هكذا أغضبت تصريحات الإعلامي والوزير اللبناني البارز جورج قرداحي السعودية وحلفاءها
لازالت تداعيات تصريحات سابقة للإعلامي اللبناني البارز والوزير في الحكومة الحالية، جورج قرداحي، تثير الكثير من ردود الفعل العربية، حيث عبرت السعودية وبعض الدول الخليجية الحليفة لها عن غضبها، من تصريحات اعتبر فيها قرداحي أن “الحرب في اليمن عبثية”، وأن جماعة “الحوثيين” هم في حالة “دفاع عن نفس”.
واعتبر وزير الإعلام اللبناني جورج قرداحي في مقابلة تلفزيونية بُثت الاثنين الماضي أن الحوثيين المدعومين من إيران “يدافعون عن أنفسهم.. في وجه اعتداء خارجي” من السعودية والإمارات. علما أنه سجل هذه التصريحات قبل تعيينه وزيرا في سبتمبر.
وقال قرداحي في برنامج “برلمان الشعب”، الذي يذاع على موقع “يوتيوب” في إشارة إلى الحوثيين، “منازلهم وقراهم وجنازاتهم وأفراحهم تتعرض للقصف بالطائرات” التابعة للتحالف الذي تقوده السعودية.
وأثارت تصريحات قرداحي، وهو إعلامي تلفزيوني سابق، يحظى بشهرة واسعة في الدول العربية، ضجة كبيرة على مواقع التواصل الاجتماعي، لاسيما بين السعوديين الذين هاجموه بقوة.
وأعربت وزارة الخارجية السعودية في بيان عن “أسفها” لما تضمنته “التصريحات المسيئة الصادرة عن وزير الإعلام اللبناني حيال جهود تحالف دعم الشرعية في اليمن التي تقودها السعودية”.
واعتبرتها “تحيزا واضحا لمليشيا الحوثي الإرهابية المهددة لأمن واستقرار المنطقة”.
وقالت إن “تلك التصريحات تتنافى مع أبسط الأعراف السياسية ولا تنسجم مع العلاقات التاريخية بين الشعبين الشقيقين”.
وأشارت إلى أنها “استدعت سفير الجمهورية اللبنانية وتم تسليمه مذكرة احتجاج رسمية بهذا الخصوص”، قبل أن تقرر استدعاء سفيرها في بيروت وطرد السفير اللبناني.
وأوضح قرداحي، المقدم السابق لبرنامج “من سيربح المليون” على محطة “إم بي سي” السعودية، أن الحلقة المثيرة للجدل تم تصويرها في أغسطس قبل توليه منصبه بشهر.
ورفض الأربعاء ردا على أسئلة صحافيين “الاعتذار” عن “آرائه الشخصية”. وقال “أنا لم أخطئ في حق أحد. ولم أتهجم على أحد. فلِمَ أعتذر؟”.
وقالت الحكومة اللبنانية الثلاثاء إن كلام قرداحي “مرفوض ولا يعبر عن موقف الحكومة إطلاقا، خصوصا في ما يتعلق بالمسألة اليمنية وعلاقات لبنان مع أشقائه العرب”، مشيرة إلى أنها جاءت في مقابلة أجريت معه قبل توليه منصبه الوزاري بعدة أسابيع.
واجتمعت السبت خلية الأزمة الوزارية التي شكلها رئيس الوزراء نجيب ميقاتي الموجود في غلاسكو، وشارك القائم بأعمال السفارة الأمريكية لدى بيروت ريتشارد مايكل في جزء من الاجتماع.
وقال وزير التربية عباس الحلبي لصحافيين: “نقول إن المعالجة قائمة وأملنا كبير بأننا سنتوصل في وقت قصير إلى استدراك هذا الأمر وإعادة فتح صفحة جديدة”.
وأضاف “كل ما تطلبه الحكومة اللبنانية هو فتح أبواب الحوار لأن هذا هو السبيل الوحيد لحل كل المشاكل”.
وقالت الرئاسة اللبنانية إن الرئيس ميشال عون “تابع المداولات التي طرحت خلال اجتماع” خلية الأزمة. وأضافت أن الرئيس جدد “التأكيد على حرصه على إقامة أفضل وأطيب العلاقات مع المملكة العربية السعودية الشقيقة، ومأسسة هذه العلاقات وترسيخها من خلال توقيع الاتفاقات الثنائية بين البلدين الشقيقين، بحيث لا تؤّثر عليها المواقف والآراء التي تصدر عن البعض، وتتسبب بأزمة بين البلدين، لاسيما وأن مثل هذا الأمر تكرر أكثر من مرة”.
ويسود فتور في العلاقات بين السلطات اللبنانية والمملكة العربية السعودية منذ سنوات، في ظل اتهام الرياض للمسؤولين اللبنانيين بعدم التصدي لحزب الله، حليف إيران، بعد أن كانت السعودية من أبرز داعمي لبنان سياسيا وماليا.
وفي مايو الماضي، طلب وزير الخارجية والمغتربين في حكومة تصريف الأعمال آنذاك شربل وهبة إعفاءه من منصبه، بعدما أثارت تصريحات أدلى بها أزمة دبلوماسية مع السعودية ودول خليجية أخرى.
وبحسب محللين، فإن الأزمة الدبلوماسية بين الرياض وبيروت تتخطى تصريحات قرداحي حول الحرب في اليمن، لتعكس صراعا سعوديا إيرانيا يدفع ثمنه مجددا لبنان الغارق في أسوأ أزماته الاقتصادية.
