وما يزال بنكيران يُدلّس على الناس حتى يُبعث مُدلّسا !
نورالدين اليزيد
الذي تابع يوم الأحد الماضي خطاب أمين عام حزب العدالة والتنمية ورئيس الحكومة الأسبق المدعو عبدالإله بنكيران، يقف عند حقيقة واحدة ووحيدة، تفسر بشكل جلي دور “الواقي” (ليس الذكري وإن كان هناك بعض التشابه) الذي قام به هذا الحزب “الإسلامي”، في سرقة ووأد حراك اجتماعي شعبي جاء ليصحح ما أفسده سياسيون طيلة سنوات، وهو إعادة الكرامة للمواطن ومحاربة الفساد والاستبداد وتوزيع عادل لثروات البلاد!
بنكيران الذي يبدو اليوم كمِثل ذاك الحمل الوديع، يدافع عن حكومة عزيز أخنوش، الذي نصب له كمين “البلوكاج” أمام تشكيل الحكومة غداة فوز حزبه في انتخابات 2016، والذي استمر نحو نصف سنة، وكان سببا في إخراجه القصري من رئاسة الحكومة، يحاول (بنكيران) اليوم أن يجد لهذه الحكومة الأعذار تلو الأخرى. ويكشف من جديد الاستعداد الفطري الهائل لديه للقيام بكل الأدوار التي قد تُطلب أو حتى تلك التي لا تُطلب منه، من طرف الحُكم، لاسيما بعدما ذاق بذخ ولذة المقابل عليه وعلى آله وصُحبه وعشيرته وزبانيته الأقربين، واسألوهم عن قيمة معاشاتهم المليونية الربوية التي باتت تُضخ عليهم من خزينة هذه البلاد المُهمش والمُفقر عبادُها..
الأمر إذن لا يتعلق بمبادئ يؤمنون بها، لأن حقيقة هذا الاعتقاد لديهم كذّبتها وفضَحتْها ممارستُهم للحكم طيلة 10 سنوات، ولكننا عندما نتابع خرجات بنكيران الأخيرة، يزداد يقيننا وإيماننا، بأن هؤلاء الذين يتاجرون بالمقدس/الدين، مِن أجل المدنس مِن متع الحياة الدنيا مِن مال وتقاعد سمين ودسِم وتعويضات، يستطيعون بل من البديهي أن يتاجروا بأحلام المواطنين.
لا يمكن الحديث عن أي تغيير قد حدث في أية مرجعية أو أدبيات تمتح من معين الدين المفترى عليها، سواء لدى عبدالإله بنكيران أو حزبه؛ فالمرجعية الدينية التي صدعوا رؤوسنا بها، لطالما فضحتها خرجات قياداته اللاأخلاقية المتناقضة تماما مع الآداب المحافظة التي يدعون إليها، ويعتبرونها المحدد والمؤطر لحياتهم اليومية ولعملهم وممارستهم الحركية والسياسية؛ ولا داعي لإعادة التذكير بمغامرات النائبة البرلمانية والوزير في شوارع باريس، أو بتلك العلاقات الغادرة بين الوزير وزميلته وانتهت بتدمير أسرة؛ كما لا داعي للتذكير بإباحة تقاعد فاحش وغير مستحق لكبيرهم، وهو ما يعتبر ربىً بل هو السحت بعينه مادام يؤخذ من مال الفقراء والمعوزين، ولم يؤد عليه صاحبه أي اقتطاع أو أنه عمل في مقابله لسنوات طوال..
الأمر إذن لا يتعلق بمبادئ يؤمنون بها، لأن حقيقة هذا الاعتقاد لديهم كذّبتها وفضَحتْها ممارستُهم للحكم طيلة 10 سنوات، ولكننا عندما نتابع خرجات بنكيران الأخيرة، يزداد يقيننا وإيماننا، بأن هؤلاء الذين يتاجرون بالمقدس/الدين، مِن أجل المدنس مِن متع الحياة الدنيا مِن مال وتقاعد سمين ودسِم وتويضات، يستطيعون بل من البديهي أن يتاجروا بأحلام المواطنين.
لا نتجنى على هؤلاء ولا أولئك، ودأبنا دوما أن نسمي الأمور بمسمياتها؛ وكما قلنا منذ البداية إن “مول المازوط”، كما يطلق على رئيس الحكومة الحالي، إنما جاء بالوهم إلى الجماهير عندما اقترح مشروع “أوراش” لاستيعاب جحافل العاطلين عن العمل، وهُم الذين وعد بتشغيل مليون شخص مِنهم عندما يصل إلى الحكومة، فإننا نُصِر على القول إن حزب “بيجيدي” الإسلامي يعتبر أكبر مقلب وخدعة ضيّعت على البلاد والعباد فرصة مواتية نحو الدولة الديمقراطية المنشودة. وما يزال اليوم يعرض خدماته على من يهمهم الأمر من صناع القرار، بأن يساعد على عرقلة أي مسار احتجاجي أو إجهاض أي حراك شعبي نحو الانعتاق ومحاربة الظلم والتسلط؛ وما إصرار بنكيران على تسفيه، بل وما يشبه تخوين نشطاء محركي “المقاطعة” الاقتصادية الشعبية، في سنة 2018، ضد غلاء الأسعار والاحتكار، والتي أرسلت رسائل قوية إلى الدولة ومعها كبار الباطرونا، الذين رضخوا لكثير من مطالب المُقاطعين، واضطروا لتخفيض أسعار كثير من المواد، ثم عودته إلى التشكيك في حركة 20 فبراير التي تزعمت صيغة المغرب من “الربيع العربي” في سنة 2011؛ أضف إلى ذلك تشكيكه الجبان وغير المبرر، وهو المنتمي يا حسرة إلى صفوف المعارضة كما هو مفروض، في دعوات نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي رئيس الحكومة عزيز أخنوش إلى الرحيل، كإشارة على غضبهم ورفضهم لبرنامجه الحكومي، ما يعتبر مسألة صحية وطبيعية خاصة في ظل غياب مخيف لمعارضة سياسة قوية.. كل ذلك ومؤشرات أخرى، تفيد أن هذا الحزب الذي يصر على مواصلته المتاجرة بالمرجعية، حتى ولو انتهت به، كما تابع الناس جميعا، إلى تلك المهانة وذاك الإذلال والسقوط المدوي، في الانتخابات الأخيرة، هو حزب يتقن جيدا تقديم “الخدمات” التي تخدم فقط أجندة صناع القرار الضيقة، سواء من موقع المشارك في الحكم، أو من موقع المعارضة المفترى عليها، في مقابل -طبعا- إتقانه بيع الوهم والإفك والتدليس على الناس باسم الدين.. و #خليونا_ساكتين
https://www.facebook.com/nourelyazid
ملحوظة: هذه المقالة نشرها كاتبها بداية على شكل تدوينة مطولة على حسابه وصفحته في فيسبوك