الزميل هشام ناصر يشرح في أطروحة دكتوراه دور المعارضة البرلمانية في النظام الدستوري المغربي

أكد على مقترح "إخراج نظام خاص بالمعارضة البرلمانية باعتباره الإطار القانوني الأمثل لحماية وتعزيز حقوق الأقلية البرلمانية وعقلنة تركيبة المعارضة"

0

-مجمل المقترحات التشريعية للمعارضة خلال الولاية العاشرة عكست حالة من انعدام التوازن بين مختلف القطاعات

-رغم الوضع الاعتباري للمعرضة في دستور 2011 فإنها توجه إكراهات ومثبطات تمتد إلى المماطلة والتسويف

-المعارضة تفتقد للوسائل الكفيلة بتمكينها من الاطلاع على مجمل القرارات التي اتخذتها الحكومة أو ما تخطط للقيام به

-سلوك الحكومة يؤدي عمليا إلى تحويل البرلمان إلى مجرد مؤسسة شكلية والمعارضة لا تبدي أية مقاومة رغم حدة النقاش الذي يصل إلى توجيه الاتهامات للحكومة

-الولايتان التشريعيتان الأخيرتان أبانتا عن ضعف ذاتي للمعارضة نتيجة أسباب مختلفة مرتبطة أساسا بضعف التنسيق بين مكوناتها

-برلمانيون يستخدمون الأسئلة لأسباب أخرى غير السعي وراء المساءلة الوزارية، وذلك كأداة لتمثيل المصالح الخاصة لدوائرهم الانتخابية مقابل التصويت لفائدتهم في الانتخابات اللاحقة على حساب الأدوار البرلمانية الأخرى، مثل الرقابة على العمل الحكومي.

 

تلك بعض محاور بحث صديقنا الإعلامي هشام ناصر إبان مناقشة أطروحته لنيل الدكتوراه في القانون العام تحت عنوان: “المعارضة البرلمانية في النظام الدستوري المغربي والأنظمة الدستورية المقارنة”، تحت إشراف الدكتور محمد البزاز، وذلك صباح يوم 19 أبريل 2025 بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بمكناس، حيث حصل على نتيجة مشرف جدا، مع تنويه جميع أعضاء اللجنة العلمية.

وخلص الطالب الباحث إلى جملة من التوصيات والاقتراحات أبرزها ضرورة تفعيل المقترح الملكي “بإخراج نظام خاص بالمعارضة البرلمانية” باعتباره الإطار القانوني الأمثل لحماية وتعزيز حقوق الأقلية البرلمانية وعقلنة تركيبة المعارضة، تحت قيادة الحزب الأكثر تمثيلا داخل مجلس النواب….

وهكذا تناولت الأطروحة أهمية اعتراف دستور 29 يوليوز 2011 لأول مرة بحقوق المعارضة البرلمانية، ما شكّل خطوة مهمة، ودلالة ذات بعد رمزي، علما أن الأمر لم توقف عند حدود الاعتراف بالمعارضة البرلمانية بل منح لها وضعا خاصا، مما مكنها (المعارضة) من الانتقال إلى مؤسسة قائمة الذات، حيث لم تعد هذه المعارضة مختزلة في الحزب السياسية، بل إنها امتدت إلى البرلمان عبر قناة “فرق المعارضة” بعد أن مكنها المشرع الدستوري من عدة آليات تسمح لها بالمساهمة والمشاركة في تدبير الشأن العام الوطني من خلال المقاربة التشاركية، التي عبر عنها الفصل 10 من الوثيقة الدستورية..

كما تطرقت الأطروحة إلى تقييم حصيلة الأداء التشريعي والرقابي للمعارضة البرلمانية خلال الولايتين التشريعيتين العاشرة والحادية عشرة، حيث أشار الباحث، فيما يتعلق بالأداء التشريعي للمعارضة البرلمانية، إلى كون مجمل المقترحات التشريعية التي تقدمت بها المعارضة البرلمانية خلال الولاية العاشرة عكست حالة من انعدام التوازن بين مختلف القطاعات، حيث تركزت حول قطاعات العدل، والتشريع، وحقوق الإنسان، والداخلية، والسكنى، والجماعات الترابية، بينما تم إهمال مجالات  لها ثقلها ووزنها في مجالي التشريع والمراقبة، وخاصة قطاع الاقتصاد والمالية، والقطاع الاجتماعي، والقطاع الانتاجي، وقطاعي البنيات الأساسية والطاقة والمعادن والبيئة…

إن هذا الوضع يكشف عن مدى القصور الذي اتسم به أداء المعارضة في مجال التشريع وغياب التوازن بين مختلف القطاعات، مما يكشف عن غياب استراتيجية واضحة للمعارضة في مجال التشريع، ناهيك عن غياب التنسيق وتشتت جهود المعارضة وبروز هاجس التوافق أحيانا مع مكونات الأغلبية، سواء من خلال التصويت على مشاريع الحكومة، أو من خلال تقديم مقترحات مشتركة، وهو سلوك كان محكوما بخلفيات ومصالح سياسية واضحة.

