الأحزاب كلها.. إلا المصباح!

0

زهير اسليماني

تقول الحكمة المغربية الدارجة: “سل المجرب لا تسال الطبيب”، أي استشر المجرب الخبير فقد يكون أجدى وأنفع، فالذي يجرب الشيء أكثر من مرة، يدرك كنهنه وحقيقته، ويصير انطلاقا من هذه التجربة قادرا على الاستباق والاستشراف، وفي حالة المرض قد يقدم المجرب الدواء الأجدى والأنفع  مقارنة بطبيب مختص.

تنطبق هذه الحكمة على الناخب المكناسي (والمغربي عموما)، الذي جرب شتى أطياف الأحزاب: اليمين والوسط، الأحزاب الإدارية والتاريخية، وجرب مختلف التكتلات الطبيعية والهجينة: الأحرار، الاتحاد الدستوري، الاتحاد الاشتراكي، الاستقلال.. مع ما يرافق كل “ميركاتو” انتخابي من تسويات وانتقالات..

مع الإشارة، إلى كون أغلب الوجوه تتقاطع في كونها معهودة لدى المكناسيين، ومعروفة عندهم بفشلها الذريع، ولكنها تنجح في كل مرة، منها من ينجح مع حزب الموسم السابق، ومنهم من ينجح -في كل مرة- مع حزب جديد، والنتيجة وجوه مبيضة نضرة، ومكناسيون واجمون ومعطلون، ومدينة مسودة قاتمة..

وقد ازداد واقع المدينة قتامة، مع رئاسة العدالة والتنمية لعموديتها، لثلاثة ولايات، الأولى انتهت بعزل الرئيس الذي أمعن في سوء تسيير المدينة، وافتقد لأبسط وسائل التسيير الجماعي، مما دفع الداخلية إلى عزله، والثانية والثالثة – متواليتيان- تم فيهما إرجاع المدينة عقودا إلى الوراء (إلى درجة أننا أصبحنا نشعر بأنفسنا أكثر شبابا وأصغر)، فمن هدم للمعالم الأثرية التاريخية المميزة للمدينة، إلى الإجهاز على مكتسب المعرض الدولي للفلاحة، إلى فقدان المكناسيين من فريقهم الكروي، ومن مسبحهم البلدي الذي يمثل المتنفس الوحيد للطبقة الهشة منا، فهل تتذكرون عاما لم يفتح فيه المسبح البلدي، في وجه المكناسيين؟

فما حدث في عهد رئاسة المصباح لمجلس المدينة من تراجع وقهقرى، لم يسبق للمكناسيين أن رأوه، أو أمكنهم تصوره: عرض قاعات سينما تاريخية في المزاد العلني(أمبير)، هدم معالم ثقافية (الريجان)، وتحول دور سينما أخرى إلى محلات لبيع الملابس(مونديال).

من جهة أخرى لم يوضع حجر أساس لمشروع واحد جديد، والحديقة المجاورة لسوق “مبروكة”، مغلقة لسنين طوال، وتهيئة باب الريح معطلة، وبابه التاريخية في حكم المفقودة.. في المقابل لم تتوقف فاس عن التطور، في هذا السياق نستحضر أن مكناس أصبحت ملحقة لفاس في عهد “العدالة والتنمية”، وهذا وحده كفيل باستقالة الرئيس، نظرا لأن الحكومة التي فصلت الجهات الجديدة هي حكومة حزبه..

والخلاصة، إنه يُتُوقع من الناخب المغربي عموما، والمكناسي خصوصا، أن يراهن على أحزاب لم يجربها بعد، وهي أحزاب اليسار، إما على سبيل التجريب والرهان، خصوصا مع  المواقف المشرفة لنواب اليسار(بلافريج نموذجا)، وإما بغرض معاقبة حزب العدالة والتنمية وتحالفه الهجين، الذي لم يقدم لهذا الوطن وهذه المدينة إلا الأزمات والانتكاسات، بعبارة أخرى ليس مُهِما على من ستصوت يا مواطن، ولكن الأهم أن لا تصوت على حزب “المصباح”، الذي أوقد فتيلة، من دهن عصر المواطن المقهور، ليضيء لأهله وعشيرته، وأدخل  فقراء المغرب عصرا من عصور الظلام!

 

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

أترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.