وزارة الثقافة توثّق حرفة صناعة أزرار الحرير “العقاد” بالبهاليل
قام وفد عن شركة Doug PICTURES بزيارة ميدانية إلى مدينة البهاليل القديمة، بتأطير من جمعية مزارات البهاليل ومحيطها، لتوثيق صنعة أزرار الحرير “العقاد” حفاظا على هذه الحرفة وحماية لها من الانقراض.

تعتبر مدينة البهاليل معقلًا لصناعة الأزرار، بداية من غزل خيوط حريرية بأداة “المغزل”، كمرحلة أولية، يتبعها تفوير الخيوط في درجة حرارة مرتفعة، كي يسهل تشكيلها لاحقاً. وبعدها تأتي مرحلة إنتاج “التكويرة” التي تنبني على أساسها “العقدة”، ويتم صناعتها بواسطة ورق الصحف أو الغشاء الكهربائي، بعد نزع قضيب النحاس من وسطه، وتُعرف مدينة البهاليل التراثية، التي تحوي بين أحضانها 600 كهف، بأنها عاصمة لصناعة الأزرار الحريرية بدون منازع، والمعروفة بالـعقاد.
وتحتل هذه الصناعة مكانة هامة عند البهلوليات اللواتي اعتبرنها مصدرا لرزقهن وموردا دائما لعيشهن، وهي رمز من رموز ثقافتهن المتوارثة عبر الأجيال، والضاربة في عمق تاريخ ماضيهن وحاضرهن.
وفي إطار التوثيق والحفاظ على قيم هذه الحرفة من الانقراض وصل يومه الخميس 28 نونبر 2024 وفدٌ عن شركةDoug PICTURES برئاسة الأستاذة سهام دوكنة لتصوير حلقة عن مادة العقاد بمدينة البهاليل، بكل مراحلها، حيث سيتم نشر الخبر في حلقة لبرنامج على الموقع الخاص بوزارة الثقافة المعروف بـ https://culture.ma، وهو البرنامج الذي يخرجه صاحب هذه الشركة المنتجة نورالدين دوكنة الغني عن التعريف.
وقد تضمن تسجيل الحلقة لقاءات مع النساء اللواتي تصنعن هذه الأزرار في جو مليء بالمودة والتواصل والإخاء، بتنسيق مع جمعية “مزارات البهاليل ومحيطها” التي استقبل أعضاؤها هذا الوفد ورافقوه واستضافوه طوال يوم الزيارة إلى جميع مرافق المدينة القديمة.
ويعود وجود هذه الحرفة التقليدية تاريخياً إلى الحرفيين اليهود المغاربة، الذين استقروا في مدينة صفرو، وكانوا يشكلون فيه مع نهاية القرن الماضي قوة اقتصادية رئيسية في المنطقة، واﻧﺘﺸﺮت حرفهم داخل الأوساط السكانية المسلمة تدريجياً مع حلول عهد الحماية، ولأسباب وطنية وتضامنية بين المسلمين واليهود، الشيء الذي فتح المجال لفئات عريضة من النساء للإقبال على تعلم أصول فنون هذه الحرفة، التي أصبحت من بعد نشاطاً صناعياً مهماً يساهم بشكل كبير في إثراء مداخيل الآلاف من نساء المدينة والإقليم.
وقد خرجت هذه الحرفة من إقليم صفرو واشتهرت وطنيا وحتى عالمياً، كونها أزرار للباس التقليدي الرجالي والنسائي، حيث يرغب صانعوها جاهدين في تصنيفها إرثا تراثيا عالمياً مادياً بهلوليا، كونها أزرار حريرية تستعمل للملابس التقليدية المغربية كالقفطان و”التكشيطة” والجلباب”، والجابادور وغيره، بحيث لا تكتمل أناقة وجمالية هذا الزي التقليدي المغربي إلا بهذه الأزرار الحريرية، التي تعطيه شكلا رائعا ورونقا ساطعا، يضفي عليه طابع شرعية الأصالة والمعاصرة.
ولقد باتت هذه الحرفة أبرز ميزة وأفضل صناعة احتفظت بها ساكنة البهاليل، التي أصبحت منفردة بها أكثر من غيرها، لإنه لا يكاد يخلو بيت في هذه المدينة من النسوة اللواتي يصنعن الأزرار الحريرية، سواء كن عازبات أو متزوجات، فقيرات أو ميسورات، والمحظوظة منهن هي من لديها بنتان أو أكثر يساعدنها في هذه الحرفة لزيادة كمية الإنتاج ومضاعفة الأرباح، لكن مع الأسف قد بدأت هذه الصنعة تنقرض رويدا رويدا في أوساط الساكنة، وبين فتيات العائلة الواحدة، وعلى صعيد ساكنة القبيلة، ما دفع بوزارة الشباب والثقافة والتواصل إلى إرسال هذا الوفد من أجل توثيقه والاحتفاظ به حماية له من الاختفاء.
البهاليل /نجيب عبدالعزيز منتاك