لماذا يُصادر جواز سفر زوجة الصحافي بوعشرين؟
نورالدين اليزيد
على يسار الصورة صحافي بل قُل أحد أبرز الصحافيين المغاربة خلال العقدين السابقين وصاحب أشهر افتتاحية يومية “ريد شوسي”، كان القراء المغاربة يفضلونها على باقي الافتتاحيات -إن وُجدت- في باقي الصحف، والأهم أن مختلف البعثات الدبلوماسية الأجنبية كانت تتلقفها لتترجمها إلى مختلف اللغات، قبل أن تكون موضوع تقارير يومية تبعث بها إلى حكوماتها في مختلف بقاع العالم، لتنقل لها صورة معتبرة عن واقع المغرب.. أتحدث عن الزميل المعتقل بعقوبة 15 سنة سجنا توفيق بوعشرين، مؤسس اثنين من أبرز الصحف اليومية التي طبعت الحياة الإعلامية المغربية خلال العقدين السابقين ونيف..
على يمين الصورة زوجته وأم أبنائه السيدة المحترمة أسماء موسوي، التي بالرغم من ثقل التهم التي أدين بها زوجها من طرف المحكمة، فإنها ما فتئت تكابد وتدافع عن رفيقها في الدرب، ليس لأجل براءة باتت في حكم المستحيلات ما دام الأمر قُضي وبات الحُكم يتوفر على حِجية الأمر المقضي به، ولكن أمَلا أولًا في تمتيع زوجها المعتقل بالحقوق الدنيا للسجين التي تضمنها المواثيق الدولية ويكفلها الدستور المغربي، وهو ما تشتكي السيدة موسوي من انتهاكه، ومن ذلك حقه في العلاج من الأمراض المزمنة التي باتت تنخر جسده المنهك، بحسب ما صرحت به للصحافة الأجنبية؛ وثانيا لعل وعسى أن تنزل معجزة من السماء فيصدر عفو ملكي على الصحافي السجين ويلتحق بكنف أسرته وأبنائه..
على الجميع تحمل مسؤولياته وأن لا ينتظر حتى تصدر تقارير المنظمات والهيئات الحقوقية، وكذا تقارير الدول المراقبة لحقوق الإنسان ومنها الحليف الأمريكي الذي لطالما وبّخ المغرب لانتهاكاته الحقوقية، فيسارع إلى البكائيات أمام عدسات الكاميرات ولوك لازمة المؤامرة وهلُم جرّا من معزوفات المظلومية المفترى عليها..
سبب نزول هذه التدوينة/المقالة هو ما صرحت به زوجة بوعشرين من أنهم (..) صادروا جواز سفرها مباشرة بعد توصلها بدعوة من مركز “آفاق جديدة للدعم والتنمية”، الكائن مقره بنيويورك لحضور حفل لتكريم زوجها الصحافي؛ وبينما لم يصدر أي بيان رسمي يوضح خلفيات الحادث، فإن ما كشفت عن السيدة موسوي هو أن عناصر الفرقة الوطنية وبأمر من النيابة العامة بمحكمة الاستئناف بالدار البيضاء هي من أقدمت على مصادرة وثيقة سفرها الرسمية !
السؤال المطروح هو: هل الإجراء قانوني أم تعسفي ينتهك القانون والدستور المغربيين وينتهك المواثيق الدولية؟
بحسب ما نعلمه ووصلنا إليه ببحث بسيط ما بين دفتي مدونة المسطرة الجنائية، فيمكن للنيابة العامة إذا اقتضت ذلك ضرورة البحث التمهيدي، أن تسحب جواز سفر المشتبه فيه وتغلق الحدود في وجهه لمدة لا تتجاوز شهراً واحداً، ويمكن تمديد هذا الأجل لغاية انتهاء البحث التمهيدي إذا كان المعني بالأمر هو المتسبب في تأخير إتمامه، وينتهي مفعول الإجراءين في كل الأحوال بإحالة القضية على هيئة الحكم أو التحقيق أو باتخاذ قرار بحفظ القضية (المادتان 40 و49 من قانون المسطرة الجنائية).
وبموجب المادة 182 من نفس القانون، فإنه إذا ظل المتهم في حالة سراح، أو إذا أفرج عنه إفراجاً مؤقتاً أو غير مقرون بالوضع تحت المراقبة القضائية، يمكن لهيئة الحكم أو التحقيق أن تقرر إغلاق الحدود في حقه وسحب جواز السفر. والنص ينطبق على المتهم في جنحة أو في جناية على السواء.
وما نعلمه عن زوجة الصحافي بوعشرين أنها ليست متابعة بأية قضية، وإن كانت هناك من “تهمة” ضدها فهي أنها زوجة توفيق بوعشرين، وهذا لا يكون سببا في حرمانها من السفر وإغلاق الحدود في وجهها بمصادرة وثيقة سفرها؛ اللهم إلا إذا كان القضاء يرى غير ذلك وبأن موسوي متابعة وفي هذه الحالة يجب تنوير الرأي العام، لأن قضية زوجها هي قضية رأي عام وطني ودولي أيضا !
هذا الأمر يحتاج إلى توضيح من الجهات المختصة، وأول هذه الجهات النيابة العامة الموقرة، التي لطالما عودتنا على خروجها الإعلامي هنا وهناك، وبهذه المناسبة أو تلك؛ ويبدو أن ملفا كهذا يهم صورة مملكة محمد السادس وقدسية مؤسساتها ودستورها وقوانينها، يفرض على النيابة العامة الخروج من موقف الالتباس هذا، وتبرير إقدام عناصر الفرقة الوطنية على مصادرة مواطنة مغربية من وثيقة شخصية رسمية ينظم القانون مساطر منحها ومصادرتها.
نذكّر، لمن يحتاج إلى تذكير، بأن قضية توفيق بوعشرين التي أصبحت تُدبّج بها تقارير مختلف المنظمات الحقوقية الدولية والوطنية الجادة، هي متداولة أيضا في أروقة الأمم المتحدة، من خلال مجلس حقوق الإنسان الذي دعا قبل سنوات، وحتى قبل أن ترفع العقوبة من 12 سنة إلى 15 سنة سجنا، السلطات المغربية إلى إطلاق سراح الصحافي المعتقل توفيق بوعشرين، لأن “اعتقاله (…) مخالف للقانون، ووجب تعويضه ماليا عن الأضرار الذي لحقته”. الدعوة التي جاءت ضمن تقرير أعده فريق أممي معني بالاعتقال التعسفي، رأى أيضا أن “حرمان الصحافي توفيق بوعشرين من الحرية تعسفي ويتعارض مع المواد 9 و14 و19 من الميثاق الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية” !
على الجميع تحمل مسؤولياته وأن لا ينتظر حتى تصدر تقارير المنظمات والهيئات الحقوقية، وكذا تقارير الدول المراقبة لحقوق الإنسان ومنها الحليف الأمريكي الذي لطالما وبّخ المغرب لانتهاكاته الحقوقية، فيسارع إلى البكائيات أمام عدسات الكاميرات ولوك لازمة المؤامرة وهلُم جرّا من معزوفات المظلومية المفترى عليها..
facebook & Twitter : nourelyazid
ملحوظة: المقالة نشرها كاتبها بداية على حساباته في مواقع التواصل الاجتماعي على شكل تدوينة مطولة