لماذا فشلت كل نماذجنا التنموية منذ الاستقلال؟

0

نورالدين اليزيد

فشل #النموذج_التنموي المغربي يدعو إلى السؤال البديهي: هل كان لنا يوما نموذج تنموي ناجح؟

الحديث عن التنمية بدأ منذ عودة الملك/السلطان #محمد_الخامس من المنفى عام 1953 عندما قال قوله المأثور “رجعنا من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر”، في إشارة إلى انطلاق بناء مؤسسات الدولة المغربية، وهو المسلسل الذي دشنه خلفه الراحل الملك الحسن الثاني وتحديدا بعد تشكيل أول حكومة وطنية في سنة 1955 التي ترأسها #مبارك_البكاي_لهبيل.. حيث كانت الدولة الفتية حريصة على بناء “الدولة الوطنية” من خلال تشييد المؤسسات الاقتصادية والإدارية الكبرى وإنشاء البنيات التحتية، وهي العملية  التي اتخذت زخما خاصا مع تبني أول مخطط خماسي للتنمية الاقتصادية والاجتماعية (1960-1964) وتدشين عملية طموحة لإصلاح المجال الزراعي والفلاحي من خلال مغربة الأراضي التي ظلت تابعة للمستعمر الفرنسي.. وفي تلك السنوات كان وضعنا الاقتصادي والمؤسساتي يشبه كثيرا وضع عدد من الدول ك #كوريا_الجنوبية و #إندونيسيا و #ماليزيا و #البرازيل وغيرها، ولأسباب داخلية بالأساس منها التطاحن في ما بين الأحزاب الوطنية حول اقتسام مغانم المناصب التي خلفها الاستعمار شاغرة، وكذا بين هذه الأحزاب وأخرى كانت موالية لنظام #الحسن_الثاني، وأحيانا تورط الجالس على العرش نفسه في هذا الصراع، دخل المغرب في متاهات وتصفيات أشبه بالحرب الأهلية غير المعلنة هي التي ستسمى لاحقا ب #سنوات_الرصاص.. وهي المرحلة التي كبدت المغرب باهضا في الخسائر من حيث الوقت والرجال وما تزال تلقي بظلالها القاتمة على البلاد والعباد لحد الآن للأسف..

من مفارقات الزمن العجيبة أنه مع كل تلك القلاقل فقد ظل المغرب يحتفظ على حدود دنيا من الشروط التي تبوئه مكانة أو وضعَ البلد السائر في طريق النمو، بل الأنكى من ذلك وبحسب مقال نشره في السنة الماضية الخبير في الاقتصاد ورجل الأعمال لوران ألكسندر في مجلة L’Express الفرنسية تحت عنوان مثير “سنة 1980 كان المغرب أغنى من الصين بخمس مرات”، أكد فيه “أن المغرب كان أغنى من الصين بخمس مرات، إذ كان معدل الدخل السنوي للفرد المغربي هو 1075 دولارا في مقابل 195 دولارا للفرد في الصين”.

لكن الثابت هو أن هذا المغرب الذي كان في مصاف كوريا الجنوبيا وماليزيا وإندونيسيا والبرازيل، بات اليوم متأخرا وراءها بسنوات ضوئية من التخلف.. وهذا المغرب وبعد عدة مخططات تنموية ونهج سياسة التقويم الهيكلي التي تميزت بتقشف حاد بسبب إملاءات مؤسسات النقد الدولية، في الثمانينات، أعلن ملكه الراحل في منتصف التسعينيات أنه على وشك “السكتة القلبية”، وكان يعني فشل تلك الخطوات التنموية..

وبعد فترة انفراج سياسي وانتقال سلس للحُكم وتجربة #حكومة_التناوب في 1998 استمر بناء المؤسسات الوطنية والبنى التحتية، لكن في خضم تردد الحُكم وصانعي القرار بالتغول في السلطة والاستحواذ عليها، لاسيما بعد تجربة #الربيع_العربي وطرح دستور 2011، دخلنا مرحلة الشك والتراجع عن الخطوات التي تم قطعها في مسار الانتقال الديمقراطي، وظهرت بوادر الأزمة من جديد من خلال احتقان اجتماعي واضح تجلى في حراكات #الريف و #جرادة و #زاكورة وغيرها، وكذا في المقاطعة الشعبية غير المسبوقة لعدد من المنتوجات، ليصرح الملك محمد السادس وبصراحة قوية في عيد العرش الأخير وبعد 20 سنة من توليه العرش، بأن النموذج المغربي للتنمية فشل في إدماج المواطن ولم يستطع توزيع الثروة بشكل عادل على الجميع.. وهو نفسه الذي طرح السؤال قبل ذلك #أين_الثروة؟

#الدايم_الله

[email protected]

 

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

أترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.