مقتل أزيد من 500 لبناني في الهجمات الإسرائيلية والاثنين كان الأكثر دموية منذ 2006
شنت إسرائيل غارات جديدة على مناطق مختلفة من لبنان بعد يوم من غارات كثيفة أدت إلى مقتل أكثر من 550 شخصا، وفقا لوزارة الصحة اللبنانية، في حين استهدف حزب الله مطارات ومواقع عسكرية إسرائيلية.
واستهدف الطيران الإسرائيلي صباح اليوم بلدة يحمر الشقيف، ومحيط جسر لحد، والمحمودية في جزّين وعيتا الشعب ومحيط مدينة صور، بالإضافة إلى مدن وقرى قضاء بعلبك في الجنوب اللبناني.
في المقابل، قصف حزب الله كريات شمونة في الجليل الأعلى بـ “صليات من الصواريخ”، أشعلت حرائق في مختلف المواقع.
وأفادت إذاعة الجيش الإسرائيلي بأن قصفا كثيفا استهدف كريات شمونة بنحو 50 صاروخا من لبنان، مشيرة إلى وقوع أضرار في المباني.
وذكرت الإذاعة أن 9 مصابين بجروح طفيفة نقلوا إلى مستشفى نهاريا إثر القصف الأخير في الجليل الغربي، وأن 6 طواقم إطفاء أرسلت لإخماد نيران اندلعت في مبان بكريات شمونة.
كما أعلن حزب الله قصف المخازن اللوجستيّة للفرقة 146 في قاعدة نفتالي، شمالي إسرائيل بالقرب من الحدود اللبنانية، وذلك في أعقاب صليات من صواريخ “فادي1 وفادي 2” استهدف بها الحزب مطار مجيدو العسكري غرب العفولة في وقت مبكر من اليوم.
مقتل قيادي في حزب الله
أعلن الجيش الإسرائيلي أنه قتل إبراهيم محمد القبيسي، الذي وصفه بأنه “قائد منظومة الصواريخ والقذائف في حزب الله”، وقال إنه أطلق موجة غارات واسعة تستهدف “أهدافاً إرهابية” في لبنان، بهدف “تجريد قدرات حزب الله واستهداف البنى التحتية العسكرية”.
وبحسب الجيش الإسرائيلي، فإن طائرات حربية “هاجمت بتوجيه من هيئة الاستخبارات في منطقة الضاحية الجنوبية في بيروت، وقضت على إبراهيم محمد القبيسي قائد منظومة الصواريخ والقذائف في حزب الله”.
صفد تتعرض لضربات صاروخية متتالية.
من جنوب لبنان pic.twitter.com/ZacOZjlYoQ
— Hanzala (@Hanzpal2) September 24, 2024
وأضاف بيان الجيش أن القبيسي كان في وقت الغارة “برفقة عدد من كبار قادة منظومة الصواريخ في حزب الله”.
وفي بيان منفصل، قال الجيش إنه أطلق موجة غارات واسعة نحو “عشرات الأهداف” في لبنان، على مدار ساعتين.
وبحسب المتحدث باسم الجيش، أفيخاي أدرعي، فقد أغارت طائرات حربية على “البقاع في عمق لبنان وفي مناطق متفرقة من جنوب لبنان”، مضيفاً استمرار الغارات في الوقت الحالي.
الهجوم مستمر !
قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو، الثلاثاء، إن إسرائيل “ستستمر في ضرب حزب الله”، وأن من لديه “صاروخ في غرفة معيشته وصاروخ في مرآبه – لن يكون له بيت”.
وأضاف نتانياهو، خلال تواجده بقاعدة لشعبة الاستخبارات، مخاطبا “شعب لبنان”: “حربنا ليست معكم، حربنا مع حزب الله. (حسن) نصرالله يقودكم إلى حافة الهاوية. لقد أخبرتكم بالأمس بإخلاء المنازل، حيث وضع لكم صاروخاً في غرفة المعيشة وصاروخاً في المرآب”.
وتابع: “من لديه صاروخ في غرفة معيشته وصاروخ في مرآبه لن يكون له بيت (..)”.
وفي وقت سابق، الثلاثاء، أكد الجيش الإسرائيلي، في بيان نقله مراسل الحرة، أن “طائرات حربية بتوجيه من هيئة الاستخبارات قضت على إبراهيم محمد قبيسي، قائد منظومة الصواريخ والقذائف في حزب الله”.
