو، إلى جانب موظفين مدنيين آخرين.

وحذرت موسكو من أن أوكرانيا قد تحاول مهاجمة السد في محطة كاخوفكا لتوليد الطاقة الكهرومائية على بعد حوالي 50 كيلومترًا من المنبع وإغراق مناطق واسعة، بما في ذلك مدينة خيرسون.

وتنفي أوكرانيا ذلك واتهمت بدورها روسيا بالتخطيط لتفجيرها لإحداث فيضانات كارثية قبل انسحابها.

زعم الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، أن السد قد تم تلغيمه بالفعل من قبل روسيا، وحث قادة العالم على أن يوضحوا للكرملين أن تفجيره “سيعني بالضبط استخدام أسلحة الدمار الشامل”.

ماذا يعني فقدان خيرسون بالنسبة لروسيا؟

الانسحاب من خيرسون ومناطق أخرى على الضفة الغربية لدنيبر من شأنه أن يحطم الآمال الروسية لشن هجوم غربي على ميكولايف وأوديسا لقطع وصول أوكرانيا إلى البحر الأسود.

مثل هذه الخطوة ستوجه ضربة مدمرة لاقتصادها. كما سيسمح لموسكو ببناء ممر بري إلى منطقة ترانسنيستريا الانفصالية في مولدوفا، موطن قاعدة عسكرية روسية رئيسية.

خريطة معلوماتية نشرتها وكالة فرانس برس يوم 2 مارس بعد تقدم الجيش الروسي نحو خيرسون

وقال المحلل العسكري الأوكراني، أوليه جدانوف: “إن خسارة خيرسون ستحول كل أحلام الكرملين الجنوبية تلك إلى غبار”.

وأضاف: “خيرسون هي مفتاح المنطقة الجنوبية بأكملها، مما سيسمح لأوكرانيا باستهداف طرق الإمداد الرئيسية للقوات الروسية. سيحاول الروس الاحتفاظ بالسيطرة عليه بكل الوسائل”.

بالنسبة لأوكرانيا، فإن استعادة خيرسون من شأنها أن تمهد الطريق لاستعادة الجزء الذي تسيطر عليه روسيا من منطقة زابوريجيا ومناطق أخرى في الجنوب، وفي النهاية العودة إلى شبه جزيرة القرم.

وقال جدانوف: “أوكرانيا تحتاج فقط إلى الانتظار حتى تقع خيرسون في أيديها مثل تفاحة ناضجة؛ لأن الوضع مع الإمدادات لمجموعة القوات الروسية يتفاقم يومًا بعد آخر”.

وقال إن أوكرانيا تأمل في مضاعفة عدد قاذفات صواريخ هيمارس التي زودتها الولايات المتحدة بسرعة والتي يمكن أن تضرب أهدافا على بعد 80 كيلومترا بدقة مميتة.

إن استعادة السيطرة على خيرسون تعني أيضا أن كييف يمكنها مرة أخرى قطع المياه عن شبه جزيرة القرم.

وأضاف جدانوف: “بعد انهيار خيرسون، سيعاني الروس مرة أخرى من مشاكل المياه العذبة في شبه جزيرة القرم”. وقال إن بوتين يمكن أن يرفع الرهان إذا واجه خسارة خيرسون.

وأردف بقوله إن “الروس سيكونون مستعدين لمحو خيرسون من على وجه الأرض بدلاً من إعطائها لأوكرانيا”.

وسيكون تدمير السد لإحداث فيضانات هائلة في المنطقة المسطحة إحدى الطرق التي يمكن لموسكو القيام بذلك.

وأضاف جدانوف: “يريد الروس إظهار أن الهجوم المضاد الأوكراني سيواجه رداً قاسياً من قبل الكرملين الذي أعلن أن المنطقة جزء من روسيا، ومن المخيف حتى التفكير في ما يمكن أن يكون هذا الرد”.

وأشار رئيس مركز “بينتا” المستقل في كييف، فولوديمير فيسينكو، إلى أن السيطرة على منطقة خيرسون ومناطق جنوبية أخرى سيكون بمثابة جائزة لروسيا، وستكون لخسارتها عواقب وخيمة على بوتين في الداخل والخارج.

وقال فيسينكو: “إذا غادر الروس خيرسون، فإن الكرملين سيواجه موجة أخرى من الانتقادات الشديدة للقيادة العسكرية والسلطات بشكل عام من دوائر وطنية متطرفة”، مضيفا أن سقوط المدينة سيزيد من إضعاف معنويات القوات المسلحة وربما تأجيج المعارضة لجهود التعبئة.

وأضاف أن الصين والهند اللتان تراقبان عن كثب تصرفات روسيا في أوكرانيا سوف يرون سقوط خيرسون علامة على ضعف الكرملين.

قال فيسينكو: “سيواجه بوتين خسائر في سمعته ليس فقط داخل البلاد، ولكن أيضا في أعين الصين، وقد يكون ذلك خطيرا بشكل خاص على الكرملين”.

الناس/وكالات

 

 

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

أترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.