أشهر ضحايا زلزال المغرب تقاضي صحيفة فرنسية للتشهير بها ومجلس الصحافة يدخل على الخط

0

في أول رد فعل لأحد المواطنين ضحايا زلزال المغرب المدمر، على قسم من الإعلام الفرنسي الذي استغل مأساة المغاربة للدخول في بوليميك وجدال سياسي وتمرير رسائل نقدية للدولة المغربية، على إثر الأزمة الصامتة بين الرباط وباريس، قررت مواطنة مغربية ظهرت صورتها بشكل واسع في نشرات وكالات الأنباء والصحف الدولية بما فيها الفرنسية، مقاضاة إحدى الصحف الفرنسية التي أرفقت صورة المواطن بتعليق كاذب.

الأمر يتعلق بصحيفة “Libération” الفرنسية التي استغلت صورة امرأة مغربية وهي تبكي من هول صدمة الزلزال، من أجل تحقيق أهداف ربحية وسياسية، في الوقت الذي تفرض مبادئ المهنية احترام مشاعر الضحايا الذين فقدوا الغالي والنفيس من أرواح أقاربهم وبيوتهم جراء “زلزال الحوز” المدمر، ولتقوم هذه الصحيفة بكل صفاقة بالتشهير بالمواطنة المغربية محرفة ترديدها في عز الصدمة والنواح لازمة “عاش الملك” التي يرددها المغاربة، إلى عنوان خبيث هو “ساعدونا إننا نموت في صمت”.

وقررت المواطنة المغربية المسماة “ثريا”، التي ظهرت صورتها على الصفحة الأولى لصحيفة “Libération” اللجوء إلى القضاء الفرنسي، لإنصافها جراء التشهير وتشويه سمعتها، على إثر ما اقترفته الصحيفة الفرنسية من تدليس في ضحية الزلزال، بحثا عن أهداف مادية من خلال رفع مبيعات النسخة، وكذلك من أجل تمرير رسائل سياسية منتقدة للدولة المغربية، في ظل انشغال المغرب والمغاربة بلملمة جراحهم وكفكفة دموعهم بعد الهزة الأرضية غير المسبوقة التي زلزلت العديد من المناطق بالمملكة ولاسيما منطقة الحوز.

ونشرت “Libération” في عددها ليوم الاثنين 11 شتنبر 2023 الجاري، صورة للمواطنة المغربية “ثريا” مرفوقة بعنوان “المغرب.. ساعدونا إننا نموت في صمت”، في الوقت الذي أكدت الضحية أنها كانت تصيح حين التقاط الصورة “عاش الملك”، وهو ما أكده مقطع فيديو متداول على مواقع التواصل الاجتماعي.

وفي مواجهة ما طالها من تشهير واستغلال سيء لصورتها وتحريف كلامها، أنابت المواطنة المغربية “ثريا” المحامي “مراد العجوطي”، المسجل بهيئة الدار البيضاء والمحامي الفرنسي “Robin Binsard” من أجل تحريك الدعوى القضائية ضد ” Libération” أمام القضاء الفرنسي.

ويجرم منطوق المادة 9 من القانون المدني الفرنسي، نشر صورة شخص دون استشارة منه أو موافقته ثبت أنها شكلت تشهيرا به، كما أن المادة 226-8 من القانون الجنائي الفرنسي تعاقب بالحبس النافذ لمدة سنة واحدة وغرامة قدرها 15000 أورو، من قام ببث أو توزيع أقوال شخص وصورته ونشر ادعاءات أو وقائع كاذبة بهدف المس بسمعة الأشخاص والتشهير بهم.

اشتكى المجلس الوطني للصحافة (المغرب)، لدى نظيره مجلس أخلاقيات الصحافة والوساطة بفرنسا، وذلك بعد رصده لمخالفات مرتكبة من قبل كل من جريدتي “شارلي إيبدو” و”ليبيراسيون” خلال تغطيتهما لأحداث الزلزال الذي ضرب المغرب يوم 08 شتنبر 2023.

