تجاوزت ثروته ثروة الملِك وعُرف بحبه للفقراء..وداعا الملياردير ميلود الشعبي

0

توفي اليوم السبت الملياردير المعروف، ميلود الشعبي، وذلك بعد معاناة طويلة مع المرض.

وقالت مصادر من عائلة الشعبي إن وفاة الرجل العصامي الذي انطلق من الصفر وبات واحدا من أغنياء البلاد، كانت طبيعية وبعد معاناة مع المرض الذي ألم به في آخر أيامه.

وكان الشعبي قد توارى عن الأنظار في الآونة الأخيرة عقب تدهور حالته الصحية، وفوض إدارة أملاكه لأبنائه.

وجدير بالذكر أن الميلياردير الراحل المالك لهولدينغ “يينا” المتعددة مجالات الأعمال، كان قدم استقالته من البرلمان شهر دجنبر من سنة 2014، وهي الاستقالة التي ربطها بأسباب شخصية مرتبطة بظروف صحية صعبت عليه مهمة الاستمرار في العمل التشريعي.


نشأة طفل راعي ماعز

ميلود الشعبي الطفل المولود في سنة 1929 بمدينة الصويرة بعد تلقيه تعليما بسيطا في طفولته بمسجد بلدته خرج لميدان العمل، تارة كراعي للماعز، وتارة أخرى كعامل زراعي. لم يكن يتجاوز عمره الخامسة عشر، بعد أن وفر بعض المدخرات من تلك الأعمال البسيطة، بدأ من مراكش وانتقل إلى مدينة القنيطرة حيث أنشأ هناك سنة 1948 أولى شركاته بعدما جمع بعض الأموال من العمل في البناء، وهي عبارة عن شركة صغيرة متخصصة في أشغال البناء والإنعاش العقاري. ووفق تصريحات شخصية للراحل فإنه كان يعيش رفقة أخيه المتزوج بالقنيطرة وكان بيته متواضعا بحيث كان ميلود يضطر للمبيت في المطبخ ليستيقظ  باكرا للذهاب إلى أوراش البناء التي كان يعمل بها مياوما، وهو المجال الذي سيمكنه من توفير بعض المال سيشتري به بناية كان يشتغل بها، وتلك كانت هي اللبنة الأولى له لجمع الثروة..

ابنه فوزي الشعبي النائب البرلماني أيضا يقبل يده بداخل مجلس النواب

مسار حافل

في القنيطرة وجد الشعبي وسطا اقتصاديا منغلقا، فمجال المال والأعمال في المغرب كان انذاك محتكرا من قبل المعمرين الفرسنيين وبعض التجار اليهود، وبعض الأسر المغربية العريقة. دخل الشعبي ميدان التحدي والمنافسة ليفطن إلى تنويع أنشطته ومن ذلك أنه استثمر في صناعة السيراميك قبل أن يطلق شركة متخصصة  في المجال سنة 1964. وما أن توفر للشعبي ما يكفي من التجربة في مجال الأعمال حتى بدأ ينظر لفرص شراء شركة عصرية كبيرة. فتقرب من مجموعة دولبو ـ ديماتيت لصناعة وتوزيع تجهيزات الري الزراعي ومواد البناء. غير أن عائلة “دولبو” الفرنسية التي تسيطر على رأسمال المجموعة لم تستسغ دخوله كمساهم في رأسمالها. رفع الشعبي راية التحدي، وأطلق شركة منافسة حطمت أسعار منتجات “دولبو ـ ديماتيت”.


واستمرت غزوات الشعبي الاقتصادية لسنوات طويلة قبل أن ينتهي الأمر بعائلة دولبو إلى إعلان الهزيمة، واتخاذ قرار بيع مجموعتها الصناعية، التي كانت مشرفة على الإفلاس للشعبي نفسه، وذلك عام 1985. وشكلت هذه العملية طفرة في مسار الشعبي المهني. فعلى إثرها قام بتأسيس مجموعة “يينا” القابضة.