وأشار البيان إلى أنه وقت الغارة التي وقعت في الضاحية الجنوبية في بيروت، كان قبيسي برفقة عدد من كبار قادة منظومة الصواريخ في حزب الله.
وأوضح أنه كان مسؤولا عن وحدات الصواريخ المختلفة في حزب الله، ومن ضمنها وحدات الصواريخ الدقيقة الموجهة.
وغداة يوم دام، تجددت الثلاثاء، موجة جديدة من الهجمات ضد أهداف تقول إسرائيل إنها تابعة لحزب الله، مما أسفر عن سقوط 6 قتلى و15 جريحا، بحسب وزارة الصحة اللبنانية.
مشهد مروع للغاية من لبنان يجب ان يشاهده العالم وسيحذفه تويتر خلال لحظات🔞💔 pic.twitter.com/aZOKXLKm7N
— طوفان الأقصى (@Afcq1954) September 24, 2024
وفي تطور آخر تحدثت جماعة حزب الله، الثلاثاء، عن إسقاط إسرائيل منشورات عليها باركود “خطير جدا” على مناطق سهل البقاع في شرق لبنان، محذرا من أن مسح هذ الباركود بالهاتف سيؤدي إلى “سحب كل المعلومات” من أي جهاز.
ولم يصدر تعليق على الفور من جانب الجيش الإسرائيلي بهذا الشأن.
وتصاعدت حدة المواجهات بين حزب الله وإسرائيل الأسبوع الماضي، مع سلسلة تفجيرات طاولت آلافا من أجهزة اتصال يستخدمها عناصره في عملية نسبت إلى إسرائيل، التي لم تعلق رسميا على تلك الهجمات.
ودعا بيان للجماعة المصنفة على لوائح الإرهاب بدول عدة، الثلاثاء، إلى حتمية إتلاف المنشورات مباشرة لأن الباركود “خطير جدا ويقوم بسحب كل المعلومات الموجودة لديكم”.
وتتبادل إسرائيل وحزب الله القصف عبر الحدود منذ الثامن من أكتوبر، في تصعيد بدأ غداة اندلاع الحرب بين الدولة العبرية وحركة حماس في قطاع غزة.
ومذاك، وجه الطيران الإسرائيلي مرارا عبر مكبرات صوت تحذيرات لسكان جنوب لبنان.
والاثنين، تلقى سكان في بيروت ومناطق لبنانية أخرى اتصالات عبر الهواتف الثابتة والنقالة مصدرها إسرائيل، يُطلب فيها منهم إخلاء أماكن وجودهم.
وأثارت الاتصالات حالة من الهلع، خصوصا أنها تزامنت مع غارات إسرائيلية عنيفة استهدفت جنوب لبنان وشرقه، وأسفرت حتى الآن عن 558 قتيلا، بحسب وزارة الصحة.
قتلى وجرحى نتيجة سقوط صواريخ حزب الله من لبنان على مواقع عسكرية صهيونية شمال فلسطين المحتلة 🇱🇧🇵🇸🔻 pic.twitter.com/mxcQHW5EbH
— غزة الآن – Gaza Now (@nowgnna) September 24, 2024
أين إيران؟
المأزق الذي يعيشه “حزب الله” في جنوب لبنان على المستوى العسكري، وعلى صعيد القاعدة الشعبية بفعل حملة الضربات الإسرائيلية، أطلق خلال الساعات الماضية تساؤلات ارتبطت على وجه محدد بالموقف الذي تتخذه إيران إزاء ما يجري الآن، وما ستتبعه لاحقا في حال تدحرجت كرة النار على نحو أكبر.
وقياسا بغيره من الوكلاء، لطالما وصفت مراكز أبحاث غربية الحزب اللبناني بـ”درة التاج الإيرانية”. ورغم أن لطهران أذرع أخرى في المنطقة، لم تصل إلى المرتبة التي وصل إليها “حزب الله”، وزعيمه حسن نصر الله، خلال السنوات الماضية.
ولا تعرف حتى الآن حدود الهجمات الإسرائيلية المستمرة في جنوب لبنان، وبينما كانت على أشدها، يوم الاثنين، حملت تعليقات إيرانية خرجت من نيويورك نبرة “تصالحية” على غير العادة، وذهب جزء آخر منها إلى نقطة فتح الباب أمام عملية “السلام المشروط” المتعلقة بعدة ملفات.
