صدمة في الأوساط الثقافية المغربية بعد عرض إسرائيل مصحفا مغربيا تُجهل طرق حصولها عليه

0

صدمة وتساؤل ممزوجان بالاستنكار والغضب، تلك كانت مشاعر المغاربة المناهضين للتطبيع مع إسرائيل على مواقع التواصل الاجتماعي، وهم يرون “المكتبة الوطنية الإسرائيلية” تعرض على موقعها وصفحتها مصحفا مغربيا نادرا يعود لعشرة قرون، وفق ما نشر موقع “الجزيرة.نت” في تقرير.

ومما زاد من غضبهم واستهجانهم أن مدير دار الأرشيف بالمغرب أعاد عرض المصحف على صفحته نقلا عن المكتبة ذاتها.

وبحسب تقرير “الجزيرة نت” فإنها حادثة وإن لم تكن الأولى من نوعها والموقعة من مكتبة تابعة للاحتلال، إلا أنها أثارت من جديد قضية ضياع وسرقة المخطوطات النفيسة من بلدانها الأصلية وظهورها في أماكن أخرى.

وتظهر الحقائق التي توصلت إليها “الجزيرة نت” أن المصحف المعروض هو الشجرة التي تخفي الغابة.

ويقول الأكاديمي المغربي عبد الصمد بلكبير إن سرقة هذا المخطوط المغربي النفيس ليست منعزلة عن “تحركات صهيونية عالمية” تريد إذلال الشعوب بجميع الطرق.


ويوضح بلكبير لـ”الجزيرة نت” أن “هذه الحركة تضارب في كل شيء وتدخل إلى ذلك من كل الأبواب، رأسمالها يعتمد على التزوير وعمل كل ما يخدش ضمير الآخرين، وهي في أرض فلسطين تسعى لأن تظهر أن لها الحق في الأرض وكل ما على الأرض وإن اتخذ ذلك لبوسا ثقافيا”.

من جهته يخشى أحمد ويحمان رئيس المرصد الوطني لمناهضة التطبيع “أن يكون هذا المصحف المعروض هو نفسه المصحف الذي خطه بيده بماء الذهب، السلطان المغربي من عهد بني مرين أبو الحسن المشهور بالسلطان الكحل، و هو المصحف الذي حبسه على المسجد الأقصى وبعث به هدية إلى ابن صلاح الدين الأيوبي.

ويضيف ويحمان للجزيرة نت أن هناك وثائق مغربية أخرى وكثيرة في مكتبة الاحتلال الإسرائيلي، مبرزا أن المعنى الوحيد لهذا الفعل الإجرامي هو أنه سطو على الميراث الثقافي والحضاري للمغاربة، مما يسائل السلطات المغربية جميعها.

وحول ما يمكن فعله لاسترداد هذه المخطوطات، يشير بلكبير إلى أن الأمر بيد المغرب من أجل العمل على استرجاع هذه التحف النادرة، وإن كان ذلك عبر شرائها لأنها لا تقدر بثمن، مبرزا أن القانون الدولي أيضا سيكون في صفه إن سعى في ذلك.

وفي الوقت الذي يحث ويحمان الباحثين الجامعيين لكشف حقيقة ما تقوم به سلطات الاحتلال في هذا الموضوع، يدعو الهيئات المختصة في المغرب إلى “رفع دعوى قضائية دولية عاجلة لاسترداد ما جرى نهبه وسرقته من أرشيف الزوايا المختلفة في حارة المغاربة (في القدس المحتلة)، التي هدمت منازلها على رؤوس قاطنيها من المغاربة من طرف جيش الاحتلال إبان النكسة سنة 1967”.

المغاربة والنكسة

ويبرز ويحمان وهو أيضا أستاذ جامعي في علم الاجتماع “أن حظ المغاربة الذين أقاموا هناك لقرون لم يكن قليلا من النكسة، ففضلا عن الخسائر البشرية وتشريد من أفلت من المجزرة، فقد فقدوا كما كبيرا من وثائق نفيسة، عربية وأمازيغية نهبها الجيش الصهيوني، إثر هدم حارتهم التي حولها اليهود العنصريون لساحة بكائياتهم عن الهيكل المزعوم” .

