“القاسم الانتخابي” و”القاسم الريعي” و”القاسم الغبائي”!
نورالدين اليزيد
ما يجري هذه الأيام من تهافت للسياسيين والدولة، معا، على إما تمرير بعض القوانين التي تكرس سيادة الريع والمغانم والمكاسب وسرقة المال العام، كقانون المعاشات الذي يرفع تكلفته على حساب جيوب المواطنين الذين ستقتطع منها نحو 3000 درهم صافية تمر مباشرة، كمساهمة عمومية، إلى رصيد برلماني تافه لم يكن يحسن حتى قراءة ما كتبوه له ليمليه في قاعة البرلمان، بعد أن يحصل على معاش سمين لا يستحقه.. وإما بتهافت وتكالب الأحزاب على تطبيق ما يسمى “القاسم الانتخابي” على عدد المسجلين في لوائح الانتخابات، لتوزيع المقاعد البرلمانية، وليس على أساس عدد الذين أدلوا بأصواتهم صحيحة، وهو ما يعني أن هناك رغبة في اعتبار أصوات الموتى والغائبين والمقاطعين للانتخابات حاسمة وتحدد مستقبل الأحياء والذين يدلون بأصواتهم..
كل هذا وما خفي كان أعظم يعني شيئا واحدا ووحيدا.. أن ما يهم الأحزاب والدولة معا هو مآربهم الشخصية الضيقة، والمحددة تحديدا في: تسمينهم بمزيد من الريع والتعويضات غير المستحقة، وفي ذات الوقت إضعافهم، بحيث لا يستطع حزب أو حزبان التوفر على القدرة ليكون أغلبيا يؤرق الدولة، تماما كما حدث مع البعبع “الإسلامي” #بيجيدي..
الدولة أو جزء من محيط السلطة، حتى لا نجازف بحكم قيمة على الجميع، للأسف ما يزال يعيد نفس الأخطاء المربِكة بل القاتلة.. فبالأمس فقط عمل هذا الجانب من السلطة على إضعاف حزبين وطنيين من حجم “#الاستقلال” و”#الاتحاد”. بل الأنكى والأمر، أن تمادى هذا الجانب الأرعن في #السلطة، على جعل حزب “#الوردة” والشهداء أمثال #بنبركة و #بنجلون و #بوعبيد (جعله) أهون من الوهن وأصلا تجارية رخيصا في جيب شخص كـ #لشكر يستعمله حتى في الصفقات التافهة وحتى لو فرضت عليه الاختباء وراء حزب إداري ليكون ممثلا في حكومة بحقيبة واحدة ويا للحسرة!!
هذا الوضع جعل حزب #بيجيدي يتغول أكثر من مستواه الطبيعي ويتوهم أنه هو الأول والآخر في هذه البلاد الرحبة التي اسمها #المغرب.. بينمها الذي جعله كذلك هو #المخزن.. وهو بضعة عشرات من آلاف من المريدين الذي يذهبون مغمضي الأعين يوم الانتخابات للإدلاء بأصواتهم له، بينما في واقع الأمر لو كان هذا الجانب الساذج بل الغبي في السلطة ترك الأحزاب الوطنية توظب بيتها الداخلي وتجدد دماءها وتلفظ أنصاف السياسيين والانتهازيين والمهرولين إلى فتات موائد السلطة أمثال #لشكر و #شباط والذين في فلكهم، لكان الوضع غير الوضع، ولكان الناخبون أنفسهم طردوا هذا الحزب الذي جاءهم بثياب التقوى والورع وها هو يرتدي اليوم ألبسة الريع والتربح، بدل أن تلوذ السلطة للاستنجاد بأشباه الأحزاب وبالموتى من الناخبين..
إن كان هناك من حديث ونقاش فإنه لا يجب أن يكون عن “القاسم الانتخابي”، بل عن “القاسم الريعي” و “القاسم الغبائي” الذي طالما تخبط ويتخبط فيه جانب مؤثر في السلطة!
الغباء السياسي لا حدود له عند سياسيينا..