ولم تقتصر التعليقات على ما سبق فحسب، ففي مقابله له مع شبكة “سي أن أن” الأميركية، قال الرئيس الإيراني، مسعود بزشكيان، إن “حزب الله وحده لا يستطيع أن يقف في وجه دولة مسلحة (إسرائيل) تسليحا جيدا جدا ولديها القدرة على الوصول إلى أنظمة أسلحة تتفوق بكثير على أي شيء آخر”.
وأضاف في نبرة تخالف المنطق السائد منذ عقود، القائم على معادلة “الحليف والوكيل” وتقديم الدعم أنه “يجب على الدول الإسلامية عقد اجتماع من أجل صياغة رد فعل على ما يحدث”، في إشارة منه إلى حملة الضربات الإسرائيلية في لبنان.
وتأتي الهجمات الإسرائيلية المتواصلة على مناطق عدة في لبنان بعد أيام من ضربتين نسبتا لإسرائيل، الأولى فجّرت أجهزة البيجر التي يحملها عناصر “حزب الله”، وأسفرت الثانية عن مقتل قادة كبار في “وحدة الرضوان”، أبرزهم إبراهيم عقيل.
كما تعتبر تنفيذا للتهديدات التي أطلقها المسؤولون الإسرائيليون قبل أسبوعين، وأكدوا فيها على هدفهم بإعادة السكان إلى المناطق الشمالية، وهو الأمر الذي وضعه زعيم “حزب الله”، حسن نصر الله كتحدٍ في خطابه الأخير.
وتعد الضربات “استثنائية” في المقابل من زاوية الأهداف التي تستهدفها وحصيلة القتلى، إذ وفقا لوزارة الصحة اللبنانية خلفت الضربات الجوية الإسرائيلية حتى الآن أكثر من 550 قتيلا.
رد حزب الله !
أصدر حزب الله بيانات متتالية الثلاثاء، يعلن فيها عن استهدافه مواقع مختلفة شمال إسرائيل، من بينها قاعدة داوود العسكرية، التي أطلق حزب الله نحوها 90 صاروخاً، على مرحلتين.
كما أطلق حزب الله نحو 60 صاروخاً من لبنان على إسرائيل خلال ساعة، الأمر الذي تسبب في حريق وأضرار بممتلكات في شمال إسرائيل، بحسب وسائل إعلام إسرائيلية.
وقال حزب الله في بيان إنه “استهدف قاعدة شمشون [مركز تجهيز قيادي ووحدة تجهيز إقليمية إسرائيلي] بصواريخ فادي 3.” وهو صاروخ جديد يعلن عنه الحزب لأول مرة بحسب رويترز.
وذكرت الشرطة أن حريقًا اندلع في مرتفعات الجولان بعد إطلاق صواريخ باتجاه المنطقة، وألحق أضرارًا بممتلكات في “كفار ماندا”.
ودوّت صفارات الإنذار في شمال إسرائيل بالقرب من الحدود اللبنانية، في صفد ومحيطها وعكا والكرمل وضواحي حيفا والمناطق المحيطة.
وقالت وسائل إعلام إسرائيلية إنّ شظايا صاروخية سقطت في عدة مواقع في ضواحي حيفا وعكا والجليل الغربي.
وقالت الشرطة إنها تحضر عدة مواقع سقطت فيها شظايا صاروخية في كريوت بالقرب من حيفا وعكا والجليل الغربي.
ما مآلات “المأزق”؟
يرى الباحث في العلاقات الدولية، محمود علوش، أن خروج المواجهة بين إسرائيل و”حزب الله” عن السياق الذي راهنت إيران عليه في السابق “يزيد من مأزقها”.
وتدرك إيران الآن من جانب أن حربا واسعة على “حزب الله” تُشكل تهديدا وجوديا له، ويُمكن أن تنزلق إلى حرب إقليمية تتورط فيها.
ومن جانب آخر، يقول الباحث لموقع “الحرة” إن لطهران أولويتين رئيسيتين: الأولى تجنب التورط في حرب، والثانية خروج “حزب الله” من الحرب القائمة بأقل الأضرار.
ولا يزال “حزب الله” يُمثل قيمة كبيرة لإيران في المنطقة، ومن غير المتصور أن تكون طهران مُستعدة للتخلي عنه تماما، أو حتى استخدامه كورقة في مفاوضاتها مع الأميركيين والغرب من أجل صفقة نووية، بحسب علوش.
ويعتبر الباحث أن الحزب اللبناني “لا يقل أهمية بالنسبة لهم عن البرنامج النووي، لأنّه جوهرة قوتهم الإقليمية”.