وأبانت الدراسة عن نهج الحكومة وباستمرار لسلوك يؤدي عمليا إلى تحويل البرلمان إلى مجرد مؤسسة شكلية، علما أن المعارضة في سلوكها التصويتي لا تبدي أية مقاومة اتجاه المبادرات التشريعية للحكومة؛ فرغم الحدة في النقاش الذي يصل إلى حد توجيه الاتهامات للحكومة، فإنه في النهاية يتم التصويت بالإجماع.

وأشار الباحث إلى أن الولايتين التشريعيتين الأخيرتين أبانتَا عن ضعف ذاتي للمعارضة نتيجة أسباب مختلفة مرتبطة أساسا بضعف التنسيق بين مكوناتها، مما تولد عنه تشتت في الرؤى والأفكار والتوجهات، وعدم امتلاكها لمخطط واضح للتحرك والفعل، وهذا ما يظهر كثيرا على مستوى تدخلاتها بخصوص النقاشات حول التشريع، وممارسة دورها الرقابي، ومناقشة السياسات العمومية، بالإضافة إلى انعدام الحد الأدنى من التقاطعات المذهبية.

كما سلط الطالب الباحث الضوء على عدد من الإكراهات والصعوبات التي تواجه المعارضة البرلمانية في تفعيل آلية السؤال البرلماني، وأبرزها التأخر الحكومي في الأجوبة، حيث لم يرتب المشرع الدستوري أي جزاء على عدم تقيد الحكومة بالأجل الدستوري، إلى جانب الغياب المتكرر لأعضاء الحكومة عن الجلسات الأسبوعية للأسئلة، فيكون الغياب بدون إنابة وسيلة للتهرب من الأجوبة.

وإلى جانب كل هذه المثبطات تواجه المعارضة صعوبات في تفعيل آلية السؤال البرلماني، بسبب تلقي نوابها لإجابات تتضمن معطيات عامة وغامضة بدل أن تكون معطيات دقيقة، وفي بعض الأحيان تكون الردود المكتوبة غير كاملة، وأحيانا تكون مطولة وذات طبيعة فنية أكثر من اللازم، وهو ما يؤدي إلى استبعاد أفراد الجمهور من فهم محتوى الأجوبة الحكومية.

ولعل أبرز عائق يحول دون تفعيل آلية السؤال الشفهي من قبل المعارضة هو البرمجة الزمنية، واعتماد الأقطاب الحكومية، وأحيانا حينما يغيب الوزير المعني في قطبه، يضطر المنتخب الانتظار شهر آخر من أجل إعادة برمجة سؤاله، علما أن السؤال، دستوريا، يوجه من طرف المنتخب، وتجيب عليه الحكومة، بغض النظر عن الوزير المعني بالرد.

ومن جملة الصعوبات التي تعترض تفعيل آلية السؤال البرلماني من طرف المعارضة، حسب الباحث هشام ناصر، هو افتقاد المعارضة البرلمانية للوسائل الكفيلة بتمكينها من الاطلاع على مجمل القرارات التي اتخذتها الحكومة أو ما تخطط للقيام به.

هذا التباين المعلوماتي يمكن الحكومة في نهاية المطاف من تعزيز سياساتها الخاصة.

كما لوحظ، يضيف الباحث في أطروحته، أن برلمانيين يستخدمون الأسئلة لأسباب أخرى غير السعي وراء المساءلة الوزارية، حيث يتم استخدامها من قبل العديد من النواب كأداة لتمثيل المصالح الخاصة لدوائرهم الانتخابية مقابل التصويت لفائدتهم في الانتخابات اللاحقة على حساب الأدوار البرلمانية الأخرى، مثل الرقابة على العمل الحكومي.

وخرجت الدراسة بجملة من التوصيات والاقتراحات أبرزها ضرورة تفعيل المقترح الملكي “بإخراج نظام خاص بالمعارضة البرلمانية” باعتباره الإطار القانوني الأمثل لحماية وتعزيز حقوق الأقلية البرلمانية وعقلنة تركيبة المعارضة، تحت قيادة الحزب الأكثر تمثيلا داخل مجلس النواب…

وناقش الزميل هشام ناصر أطروحته، حيث حصل على نتيجة مشرف جدا مع تنويه جميع أعضاء اللجنة العلمية المكونة من كل من: الدكتور محمد البزاز، أستاذ التعليم العالي بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بمكناس رئيسا ومشرفا، والدكتور عبد المالك احزرير أستاذ التعليم العالي بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بمكناس مقررا، والدكتور محمد نشطاوي أستاذ التعليم العالي بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بمراكش مقررا، والدكتور ندير اسماعيلي أستاذ التعليم العالي بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بمكناس مقررا، والأستاذة منية بنلمليح أستاذة التعليم العالي بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية عضوا، والدكتور محمد الفاضلي أستاذ محاضر مؤهل بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بمكناس عضوا.

الناس/الرباط

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

أترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.