ويدور نزاع في اليمن بين حكومة يساندها منذ العام 2015 التحالف العسكري بقيادة السعودية، والمتمردين الحوثيين المدعومين من إيران والذين يسيطرون على مناطق واسعة في شمال البلاد وغربها وكذلك على العاصمة صنعاء منذ 2014.
وأسفر النزاع عن مقتل عشرات آلاف الأشخاص، بينهم الكثير من المدنيين، وفق منظمات إنسانية عدة. وأكدت الأمم المتحدة مرارا أن اليمن يشهد أسوأ أزمة إنسانية في العالم حاليا.
إجراءات عربية ضد لبنان..
واتخذت العديد من دول الخليج إجراءات بحق لبنان، لما اعتبرته “إساءة” و”تحيزا” بحق السعودية والإمارات، وفي ما يلي أبرز تلك الإجراءات:
استدعت السعودية أمس الجمعة سفيرها في لبنان للتشاور، وكذلك طلبت من سفير لبنان لدى المملكة المغادرة خلال 48 ساعة القادمة.
وجاء في البيان الرسمي بهذا الصدد أن الحكومة السعودية “تعلن استدعاء سفير خادم الحرمين الشريفين لدى الجمهورية اللبنانية للتشاور، ومغادرة سفير الجمهورية اللبنانية لدى المملكة العربية السعودية خلال الـ 48 ساعة القادمة”.
كما قررت السعودية أيضا “وقف كافة الواردات اللبنانية إلى المملكة، كما سيتم اتخاذ عدد من الإجراءات الأخرى لتحقيق تلك الأهداف. وحرصاً على سلامة المواطنين في ظل ازدياد حالة عدم استقرار الأوضاع الأمنية في لبنان، فإن حكومة المملكة تؤكد على ما سبق أن صدر بخصوص منع سفر المواطنين إلى لبنان”، مؤكدة “حرصها على المواطنين اللبنانيين المقيمين في المملكة، وأنها لا تعتبر أن ما يصدر عن السلطات اللبنانية معبرا عن مواقف الجالية اللبنانية المقيمة في المملكة”.
وكشفت صحيفة “عكاظ” السعودية عن توجه إدارة مجموعة “MBC” لإغلاق جميع مكاتبها في لبنان بشكل نهائي، وانتقالها بكامل معداتها إلى الرياض، على خلفية تصريحات جورج قرداحي، حيث أن رئيس مجلس إدارة مجموعة “MBC”، وليد بن إبراهيم آل إبراهيم، استنكر كلام قرداحي معتبرا أنها “اتهامات مغرضة” بحق السعودية والإمارات.
في سياق ذلك استدعت وزارة الخارجية الكويتية، اليوم السبت، سفيرها من لبنان، وطلبت من القائم بالأعمال لديها مغادرة أراضيها خلال 48 ساعة، لافتة إلى أن “قرارها حول لبنان جاء بسبب استمرار التصريحات السلبية من المسؤولين اللبنانيين، واستنادا للعلاقة التاريخية والروابط بين الكويت والسعودية”.
كما كانت الكويت قد أعلنت، الأربعاء الماضي، عن استدعاء القائم بالأعمال اللبناني لديها، للاحتجاج على تصريحات وزير الإعلام جورج قرداحي حول حرب اليمن. وفي بيان لها، أعربت الخارجية الكويتية عن “استنكار ورفض دولة الكويت الشديد للتصريحات الإعلامية الصادرة عن وزير الإعلام اللبناني تجاه المملكة العربية السعودية ودولة الامارات العربية المتحدة الشقيقتين”.
من جانبها، طالبت وزارة الخارجية البحرينية، أمس الجمعة، من السفير اللبناني في المنامة مغادرة المملكة خلال 48 ساعة، وقالت الخارجية، في بيان، إن قرارها يأتي “على خلفية سلسلة التصريحات والمواقف المرفوضة والمسيئة التي صدرت عن مسؤولين لبنانيين في الآونة الأخيرة”.
وأوضحت الوزارة البحرينية أن “هذا القرار لا يمس بالأشقاء اللبنانيين المقيمين في المملكة”.
ومن جهتها استنكرت الإمارات بشدة التصريحات التي أدلى بها وزير الإعلام اللبناني، حول التحالف العربي الذي تقوده السعودية في اليمن، وأعربت الخارجية الإماراتية عن “استنكارها واستهجانها الشديدين إزاء هذه التصريحات المشينة والمتحيزة، التي أدلى بها جورج قرداحي، والتي أساءت إلى دول تحالف دعم الشرعية في اليمن”.
واستدعت وزارة الخارجية سفير لبنان في الإمارات وأبلغته احتجاجها واستنكارها على هذه التصريحات، التي تعد مهاترات تتنافى مع الأعراف الدبلوماسية وتاريخ علاقات لبنان مع دول التحالف العربي في اليمن، مشددة على أن التصريحات تنم عن الابتعاد المتزايد للبنان عن أشقائه العرب.
هذا وسلم سفير اليمن لدى بيروت، عبدالله الدعيس، أمين عام وزارة الخارجية اللبنانية، هاني شميطلي، رسالة احتجاج على التصريحات التي أدلى بها جورج قرداحي، وأعربت الخارجية اليمنية في رسالة الاحتجاج عن استغرابها الشديد من هذه التصريحات “التي تسيء للعلاقات اليمنية اللبنانية، وتتناسى جرائم الميليشيات الحوثية ضد الشعب اليمني وانقلابها على الحكومة الشرعية ومحاولاتها الاستيلاء على السلطة بالقوة المسلحة، واستمرار رفضها لكل دعوات السلام، في تحد واضح للقرارات الأممية كافة”.
الناس/وكالات