أمام صمت السلطات المغربية.. انتفاضة المجتمع المدني والمحامين ضد مصادرة الجزائر لأراضي منطقة العرجة نواحي فجيج
ما تزال قضية الأراضي الشرقية بمنطقة “العرجة” نواحي مدينة فجيج، تثير المزيد من ردود الفعل، بعد اعتداء السلطات الجزائرية على العديد من الضيعات والأراضي الزراعية لفلاحي المنطقة، في ظل صمت السلطات المغربية، وهو ما جعل أصوات نشطاء حقوقيين ومن صفوف المحامين تتعالى لوقف تحرشات الجارة الشرقية عند حدها، بل والتلويح بالتوجه إلى المؤسسات الدولية لمقاضاة الجزائر.
فقد أعلنت فعاليات المجتمع المدني بمدينة فجيج التصعيد على خلفية إخلاء عدد من الفلاحين لأراضيهم الواقعة بمنطقة “العرجة”، داعية لخوض أشكال احتجاجية متنوعة للحفاظ على أرضهم واسترجاع حقهم في استغلال كل ممتلكاتهم الأصيلة.
ونددت جمعيات وفعاليات المجتمع المدني الفجيجية بمدينة وجدة، في بلاغ لها، بالاتفاق بين الدولة المغربية والدولة الجزائرية القاضي بتسطير الحدود، مؤكدة أنه “أضاف في هذه الأيام من شهر مارس ضحايا جدد من منطقة العرجة إلى ملف ضحايا العقود السابقة في زوزفانة وأمغرور، وتاسرا، والملياس و غيرها (في المجموع أكثر من 26 واحة أو منطقة)”.
وأضاف المصدر ذاته، أن “اتفاق تسطير الحدود كما ألحق عشرات الواحات بالتراب الجزائري، أصاب أيضا مئات العائلات الآمنة في كرامتها وعزتها وأرزاقها وأرغمها على إخلاء بساتينها”، موضحا أن “شهر مارس 2021 عبر حدث العرجة يشهد مرة أخرى على تنازلات جديدة في امتداد المجال الحيوي للساكنة، وكما يكشف على حجم التفريط في الحقوق، يكشف أيضا عن نهج الاستسلام الذي يتنافى مع سلامة الخط الوطني”.
ولفتت فعاليات المجتمع المدني، إلى أنه “لا يمكن لأي وطني أو مواطن غيور إلا أن يشعر بالأسى والحزن إزاء هذه التنازلات المهينة التي لا تزيد الوضع في فجيج إلا تفاقما وتعقيدا ولا يمكن إلا أن تعمق مظاهر الهشاشة والضعف”.
وأشارت إلى أن “حجم ما تم التفريط فيه لا يقدر بثمن، والمجهودات والإنجازات التي حققها أصحاب الضيعات في الأراضي المفقودة لا تحتاج إلى الكثير من الأدلة والبراهين لإثباتها. تكفي العودة إلى عدد وعمر النخلات للإحالة إلى ضخامة السنين ووزن الأموال التي أنفقت. والأكيد أنه لن يعوضها ما بقي من العمر ولا أموال قارون”.
واستغربت الجمعيات مِما أسمته بـ”إعفاء الدولة المغربية نفسها من الحاجة للإجابة عن الأسئلة الكثيرة التي يطرحها الساكنة حول هذا الترحيل المهين لفلاحي العرجة والمهلة التعجيزية ( 18 مارس) وحول التستر وراء هذا الصمت المطبق لكبار مسؤولي الدولة من جهة ومن وسائل الإعلام الخاصة والعمومية من جهة أخرى”.
ودعت المصادر ذاتها، إلى “اتخاذ الخطوات السريعة الكفيلة بتنويع طرق الاحتجاج المشروع وإرساء الأسس السليمة وإقرار لجنة للحوار والمتابعة من بين أعضائها ممثلي الضحايا القدماء والجدد ورجال القانون للوصول إلى نتائج منصفة، تكون في مستوى ما يبديه الحراك من تضحيات وساكنة فجيج من استعدادهم للحفاظ على أرضهم واسترجاع حقهم في استغلال كل ممتلكاتهم الأصيلة”.
أصحاب البدلة السوداء يدخلون على الخط !
في سياق ذلك قرر نادي المحامين بالمغرب تكوين خلية أزمة قصد مواكبة أزمة الفلاحين بمنطقة فكيك ردا على قرار السلطات الجزائرية إخلاء منطقة دوار العرجة بفكيك، والتي يعتقد حسب اتفاقية ترسيم الحدود بين المغرب والجزائر، الموقعة بتاريخ 15 يونيو 1972 أنها تابعة للتراب الجزائري في حين لاتتوفر معطيات قانونية تؤكد هذا الطرح لحد الآن.
وكشف نادي المحامين بالمغرب، الذي يرأسه المحامي الشاب مراد العجوطي، أنه فتح قنوات الاتصال بالمتضررين من أجل تجميع كل المعطيات والوثائق ودراسة السبل القانونية المتاحة، من أجل المطالبة بالتعويض عن نزع ملكية هاته الأراضي، وفي حالة عدم استجابة القضاء الجزائري، الترافع أمام المنتظم الدولي بما فيه القضاء الإفريقي ومحكمة العدل الدولية.
وأكد نادي المحامين بالمغرب، في بيان له، أن “تصريح الساكنة بخصوص استغلالهم لهاته الأراضي لما يفوق 30 سنة يجعلهم من مكتسبي الملكية، عن طريق الحيازة طبقا لمقتضيات القانون”، موضحين “الحيازة تعرف على أنها وضع اليد على الشيء والتصرف فيه تصرف المالك في ملكه، مع حضور المحوز عنه وعلمه وسكوته، وعدم منازعته طوال مدة الحيازة”.
وأضاف محامو المغرب، أن “المادة 827 من القانون المدني الجزائري تنص على أنه من حاز منقولا أو عقارا أو حقا عينيا منقولا، كان أو عقارا، دون أن يكون مالكا له أو خاصا به، صار له ذلك ملكا إذا استمر حيازته له مدة خمسة عشر سنة بدون انقطاع”.
وأكد هؤلاء “أغلب فقهاء المالكية اتفقوا على أن الحيازة المتوفرة على شروطها تكون صحيحة، وتفيد صاحبها في مواجهة مدعي الملكية”، منوهين إلى أنه “إذا حاز شخص عقارا، وظل ينسبه إلى نفسه ويدعي ملكيته والناس ينسبونه إليه، وتصرف فيه تصرف المالك في ملكه، مع حضور المحوز عنه ببلد الحوز وعلمه بالحيازة، وبملكيته لذلك العقار، وسكت بالرغم من ذلك، ولم ينازع الحائز من غير مانع أو عذر شرعي، حتى مضت المدة المعتبرة في الحيازة، فإن حقه يسقط ولا تسمع دعواه ولا بينته، ويعتبر الحائز مالكا للشيء المحوز”.
وخرجت، أمس الخميس 18 مارس الجاري، أفواج من ساكنة فيجيج مرفوقة بملاك ضيعات العرجة الذين تم طردهم من أراضيهم من طرف السلطات الجزائرية، وذلك تزامنا مع استيلاء هذه الأخيرة على أراضيهم التي عمروا فيها لعقود طويلة.
الناس/متابعة