المخرج والباحث السينمائي محمد الطريبق يواصل الكشف عن ماهية السينما في إصدار جديد

0

أولا، لا بد من الإشارة إلى أن ما نتطرق إليه هنا هو فقط قراءة بسيطة للعمل الثاني الذي أصدره مؤخرا، المخرج والباحث السينمائي محمد الشريف الطريبق، والموسوم بـ”ماهي السينما.. كتابات وتأملات لمحاولة الفهم”، وهي قراءة لا تتجاوز علاقتي بالفن السابع كمتتبع لهذا الفن وعملي في الصحافة، الذي جمعني بحوارات مع نخبة من مخرجين وممثلين في المجال المفعم بالحياة، وإن كان في الوقت الحالي، حسب ما جاء في كتاب  دادلي أندرو، وهو بالمناسبة يحمل العنوان نفسه الذي اتخذه الشريف الطريبق، “ماهي السينما؟”؛ يقول أندرو في مقدمته “أن دراسات السينما تمرّ بحالة دفاعية” لأن فكرة السينما “آخذة في التغيّر من حولنا… عقب موجة المد الرقمي… وإن كانت من الممكن أن تتعايش مع التكنولوجيا الجديدة والاستفادة منها”، وهذا الموضوع وحده يستحق بالفعل دراسات وأبحاث أكثر من الغوص في التاريخ التقليدي للسينما…

تتويج الطريبق في أحد المهرجانات

نعود إلى موضوعنا وإلى المؤلف الجديد لمحمد الشريف الطريبق، والذي أفرد فيه حيزا وافرا عن علاقته (هو) وعشقه للفن السابع منذ طفولته، إلى أن استقام على الإخراج السينمائي، عبر مراحل يمكن أن نجملها بقوله: “كنت أحلم أن أكون ممثلا مشهورا يبكي ويضحك الجماهير، ويصفق له الملايين. كان عالم الفن يستهويني، وفي الآن نفسه يظهر لي بعيدا والولوج إليه مستحيل” (ص 9).

لكن المخرج محمد الطريبق الذي عايشته عن قرب، انطلاقا من تجربته الأولى في عالم الإخراج السينمائي، وهو عبارة عن شريط قصير “نسيمة” سنة 1998، لامست فيه بحق، قوة إصراره على مواصلة الطريق والانخراط في أعمال أخرى، وهو ما كان له، دون أن يعبر مرور الكرام عن ذكر محطات، أثرت معرفته ومساره قبل أن يشكل( نسبيا) رؤيته الخاصة، إلى درجة جعلته يخوض أيضا غمار التأليف والبحث، عكس الكثير من المخرجين المغاربة الذين لزموا خط الاخراج فقط… إذ نجده في مؤلفه هذا “ماهي السينما؟ ” إما معجبا : “هناك أفلاما كثيرة أعشقها بسبب استعمال مخرجيها صوت خارجي يعلق ويسرد كما في جل أفلام “مارغاريت دوراس ” أو في فيلم ” الانجليزيان والقارة ” للمخرج الفرنسي “فرونسوا تروفو” (ص37). أو مرتبطا باندهاش مثل حديثه عن فيلم “نهلة” لمخرجه الجزائري ” فاروق بلوفة” 1979 يقول الشريف عنه: “ارتبطت به لأشاهده في مرات عديدة لأنه كان قريبا من الصورة التي يمكن أن يكون عليه الفيلم الذي كنت أحلم به آنذاك …”، ويزيد الشريف الطريبق متحدثا عن هذا الفيلم، وهو الوحيد لـ”فاروق بلوفة” شكل بالنسبة إليه مرجعا أساسيا، لأنه حسب قوله “لا يخضع المادة الحكائية لقوالب سردية جاهزة …” ومن هنا جاء كما أخبرنا  مؤلف الكتاب ” ما هي السينما ؟” محمد الطريبق أنه (أي فيلم “نهلة” ) جعله يبحث عن سيناريو أقرب إليه وهوما حدث بعد سنين توّج بشريط ” زمن الرفاق ” سنة 2008 سيناريو الكاتب والباحث المتخصص في تاريخ شمال المغرب ذ. عزيز قنجاع .

غلاف مؤلف الباحث والمخرج محمد الشريف الطريبق

دون أن يفوتنا الحديث عن عناصر المفاجأة المستمرة في ايطار حديث المخرج / الكاتب الشريف طريبق عن فيلم “أكون أ لاأكون ” لمخرجه “ارنست لوبيتش” 1942 بقوله : “كلما شاهدت (الفيلم) كلما فاجأني، وكأني أكتشفه للمرة الأولى. ما أن أتخطى المشاهد الأولى حتى أفقد القدرة على توقع الأحداث أو العودة إلى الوراء…”

أم من زاوية أخرى انتقد الشريف الطريبق الكثير من الأفلام من حيث المسالك  التي اتخذتها قبل عرضها أمام المشاهد في تاريخ السينما بشكل عام لاتخاذها تصورات ومواقف مختلفة ومتباينة إما لبناء تمثيلات مصمّمة سلفا ( متحيّزة) أو لاستخراج رد فعل مباشر ومحسوب من المشاهد …

أحد أفلام المخرج الطريبق

إذن الخلاصة كما قلت، في سابق كلامي، هي قراءة بسيطة وسريعة لكتاب المخرج محمد الشريف الطريبق، “ما هي السينما؟”، في انتظار دراسات نقدية أوسع وأشمل وتضع الأصبع على الخلل…

*نبذة من نهج السيرة للمخرج والكتاب محمد الشريف الطريبق

هو من مواليد مدينة العرائش، صور أول فيلم قصير سنة 1998. وأخرج مجموعة من الأفلام السينمائية القصيرة والطويلة الروائية وأعمال تلفزيونية: زمن الرفاق (2008)، أفراح صغيرة (2015)..

ترأس وكان عضو تحكيم مهرجانات سينمائية وطنية ودولية، ونشر مجموعة من المقالات حول السينما بمنابر مغربية وعربية.

عبد الله ورياش

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

أترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.