مراسلون بلا حدود: حرية الصحافة ازدادت سوءا في عدد من الدول

0

أظهر التصنيف العالمي لحرية الصحافة الذي أعدته منظمة مراسلون بلا حدود، تدهورًا خطيرًا في حرية الصحافة، وتقويضا لحرية الإعلام.

وقالت المنظمة في تقريرها: إن “خريطة حرية الصحافة في العالم تزداد ضبابية عامًا بعد عام، ولم تبلغ أبدًا هذه المستويات العالية من قبل، وهو ما يعني أن حرية الصحافة لم تكن قط مُهددة على النحو الذي هي عليه اليوم”.

فقد شهد عام 2017 انضمام ثلاث دول جديدة إلى قاع الترتيب، وهما مصر والبحرين وبوروندي، لافتة إلى أن القائمة السوداء، أضحت تشمل ما لا يقل عن 21 دولة يعتبر فيها وضع الصحافة “خطيرًا للغاية”. 

أما “القائمة الحمراء” فقد أصبحت تضم 51 بلدًا مقابل 49 العام الماضي، وهو ما يعني أن حالة حرية الإعلام باتت تكتسي طابع “الصعوبة”، ففي الإجمال، تفاقم الوضع في نحو ثلثي (62.2٪) البلدان التي شملتها هذه الدراسة.

وأوضحت المنظمة أن هناك 50 دولة فقط تتمتع فيها الصحافة بالحرية وهي (أمريكا الشمالية)، إضافة إلى دول في أوروبا وأستراليا وجنوب أفريقيا، بحسب التقرير.

وأعربت المنظمة عن القلق من حصول “تحول كبير” في وضع حرية الصحافة “خاصة في الديمقراطيات العتيدة”.


وتابعت أن هاجس المراقبة وعدم احترام سرية المصادر أمرٌ يساهم في تراجع العديد من البلدان التي كانت حتى عهد قريب تعتبر نموذجًا للحكم الرشيد، ومن أبرزها الولايات المتحدة (المرتبة 43، تراجع مرتبتين) وبريطانيا في المرتبة الأربعين بتراجع مرتبتين وتشيلي في المرتبة 33 بتراجع مرتبتين أيضًا ونيوزيلندا في المرتبة الثالثة عشر بتراجع 8 مراتب.

وأضافت المنظمة أن وصول دونالد ترامب إلى سدة الحكم في الولايات المتحدة، ثم حملة انسحاب المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي شكَّلا أرضية خصبة لدعاة تقريع وسائل الإعلام والمحرضين على الخطاب العنيف المعادي للصحفيين”، مشيرة إلى عصر جديد تطغى عليه مظاهر التضليل والأخبار الزائفة، ونموذج الرجل القوي والاستبدادي.

وسجلت بولندا التي تعتمد “الخنق المالي للإجهاز على الصحافة” تراجعًا إلى المرتبة الـ54 والمجر إلى المرتبة الـ71 وتنزانيا إلى 83.

وأما روسيا برئاسة فلاديمير بوتين فحلت في المرتبة 148، ما يعني أنها لا تزال “تراوح مكانها في أسفل الترتيب”.

وفي آسيا، سجلت الفيليبين في المرتبة 127 بتحسن بـ11 مرتبة بفضل تراجع عدد الصحفيين الذين قتلوا في العام 2016.

ولكن “الوضع الحالي ينذر بالأسوأ في ظل الشتائم والتهديدات التي يوجهها الرئيس رودريجو دوترتي إلى الصحافة بشكل مباشر وعلني”، بحسب “تقرير المنظمة”.

وقال الأمين العام للمنظمة كريستوف دولوار: إن “هذا التحول الذي تشهده الديموقراطيات يقض مضجع كل من يعتقد بأن قيام حرية الصحافة على أساس متين هو السبيل الوحيد لضمان سائر الحريات الأخرى”.
 وعلى غرار العام الماضي، حلت الدول الاسكندينافية (النروج والسويد وفنلندا والدنمارك) في المرتبة الأولى، بينما حلت في الأخير أريتريا وكوريا الشمالية – حيث يواجه أهالي البلاد خطر الاعتقال في أحد المعسكرات لمجرد الاستماع إلى محطة إذاعية أجنبية”.

من جهة أخرى تعتبر تركيا الحالة الأكثر إثارة للقلق في ترتيب 2017، حيث تقهقرت إلى المركز 155 بعدما فقدت أربعة مراكز مقارنة بتصنيف 2016، علمًا أن البلاد تراجعت بما لا يقل عن 56 مرتبة في غضون اثني عشر عامًا. 

وفي عام 2016، تركت محاولة انقلاب يوليو الأبواب مشرعة تمامًا لنظام أنقرة من أجل مواصلة حربه ضد وسائل الإعلام الناقدة، فمع توالي الشهور، أتاحت حالة الطوارئ للسلطات فرصة تصفية العشرات من وسائل الإعلام بجرة قلم، وما صاحب ذلك من إجهاز على التعددية في بضع صحف محدودة التوزيع، حيث تم الزج بأكثر من مائة صحفي وراء القضبان دون محاكمة، مما يجعل من تركيا أكبر سجن للإعلاميين على الصعيد العالمي.