حزب التقدم والاشتراكية الذي لفظه إخوان “#العثماني” من الحكومة بعدما احتضنه نفس “الإخوان” في عهد سيء الذكر “#بنكيران”، رغم أنه حزب لو كان يتحلى بقليل من الشجاعة والمروءة وقليل من نبل النضال السياسي، كان عليه اختيار البقاء في المعارضة، على الأقل احتراما لمعطيين أساسيين هما: أولهما الاختلاف الجدري بين ما يؤمن به كعقيدة ومرجعية تقدمية اشتراكية تختلف تماما مع عقيدة وإيديولوجية الحزب الذي يرأس الحكومة (الإسلامي)، وثانيهما، حجم المتواضع جدا داخل المؤسسة البرلمانية حيث إن عدد نوابه البرلمانيين لا يسمح له حتى بتشكيل فريق برلماني..
الحزب التقدمي –يا حسرة- بكل أطره وقادته اعتبر أن “مناقشة قانون معاشات البرلمانيين لا يكتسي الأولوية في هذه الظروف الصعبة”.. يتبنى هذا الموقف وهو يجهل أو يتجاهل خبرا تناقلته وكالات الأنباء الدولية قبل ايام فقط من “الصديقة” #إيطاليا إحدى أكبر القوى الاقتصادية في العالم، التي اضطر ساستها إلى إجراء استفتاء عام في ظل هذه الظروف الوبائية، للتخفيض من عدد النواب البرلمانيين (في غرفتين)، وذلك بمبرر أن الميزانية العامة والظرفية الاقتصادية الناتجة عن أزمة #كوفيد_19 لا تتطلب إهدار المزيد من الأموال..
وتم إجراء الاستفتاء العام في 20 سبتمبر الماضي، فعلا، وبناء على نتائجه سيتم تخفيض عدد البرلمانيين في مجلس النواب من 634 إلى 400 (أي تخفيض بنحو الثلث). وتقليص عدد أعضاء مجلس الشيوخ من 315 إلى 200.
وفي تفاعل مع النتائج خرج وزير خارجية هذا البلد الأوروبي الصناعي إلى الرأي العام ليقول بكل رجولة ومروءة يفتقدهما سياسيونا جميعهم، إن “النتيجة تاريخية، يمكننا العودة إلى برلمان عادي بامتيازات أقل و345 مقعدا أقل”!!
عندما ترى السياسيين في #إيطاليا ثامن أكبر مصدر في العالم والـ12 عالميا كأكبر اقتصاد يستغلون ظروف الوباء لإجراء مثل هذا الإصلاح السياسي الوازن والضخم، معتبرين الجائحة الفرصة المواتية والملائمة، على الأقل من باب إظهار التعاطف مع الوضع العام وكذا التضحية من أجل استمرار البلد قويا، في مقابل أنك ترى السياسيين في بلد فقير كـ #المغرب تغرقه الديون وتسجل مؤشراته الاقتصادية ألوانا حمراء من التراجع بشكل يومي، ويخرج منه حزب يدعي #التقدمية_والاشتراكية ويرفض مجرد مناقشة معاشات البرلمانيين المبنية على أكل أموال الشعب بلا مبرر مقبول… عندما تكون أمام مثل هذا الوضع فاعلم أن لدى هؤلاء الناس هناك رجال وسياسيون حقا يكتوون بما يكتوى به الوطن والمواطن، واعلم أن عندنا مجرد أشباه سياسيين بل قل حتى أشباه رجال ما داموا لا يحملون هم الوطن والمواطنين ويبحثون فقط على التموقع..وعلى خطب ود الأحزاب ذات الأغلبية حتى إذا فازت في انتخابات وشيكة أقحموا معهم مثل حزب “التقدم والاشتراكية” هذا في حكومة ريعية جديدة.. وليستمر حال هذا الوطن على حاله في غياب الرجال!!
و #خليونا_ساكتين
https://web.facebook.com/nourelyazid
ملحوظة: المقالة هي في الأصل عبارة عن تدوينتين نشرهما الكاتب على صفحته الفيسبوكية