ومن جهته، يعتقد الباحث الأميركي في شؤون الشرق الأوسط، راين بوهل، أن إيران “ستظل تزيد من دعمها المادي لحزب الله، وتضمن حصوله على الترسانة التي يحتاجها لخوض حرب طويلة مع إسرائيل”.
وما لم تتحول هذه الحرب إلى وجودية ضد “حزب الله”، أو تبدأ في التأثير بشكل مباشر على المصالح الإيرانية، فإن إيران “ستظل مجرد مورد وليس مشاركا أو منخرطا مباشر”، وفقا لقول الباحث الأميركي لموقع “الحرة”.
ولا يزال الإسرائيليون يصرون على ضرب “حزب الله” بقوة، ويواصلون الإعلان عن ضربات جوية يتم تنفيذها بالتدريج ضمن إطار عملية أطلقوا عليها اسم “سهام الشمال”.
وبعد بدء حملتهم، الاثنين، قالوا إن زعيمه حسن نصر الله “بقي وحيدا”، في إشارة منهم إلى الاغتيالات التي قتلت أبرز قادته، وآخرهم عقيل.
ويوضح الباحث الأميركي بوهل أن “مخاطر الانخراط الإيراني قد تتزايد في حال استمرت حملة إضعاف حزب الله إلى مستويات كبيرة”.
تزامنا مع توسيع الجيش الإسرائيلي نطاق ضرباته لـ #حزب_الله في #لبنان.. #إيران تستعرض أسلحتها في شوارع #طهران#قناة_العربية pic.twitter.com/eDHFI3pi9C
— العربية (@AlArabiya) September 24, 2024
ويشرح أن “إيران، وفي حال اعتقدت أن الحرب قد تؤدي إلى إضعاف موقف وكيلها في لبنان بشكل قاتل قد تضرب في سياق سيناريو التصعيد الأقصى (ردا على اغتيال هنية) أو تحرك جبهات أخرى من العراق واليمن”.
“شهية إيرانية أقل“
وتشير المواقف الصادرة من إيران إلى “وجود شهية أقل” من جانب طهران لحرب إقليمية تضعها مباشرة في مواجهة إسرائيل، وفق باتريسا كرم، وهي باحثة غير مقيمة في برنامج لبنان في “معهد الشرق الأوسط” بواشنطن.
وتضيف الباحثة، في تقدير موقف نشره المعهد الأميركي، الثلاثاء، أن إيران سعت خلال الأشهر الماضية إلى تجنب مثل هذه المواجهة المفتوحة، انطلاقا من “لعب لعبة الردع مع الجانب الإسرائيلي”.
وكان “حزب الله” المحور الرئيسي لهذه الاستراتيجية، التي اعتمدت على الحرب غير المتكافئة ضد إسرائيل، ما سمح لإيران بالانخراط في المعركة مع الحفاظ على إنكار معقول، بحسب باتريسا كرم.
وتؤكد التصريحات، التي أطلقها بزشكيان من نيويورك، أن إيران لا تزال غير راغبة أو تنوي الانخراط بحرب شاملة وأوسع نطاقا، في سلوك انعكس في أكثر من محطة مؤخرا.
وكانت أبرز تلك المحطات حادثة اغتيال زعيم حركة “حماس” السياسي، إسماعيل هنية، وسط طهران.
ويوضح الباحث في العلاقات الدولية علوش أن “تراجع إيران عن الانتقام لاغتيال هنية يعكس إدراكها للمخاطر”.
لكنه يقول في المقابل، وبناء على التطورات الحاصلة، إن “مخاطر الحرب الشاملة بين إسرائيل وحزب الله تُبقي على هذه المخاطر مرتفعة للغاية”، مما يدفع الإيرانيين إلى إظهار مرونة في تهدئة الاضطراب الإقليمي.
ويُمكن النظر إلى توقيت عرض الإيرانيين بالتفاوض النووي وكما جاء على لسان بزشكيان أنه “مُصمم لتحفيز الغرب على ردع إسرائيل توسيع عن الحرب، مقابل مزايا التراجع عن حافة الهاوية والتسوية النووية”.
ومع ذلك، يشير علوش، إلى أن “ما لا يُدركه الإيرانيون أو أدركوه مؤخرا من أن بنيامين نتانياهو عازم على تحقيق هدفه بتغيير الشرق الأوسط بعد 7 أكتوبر”.
