هل تتحقق النقلة التنموية بالمغرب بعد اكتشاف احتياطات كبيرة للنفط؟

0

رفع الإعلان عن اكتشافات نفطية كبيرة في سواحل أغادير جنوب المغرب مؤخرا منسوب التفاؤل لدى المسؤولين بشأن إمكانية حصول بلدهم على إيرادات مستدامة في المستقبل بعد بدء عمليات الإنتاج رسميا.

وتتزايد المؤشرات على أن البلاد تقترب بثبات صوب تحقيق طموح التحول إلى بلد منتج للطاقة الأحفورية، في ظل تتالي إعلانات الشركات العالمية عن اكتشافات عدة لحقول النفط والغاز مما يمهد الطريق وفق خبراء لتحقيق قفزة اقتصادية كبيرة في كافة القطاعات الأخرى مع بدء عمليات الإنتاج الفعلي، وفق ما نقلت جريدة “العرب” اللندنية.

ويقول محللون إن اهتمام المغرب بالتنقيب عن النفط، كما هو الحال مع الغاز، سيساعده مع مرور السنوات على تخفيف فاتورة واردات الطاقة سنويا والتي تصل في المعدل إلى ثلاثة مليارات دولار

وأعلنت شركة أوروبا أويل آند غاز المدرجة في بورصة لندن الأسبوع الماضي عن اكتشاف احتياطي من النفط تشير تقديراتها إلى أنه يصل إلى مليار برميل، وذلك بعد انتهاء الدراسات التقنية في المنطقة البحرية المحاذية لعاصمة سوس.

وذكرت الشركة في بيان نشرته على منصتها الإلكترونية أن “المنطقة البحرية بإنزكان تقدم فرصا استثمارية جاذبة للشركات النفطية العالمية”.

واستأنفت مجموعة من شركات النفط العالمية عمليات التنقيب عن النفط والغاز الطبيعي بمختلف مناطق المغرب بعد فترة توقف خلال العام 2020 بسبب التداعيات الاقتصادية والصحية الناجمة عن تفشي الجائحة.

ونقلت وسائل إعلام مغربية محلية عن الرئيس التنفيذي للشركة سيمون أودي قوله إن “أوروبا أويل آند غاز حفرت عشر آبار في المياه البحرية العميقة، لكن أغلب المنطقة البحرية مازالت غير مستكشفة على النحو الكافي”.

ويستحوذ العملاق البريطاني على 75 في المئة من الترخيص في حقل إنزكان البحري، بينما يمتلك المكتب الوطني للهيدروكاربورات والمعادن الحكومي الحصة المتبقية.

ويمتد ترخيص التنقيب عن النفط والغاز في سواحل أغادير، على مساحة تبلغ حوالي 12 ألف كيلومتر في المحيط الأطلسي، إلى ثماني سنوات.

ولم يعلن الطرفان حتى الآن عن موعد البدء في عمليات الإنتاج الفعلية، لكن على الأرجح سيتطلب بعض الوقت. كما لم تتم الإشارة بشكل دقيق إلى مسألة ما إذا كان الأمر يتعلق بموارد محتملة أو باحتياطيات مؤكدة.

وأشار موقع “موتورباسيون” الإسباني إلى أن هذا الاكتشاف الجديد، الواقع على بعد أقل من 200 كم شمال شرق لا غراسيوسا وقبالة الساحل المغربي سيدي إفني وطانطان وطرفاية، بمثابة “كنز”.

وبحسب تقديرات خبراء الموقع فإن قيمة هذا الاكتشاف تقدر بحوالي 110 مليارات يورو (117 مليار دولار)، وهو ما يعادل تقريبا الناتج المحلي الإجمالي للمغرب في عام 2020، عندما بلغ 112 مليار دولار.