الصدمة لم تكن مغربية فحسب، بل أيضا فلسطينية فـ”زيارة واحدة للمكتبة أو تصفح لأرشيفها يقود لصدمة كبيرة من كمية المخطوطات العربية الإسلامية فيها”، كما يبرز مدير مركز المخطوطات والتراث الإسلامي في المسجد الأقصى رضوان عمرو.

وتساءل عمرو عن كيفية وصول هذه المخطوطات الفريدة على مستوى العالم الإسلامي إلى مكتبة تابعة للاحتلال الإسرائيلي وقال إن مخطوطات القدس بالذات وفلسطين عموما تأثرت بتقلبات الحالة السياسية في فلسطين وبقدوم الاحتلال الإسرائيلي مثلما تأثرت بقدوم الاحتلال الصليبي وتبدلات الحكم السياسي في فلسطين.

ويضيف أن الاحتلال الإسرائيلي عمل على جمع هذه المخطوطات بطرق مختلفة، بعضها عن طريق الشراء وبعضها عن طريق الجنود الذين نفذوا المداهمات في حربي عام 1948 و1967، ورافق هؤلاء الجنود مجموعات مهتمة بالآثار سرقت جميع الوثائق والمخطوطات التي كانت تطالها أيديهم في منازل القرى والمدن الفلسطينية والمساجد والمكتبات، وجميع هذه المخطوطات آلت لأرشيفات الاحتلال بما فيها المكتبة الوطنية.


ولا يقتصر الأمر على مصحف واحد “فهناك تشكيلة من المصاحف الرائعة التي جاءت لفلسطين من مواقع عدة من المغرب الإسلامي ومن بلاد الشام وغيرها، وكانت محفوظة في مكتبات فلسطين وهذه المخطوطات معروضة اليوم في المكتبات الوطنية” كما يوضح عمرو.

ويشير عمرو “عثرنا على مخطوطة في المكتبة تحمل اسم “حدوث العالم” وهي رسالة في العقيدة تنسب للإمام ابن تيمية ولم يكن نسخة أخرى في العالم من هذه المخطوطة حسب قول الباحث الذي عثر عليها”.

استرداد المخطوطات

كما أن “هناك مجموعة مهمة من المخطوطات تسمى اليوم “مجموعة يهودا” نسبة لشخص يهودي عمل على جمع المخطوطات العربية الإسلامية وهو شغوف بالحضارة العربية الإسلامية وجمعها بداية القرن الماضي قبل قيام دولة الاحتلال في فلسطين، واشترى جزءا منها بأثمان بخسة من دمشق ومن فلسطين ومن القدس، ثم تشكلت مجموعة باسمه تنقلت بمكتبات عدة حتى آل جزء كبير منها للمكتبات الإسرائيلية”.

ويوضح عمرو “هناك مخطوطات مهمة جدا ما زالت بحاجة لاكتشافها في هذه المكتبات لأنهم يعرضون جزءا بسيطا منها، ونحن نعلم أن هناك على الأقل 40 ألف مخطوط عربي وإسلامي في مكتبات الاحتلال”، مشيرا إلى أن “كارثة كبرى حلت بتراثنا المخطوط وبوثائقنا وبماضينا كما حلت بأرضنا وبإنساننا وهذه المخطوطات لاجئة الآن بمكتبات الاحتلال”.

وعن عدد المخطوطات التي يهتم المركز الآن بترميمها في المسجد الأقصى، يؤكد عمرو “في مدينة القدس بقي الآن نحو 8000 مخطوطة وهي موزعة على عدة مكتبات أهمها مكتبة المسجد الأقصى التي تضم 4000 مخطوط تحت 2500 عنوان، وبقية المخطوطات موزعة على مكتبات أخرى شرقي القدس”.

ويختم عمرو “نحن في المسجد الأقصى لدينا سياسة بمحاولة الوصول لجميع المخطوطات التي كانت موقوفة على المسجد الأقصى أو على المكتبات المحيطة به، ونسعى لمعرفة مواقعها وجردها ومحاولة استردادها، وبالتالي نتواصل مع عائلات مقدسية بهدف استرداد هذه المخطوطات لصالح الوقف الإسلامي للحفاظ عليها ورعايتها في مركز ترميم المخطوطات في المسجد الأقصى”.

الناس

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

أترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.