وأشار المجلس الوطني، وفق ما نشر على موقعه الإلكتروني يوم الأربعاء 20 سبتمبر الجاري، إلى أن جريدة “شارلي إيبدو” قامت يوم الجمعة 15 شتنبر 2023، بنشر كاريكاتير يتضمن تحريضا على عدم التضامن والمساهمة في دعم ضحايا الزلزال الذي عرفه المغرب، وهذا فعل غير مقبول، لأنه يمس بمبدأ مؤازرة ضحايا الكوارث الطبيعية، في مخالفة تامة للمبادئ الإنسانية، علما أنه في مثل هذه الظروف، ينبغي أن تعطى الأولوية لإنقاذ الضحايا ودعم المتضررين، بغض النظر عن أي خلاف ديبلوماسي أو مشكل سياسي، لأن الأسبقية هي للمبادرات التطوعية ذات الطبيعة الإنسانية، التي تتعالى على كل الاعتبارات الثانوية الأخرى.

ومن الواضح، يورد المجلس، أن كاريكاتير “شارلي إيبدو” يضر بضحايا الزلزال وبالعائلات المنكوبة، التي هي في أمس الحاجة إلى الدعم والمساندة، خاصة وأن الكثير منها فقد أسرته ومعيله ومن بينهم أطفال يتامى لا علاقة لهم بالخلافات الديبلوماسية وبالمشاكل السياسية.

وبخصوص جريدة “ليبيراسيون”، فقد قامت يوم الاثنين 11 شتنبر 2023 بنشر صورة على غلافها لامرأة من ضحايا الزلزال، بعنوان”Aidez nous, nous mourrons en silence”، حيث أنه بعد التحقق من مضمون كلام المرأة، الذي راج في شبكات التواصل الاجتماعي، في فيديو مصور، فإن المجلس سجل أن ما نشر في الغلاف ونسب للمرأة الضحية، يتنافى مع حقيقة ما كانت تقوله، مما يشكل ضربا لمصداقية العمل الصحفي والمهنية المفروض التحلي بها عند معالجة القضايا التي تكتسي طابعا إنسانيا ولاسيما في لحظات الكوارث الطبيعية.

وقد سجل المجلس أن صحيفة “ليبيراسيون” قامت بخرق أخلاقيات الصحافة، على عدة مستويات: الأول، بنشر صورة على الغلاف لسيدة مسنة من ضحايا الزلزال، ومصاحبتها بتصريح لم تدل به، بل هو من اختلاق الجريدة، بهدف تمرير موقف يضرب في المجهودات التي تبذلها السلطات المغربية، وباقي فرق الإنقاذ من دول صديقة والمتطوعين.

والثاني، نشر أخبار كاذبة وتزوير الحقائق، في ظروف من المفترض أن يحصل فيها تآزر إنساني وأن تتحلى الصحافة فيها بقيم المهنية والتضامن والتعاطف، بدل تصفية الحسابات السياسية.
أما على المستوى الثالث، فمن المعروف في مبادئ أخلاقيات الصحافة أن التعامل مع ضحايا الكوارث الإنسانية، يكون مشروطا بعدة احترازات، من أهمها عدم استغلال صورهم قصد الإثارة الرخيصة.

وخلص المجلس إلى حيث إن مجمل هذه الانتهاكات التي ارتكبتها كل من جريدتي “شارلي إيبدو”، و”ليبراسيون”، تأتي في سياق اتسم بتهجمات من قبل عدة وسائل إعلام فرنسية، على المغرب ومؤسساته، إثر عدم استجابة السلطات المغربية، لمقترح الدعم الذي تقدمت به فرنسا، بعد الزلزال الذي ضرب منطقة الحوز، فإن المجلس الوطني للصحافة قام بتوجيه شكاية إلى رئيسة مجلس أخلاقيات الصحافة والوساطة بفرنسا، بخصوص خرق الجريدتين المذكورتين لأخلاقيات العمل الصحفي، كما هي متعارف عليها دوليا، قصد البت فيها طبقا لميثاق الأخلاقيات المعتمد لديه.

إدريس بادا

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

أترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.