وتتطلع الأوساط الشعبية المغربية بلهفة كبيرة إلى أية بيانات أو أنباء عن إمكانية امتلاكها لثروات من النفط والغاز منذ سنوات طويلة، إلا أن محللين يؤكدون أن عقبات متشابكة تواجه الوصول إلى مرحلة الإنتاج التجاري.

وتلقت أحلام المغرب بدخول نادي البلدان المنتجة للنفط والغاز زخما كبيرا في السنوات الأخيرة، بعد ظهور مؤشرات مشجعة على امتلاكه لاحتياطات قابلة للاستخراج، لكنها لا تزال تواجه عقبات كبيرة لتحقيق ذلك.

ويعد البلد من أفقر دول المنطقة العربية في موارد الطاقة إلى جانب الأردن وتونس ولبنان، وجميعها تعاني من فاتورة الطاقة الباهظة وعجز مالي في موازناتها وديون داخلية وخارجية متراكمة.

ونتيجة لذلك تتعرض إلى ضغوط من المانحين الدوليين لإلغاء سياسات الدعم التي ترفع الأسعار وتؤجج نار التضخم، خاصة عندما تصبح أسعار النفط في مستويات عالية مثلما هو الحال اليوم في خضم تداعيات الحرب الروسية – الأوكرانية.

وتتشابك مصالح الإنتاج الوشيك للنفط مع المصالح الإقليمية والجدوى الاقتصادية ومصالح الشركات العالمية وتداعيات الأزمات القائمة مع دول الجوار.

وعلى الرغم من أن عمليات التنقيب تستغرق سنوات، بالنظر إلى المخاطر المحفوفة بتلك العمليات والحاجة إلى تقييمها قبل الانتقال إلى مرحلة التطوير والإنتاج، إلا أن المسؤولين المغاربة يحدوهم طموح تحقيق أهدافهم مهما كانت التكاليف.

ويستورد المغرب كل احتياجاته من الطاقة تقريبا ويغطي إنتاجه من الغاز أقل من 20 في المئة من احتياجات البلاد، وخاصة لتشغيل مولدات الكهرباء.

ولذلك تعمل الرباط على تنويع مزيج الطاقة عبر التركيز على مشاريع الطاقة البديلة لإنتاج الكهربائية مع تنمية عدد من حقول النفط والغاز لتغطية الطلب المتزايد على الطاقة.

ويراهن المسؤولون المغاربة على دخول شركات طاقة عالمية إلى البلاد بعد تأكيدهم قبل أكثر من أربعة أعوام على وجود احتياطات كبيرة من النفط والغاز في البلاد تحتاج إلى من يقوم باستخراجها.

ويبدو أن الاهتمام الذي يثيره نفط المغرب وغازه قد تنامى كثيرا بفضل ما قدمته التكنولوجيا إلى الشركات من مساعدة على اكتشاف حقول جديدة على مدى العقد الماضي، في مناطق تم تجاهلها سابقا.

ويتسلح المغرب لتنفيذ استراتيجيته في هذا المضمار باستقرار مناخ الأعمال، حيث يتيح هذا المعطى لشركات النفط العالمية الدخول إلى السوق المحلية بشكل يحقق لها الكثير من العوائد.

وتشير بعض البيانات إلى أن نحو 34 شركة عالمية تعمل في المغرب منذ العام 2008، في وقت تتسابق فيه شركات أخرى على الاستثمار في مشاريع التنقيب عن النفط.

وخلال السنوات الماضية أشارت شركات بريطانية وأميركية وأسترالية إلى وجود كميات ضخمة من النفط والغاز في المياه الإقليمية المغربية، صالحة للاستخراج التجاري.

ويتجنب المسؤولون المغاربة الخوض في تفاصيل عمليات الاستكشاف، لأنهم لا يريدون تكرار سيناريو تالسينت قرب الحدود الجزائرية، عندما حصلت مبالغة في تقييم حجم الاستكشاف عام 2000، ما أثار ردود فعل حول مصداقية المعلومات.

الناس/متابعة

 

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

أترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.