وأحدث ما حصل في السابع من أكتوبر تغييرا كبيرا على نظرة إسرائيل لكيفية التعامل مع التهديدات المحيطة بها.
ويشرح الباحث علوش أن “إسرائيل بعد تلك المحطة لم تُصمم استراتيجيتها في الحرب من أجل استعادة الردع الذي كان قائما، بل من منظور الفرص التي أوجدتها لنفسها، لإحداث تحول عميق في صراعها المباشر مع حماس في غزة وحزب الله في لبنان وصراع الوكالة مع إيران”.
ويعتقد الباحث الأميركي بوهل أن الموقف الذي أبداه بزشكيان له ديناميكيات متعددة، أولها أن الرئيس الإيراني تم انتخابه على أساس برنامج انتخابي معتدل نسبيا، ولذا فهو ملتزم بهذا التفويض.
ويذهب مسار آخر باتجاه “غياب الضرورة الملحة لتدخل إيران المباشر، خاصة أن المنطقة لم تصل إلى مرحلة الحرب الشاملة بين إسرائيل وحزب الله”، بحسب بوهل.
“الطرفان في حيرة“
وتريد إسرائيل من “حزب الله” أن ينسحب من الحدود ويتنازل عن المنطقة العازلة التي طالب بها، بحسب الباحث الأميركي بوهل.
ويعتقد أن “إسرائيل مهتمة الآن بشن حملة جوية مكثفة لتدمير البنية الأساسية لحزب الله في تلك المنطقة وتهيئة المنطقة لغزو بري محتمل”.
وتعد خطوة “الغزو البري” إجراء أخيرا لن يتم اللجوء إليه، إلا إذا تمكن “حزب الله” من مقاومة هذه الحملة الجوية ضده، وفقا لذات المتحدث.
ولم يستبعد المسؤولون الإسرائيليون، الاثنين، أن يلجؤوا لخيار الاجتياح البري.
وفيما يتعلق بـ”حزب الله”، لم يصدر أي بيان من جانبه حيال التطورات الأخيرة، دون أن يشمل ذلك مسألة الإعلان عن توجيه قصف بالصواريخ إلى داخل إسرائيل.
ويتوقع آرون لوند، وهو خبير في “مؤسسة القرن”، يركز على سياسات الشرق الأوسط، أن تظل العلاقة بين إيران و”حزب الله” متينة، لكنه يقول إن “الطرفين في حيرة بشأن كيفية الرد على التصعيد الإسرائيلي”.
ويبدو أن “حزب الله” فقد السيطرة على التطورات، ولم يعد قادرا على ردع إسرائيل عن المضي قدما بشكل فعال.
ويضيف لوند لموقع “الحرة” أن الجماعة المدعومة من إيران “قد تحتاج إلى إيجاد توازن جديد فيما إذا كانت ستحاول الاستمرار في زعزعة استقرار شمال إسرائيل لزيادة الضغط من أجل وقف إطلاق النار في غزة”.
ويشمل الهدف من “التوازن الجديد” محاولة “ردع المزيد من التقدم الإسرائيلي والهجوم البري المحتمل”.
ومن غير الواضح إلى أي مدى يمكن لإيران أن تساعد في الأمد القريب، رغم أن التهديد بشن هجمات صاروخية وطائرات من دون طيار، كرد متأخر على مقتل إسماعيل هنية، قد يلعب دورا في الحسابات الإسرائيلية، بحسب الخبير في مؤسسة “القرن”.
وفي المقابل يرى الباحث في الشأن الإيراني، سعيد شارودي، أن “إيران لن تترك حزب الله في الحرب ضد إسرائيل كما الحال الذي اتبعته في سوريا خلال عقد من الزمن”.
ويقول شارودي، المقيم في طهران لموقع “الحرة”، إن “إيران لديها معرفة تامة بجاهزية وقدرات حزب الله، وهي في حال اتصالات متواصلة وتنسيق تام معه على مدار الساعة فيما يخص تطورات ومجريات الأمور في الميدان”.
وفيما يتعلق بحالة التصعيد القائمة، يضيف الباحث الإيراني إن بلاده “لا تشعر أن حزب الله بحاجة إلى أي تدخل مباشر من قبلها في الوقت الراهن”.
كما يتابع أنها “متأكدة من قوته وقدرته على إدارة الحرب ضد إسرائيل بكفاءة عالية، تمكنه من إفشال مخططات وطموحات الأخيرة العسكرية والسياسية”.