أصبحت مجموعة الشعبي الاقتصادية واحدة من أقوى المجموعات الاقتصادية بالمغرب. ففي سنة 1992 أنشأ الشعبي شركة جي بي سي للكارتون والتلفيف. ثم فاز بصفقة تخصيص الشركة الوطنية للبتروكيماويات سنيب سنة 1993. وفي 1994 أطلق شركة إليكترا للمكونات الكهربائية والكابلات وبطاريات التلفزيون، وفي 1998 أطلق سلسلة متاجر “أسواق السلام” العصرية، تبعها إطلاق أولى وحدات سلسلة فنادق رياض “موغادور” سنة 1999، لتصبح بذلك إحدى المجموعات الاقتصادية المهمة في المغرب.

مؤسس ومدير عام مجموعة “يينا” المجموعة الاقتصادية المترامية الأطراف في عدة بلدان عربية بالإضافة إلى المغرب هناك تونس وليبيا ومصر والإمارات، عدا عن دول آسيوية وإفريقية، هو مالك سلسلة فنادق  “رياض موغادور” المعروفة بعدم تقديمها وبيعها الخمور لزبائنها إضافة إلى سلسلة متاجر “أسواق السلام”، التي تعد أول سلسلة سوبرماركت عصرية لا تبيع الخمور.


يعتبر شخصية بارزة في المغرب بسبب أعماله الاجتماعية التي تقوم بها مؤسسته الخيرية الحاملة لاسمه. واختاره قراء يومية Le Matin du Sahara اليومية المغربية الناطقة بالفرنسية والمقربة من دوائر السلطة، كأفضل مدير مؤسسة لسنة 2007. وفي سنة 2012 صنفته المجلات المختصة كأغنى رجل في المغرب متجاوزا الملك محمد السادس والملياردير عثمان بن جلون، وسادس أغنى رجل أعمال في أفريقيا.

من أبنائه أسماء (الصورة أسفله) الشعبي التي تعتبر أول امرأة مغربية تتقلد منصب رئيس مجلس بلدي (عمدة) لمدينة الصويرة.


الشعبي السياسي

بالنظر إلى شعبيته الجارفة فقد كان من السهل على الشعبي الفوز بمقعد في مجلس النواب المغربي في انتخابات 2002، وفي الانتخابات البرلمانية 2007 فاز بمقعد تمثيل مدينة الصويرة. في يوليوز 2008 شن هجوماً حاداً على حكومة إدريس جطو ودعا إلى تشكيل لجنة تقصّي الحقائق بعد فضيحة بيع الحكومة أراضي الدولة بثمن زهيد دون احترام الإجراءات القانونية وهي الصفقات التي كان نصيب الأسد فيها من لدن مجموع الضحى، وقتها تردد أن الشعبي غضب كثيرا وفكر في الهجرة نهائيا وإنهائه أعماله لولا تدخل ملك البلاد وثنيه على ذلك بل وإخباره بأنه بإمكانه الاتصال به وقت ما شاء إذا ما تعرضت أعماله لمضايقات، كما قالت بعض المصادر المطلعة.


في الانتخابات التشريعية لسنة 2011 أعلن خمسة من النواب الفائزين في الانتخابات عن تشكيل مجموعة نيابية مستقلة مساندة لحكومة بنكيران تحمل إسم “المستقبل”، وتم انتخاب ميلود الشعبي ناطقا باسم المجموعة، وذلك قبل يستقيل من النيابة البرلمانية بسبب مرضه الذي بات يمنعه من مواكبه جلسات البرلمان الماراطونية.

 أعماله الاجتماعية

عرف عن ميلود الشعبي سخاؤه وعطفه عل الفئات الفقيرة، ولذلك أسس مؤسسة ميلود الشعبي للأعمال الاجتماعية والتضامن سنة 1965، وهي تتمتع بصفة جمعية ذات المنفعة العامة بالمغرب. لها عدة فروع في جغرافيا المغرب تلعب دورا مهما في تغذية وإيواء الطلاب والأطفال المتمدرسين.

ومعروف عن ميلود الشعبي أنه يرفض بيع المشروبات الكحولية في متاجر “أسواق السلام” التابعة له، كما أنه معروف عنه أنه يوقف البيع والشراء في جميع محلاته خلال وقت صلاة الجمعة احتراما لمبادئ الدين الإسلامي، مما يلاقي احتراما و استحسانا من طرف فئات واسعة من الشعب المغربي.

رحم الله الفقيد

سعاد صبري

 

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

أترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.