كما تعد المكسيك التي حلت بالمرتبة 147 من الدول الأخرى التي تصدرت العناوين خلال العام الماضي، فقد خسرت البلاد العديد من المراكز في غضون خمسة عشر عامًا، وهي التي كانت تحتل المرتبة 75 في 2002 من تصنيف مراسلون بلا حدود. 

وتواصل تراجع المكسيك بعدما شهدت وفاة 10 صحفيين في 2016، بينما تميز شهر مارس 2017 بسلسلة من الهجمات الدموية، علمًا أن البلاد لا تزال تعاني من ويلات الفساد والعنف والجريمة المنظمة، ففي ولايات مثل فيراكروز وغيريرو وميشواكان وتاماوليباس، سرعان ما يجد الصحفيون أنفسهم عُرضة للخطر لمجرد إنجاز تحقيق في موضوع حساس، لا سيما في ظل الإفلات من العقاب على الجرائم ضد الصحافة، مما يفسر استمرار هذه الحلقة المفرغة عامًا بعد عام.

وعلى مستوى المخاطر التي تهدد سلامة الصحفيين، تأتي المكسيك اليوم مباشرة خلف سوريا وأفغانستان، التي تقبع من جانبها في المرتبة 120، حيث أن جهود الصحفيين الأفغان وشجاعتهم للقيام بعملهم الإخباري تصطدم عادة بالظروف الأمنية المتدهورة التي تشهدها البلاد بشكل مستمر في ظل مواجهة متمردي حركة طالبان من جهة وتنظيم “داعش” من جهة أخرى، علمًا أن بعض المحافظات تحولت برمتها إلى “بؤر سوداء على المستوى الإعلامي”، وفي هذا السياق، وحدها الرغبة المعلنة من الحكومة لتوفير أدوات لحماية للصحفيين تحول دون تقهقر البلاد أكثر في جدول التصنيف.

الصحافة في بلدان المغرب العربي تحت الضغط..

بعد مضي ست سنوات على موجة “الربيع العربي”، تُظهر نسخة 2017 من التصنيف العالمي لحرية الصحافة استمرار العداء الذي يكنه قادة دول المغرب العربي لوسائل الإعلام، ولا سيما عندما يتطرق الصحفيون لقضايا تهم الرأي العام من قبيل الفساد والتهرب من دفع الضرائب أو جماعات الضغط.

وفي هذا الصدد، قالت ياسمين كاشا، مسؤولة مكتب شمال أفريقيا في منظمة مراسلون بلا حدود، “من المؤسف أن يفضل السياسيون في بلدان شمال أفريقيا التسامح مع الصحفيين الذين يعلقون على الخبر و يعتمدون على الاتصال المؤسساتي على حساب أولئك الذين يرفضون لعبة التوافقات” مضيفة أن “مواصلة الكفاح للحصول على معلومات مستقلة وتعددية وحرة أصبحت اليوم ضرورية في المنطقة أكثر من أي وقت مضى“.

فقد كان عام 2016 صعباً على الصحافة الجزائرية بشكل خاص حيث توفي محمد تاملت في السجن بعد اعتقاله بسبب نشر معلومات على جريدته الإلكترونية. كما تأكد خلال هذا العام مدى رغبة الحكومة الجزائرية في تكميم الصحافة بعد اعتقال إعلاميَين اثنين ومدوّن إلى جانب تدخل السلطات لإلغاء عملية بيع أسهم صحيفة  الخبر.

وبذلك أضحت الجزائر تحتل المركز 134 على جدول التصنيف العالمي لحرية الصحافة، وهي المرة الأولى التي تقبع فيها خلف الجار المغرب/الصحراء الغربية (المغربية) (133)، الذي أظهر هذا العام عداءً كبيراً تجاه الصحفيين الأجانب (حيث أقدمت السلطات المغربية على طرد خمسة إعلاميين أوروبيين خلال 2016)، مما يدل على ارتفاع حدة التوتر الذي بات يميز علاقة المخزن المغربي مع الاتحاد الأوروبي  على وجه الخصوص. أما وتيرة الانتهاكات المرتكبة في الصحراء الغربية (المغربية) ضد الصحفيين الصحراويين غير المحترفين، فقد ظلت مرتفعة في منطقة حيث يستحيل على الإعلاميين المغاربة تغطية الأحداث.

من جانبها، تواصل تونس (97) تربعها على صدارة تصنيف منطقة المغرب العربي حيث تُعتبر الدولة الوحيدة التي نجحت حتى الآن في انتقالها الديمقراطي. ومع ذلك، فإن البلاد لا تزال تشهد مناخاً يحول دون ترسيخ حرية الصحافة، وذلك بسبب استمرار الرقابة الذاتية من جهة وتضارب المصالح داخل المؤسسات الإعلامية من جهة أخرى.

 وأخيراً، تعيش ليبيا (163) على وقع فرار الصحفيين من حالة الفوضى التي تعصف بالبلاد (حيث هرب أكثر من 50 إلى المنفى منذ عام 2011)، إذ لا يزال عدد الانتهاكات في تزايد مطَّرد وسط إفلات تام من العقاب في سياق حرب لا تتردد أطرافها المتناحرة في استهداف الأصوات الحرة

النس-وكالات

الناس-وكالات

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

أترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.