“سيناريوهان“
وخسر “حزب الله” إثر ضربات إسرائيلية قادة كبار في الصف الأول، كان أبرزهم قبل إبراهيم عقيل، القيادي العسكري الأول فؤاد شكر.
وتقول إسرائيل الآن إن ضرباتها تستهدف بنى تحتية ومنازل يستخدمها الحزب لتخزين الأسلحة والصواريخ ولشن الهجمات.
ويرى راز زيمت، وهو باحث كبير في معهد دراسات الأمن القومي (INSS) بتل أبيب، أنه “لا يوجد في المرحلة الحالية سبب حقيقي لإيران للتدخل المباشر في القتال الدائر”.
ويوضح أنه، على عكس التقييمات (المتفائلة بشكل مفرط) بشأن “هزيمة حزب الله” فإن التقييم في إيران هو أنه رغم تدمير قدرات الأخير والضربات الثقيلة التي وجهت له الأسبوع الماضي “فإن إسرائيل لا تملك القدرة على هزيمته”.
ويمكن لإيران زيادة الضغط على إسرائيل في المرحلة المقبلة من خلال استخدام الميليشيات الموالية لها من العراق وسوريا واليمن، لكن من المشكوك فيه للغاية أن تغير منطقها في هذا الوقت، بحسب زيمت.
وبينما لا يستبعد الباحث أن تغير إيران تقييمها لقدرتها على الاحتفاظ بـ”حزب الله” كذراع استراتيجي لها لردع إسرائيل والرد على أي هجوم على منشآتها النووية، وهو ما قد يؤدي إلى تورط إيراني مباشر في الحملة يتوقع حصول سيناريو آخر.
ويستعرضه بالقول: “من الممكن أن نفترض أنه في هذه المرحلة الخطيرة سوف تكون الضغوط الداخلية (في لبنان وإسرائيل)، والخارجية (من جانب المجتمع الدولي)، كبيرة إلى الحد الذي قد يجعل من الممكن فرض وقف إطلاق النار على الطرفين، بصرف النظر عن سلوك إيران”.
“كان يوم الاثنين هو الأكثر دموية في لبنان منذ عام 2006، آخر مرة خاض فيها حزب الله واسرائيل حربًا فعليّة” حسبما وصف وزير الصحة اللبناني يوم الإثنين.
وقال وزير الصحة اللبناني فراس الأبيض إن 558 شخصا قتلوا، بينهم 50 طفلا و94 أمرأة، وأصيب 1835 آخرين بجروح جراء الغارات الإسرائيلية على مناطق متفرقة في لبنان.
وأكد الوزير أنَّ 54 مستشفى شاركت في تقديم الخدمات الطبية اللازمة للمصابين، وأن أربعة من المسعفين سقطوا قتلى، جراء استهداف 14 سيارة إسعاف، كما أصيب 16 شخصا من فرق الإطفاء.
وأجبرت الغارات الجوية الإسرائيلية، التي ضربت مناطق في جنوب وشرق لبنان، عشرات الآلاف على مغادرة منازلهم على طول الحدود.
وشهدت الطرق بدءًا من صيدا، ثالث أكبر المدن اللبنانية وفقاً لعدد السكان، ووصولا إلى منطقة رأس النبع في العاصمة بيروت، أزمة سير خانقة، فراراً من الغارات الكثيفة صوب ملاجئ مؤقتة في بيروت.
واستغرقت رحلة النزوح من الجنوب إلى بيروت نحو 17 ساعة، بحسب ما نقل فريق بي بي سي في لبنان عن أحد النازحين، الذي وصف الرحلة بـ “المرهقة”، وأكد أن الضربات الإسرائيلية “استهدفت الطريق الرئيسي وأجبرت الفارين على السير في طرق فرعية صغيرة”.
وقال آخرون لبي بي سي إن رسائل تحذيرية وصلت هواتفهم أجبرتهم على مغادرة منازلهم قبل دقائق من “غارات عنيفة استهدفت مئات البلدات”.
كما أكدوا أن رحلة نزوحهم والتي استغرقت ثماني ساعات في المتوسط، شهدت أصوات انفجارات وصواريخ تسببت بحالة من الهلع بين اللبنانين، لا سيما الأطفال والنساء.
أما بيروت، فقد شهدت حركة مرورية أقل من المعتاد، بسبب إغلاق عدد من الشركات أبوابها، بينما تُستخدم المدارس كمراكز لإيواء النازحين.
الناس/متابعة