بعدما اعتبر سبتة أوروبية.. مملكة محمد السادس تنتفض ضد الاتحاد الأوروبي وتتهمه بالتسلط والغطرسة

0

هاجمت المملكة المغربية بشدة، ما سمته “الماضي الاستعماري” للأوروبيين، وذلك على خلفية تأييد ومناصر الأوروبيين للجار الشمالي للمغرب اسبانيا، واعتبار سبتة ومليلية من التراب الأوروبي.

وجاء الانتقاد المغربي عبر مقالة تحليلية نشرتها وكالة الأنباء الرسمية (ماب)، اتهمت فيها الاتحاد الأوروبي، الذي صمت صمتا مريبا إزاء استقبال ترابه مجرم حرب هو زعيم البوليساريو على أراضي اسبانيا، بحسب الوكالة، متهمة الأوروبيين بـ”التسلط والغطرسة الذي يظهره الاتحاد الأوروبي في سياسته الخارجية مع البلدان الأجنبية”.

ويأتي الرد المغربي مباشرة بعد تصريحات على أمواج محطة إذاعية اسبانية، اتهم فيها نائب رئيسة المفوضية الأوروبية، مارغريتيس شيناس، المغرب بـ”ابتزاز” أوروبا عن طريق الهجرة، زاعما أن “سبتة هي أوروبا، إنها حدود أوروبية، وما يحدث هناك ليس مشكلة مدريد، بل إنها مشكلة جميع الأوروبيين”.

وفي ما يلي المقالة كاملة كما نشرتها وكالة المغرب العربي للأنباء (الرسمية).

عندما يحيد الاتحاد الأوروبي عن الصواب في الأزمة بين المغرب وإسبانيا

قام الاتحاد الأوروبي، الذي تعد آلته الدبلوماسية باهتة التأثير على الساحة السياسية الدولية، بزج نفسه في الأزمة القائمة بين مدريد والرباط، ليس للتنديد باستقبال مجرم حرب على التراب الأوروبي، ولكن للدفاع عن “أوروبية” الثغريين المغربيين المحتلين سبتة ومليلية.

ففي خروج غريب على أمواج محطة إذاعية إسبانية، اتهم نائب رئيسة المفوضية الأوروبية، مارغريتيس شيناس، المغرب بـ “ابتزاز” أوروبا عن طريق الهجرة.

وزعم أن “سبتة هي أوروبا، إنها حدود أوروبية، وما يحدث هناك ليس مشكلة مدريد، بل إنها مشكلة جميع الأوروبيين”.

فإذا كان الأمر يتعلق بإثبات مخلفات الماضي الاستعماري الذي تواصل أوروبا الدفاع عنه في وضح النهار، بينما نعيش في القرن الـ 21، فإن هذا التصريح المفاجئ يعكس شعورا مستترا بالكاد للتسلط والغطرسة الذي يظهره الاتحاد الأوروبي في سياسته الخارجية مع “البلدان الأجنبية”.

كما يعكس هذا الخروج عن الصواب مدى هشاشة أوروبا وقصر نظرها، عندما يتعلق الأمر باتخاذ موقف بخصوص قضايا مهمة من قبيل الهجرة أو الأمن. بالأمس، كان ذلك مع تركيا وروسيا، واليوم، جاء الدور على المغرب ليعاني من وقع إحباطات أوروبا العديمة الكفاءة والفاقدة لمعالم الطريق.

ويظهر تصريح المسؤول الأوروبي، أيضا، كيف يمكن للاتحاد الأوروبي، المنغمس في حسابات سياسية ضيقة، أن ينسى في جزء من الثانية جهود المغرب في تدبير أزمة الهجرة بروح من المسؤولية والرصانة والوفاء تجاه شركائه. فليس بوسع إسبانيا وأوروبا قول خلاف ذلك.

السيد شيناس نسي، أيضا، أن يعترف بأنه إذا كانت إشكالية الهجرة لا زالت قائمة منذ عدة سنوات مع مئات الموتى في المحصلة والكثير من الغرقى في عرض المتوسط، فإن ذلك يعزى أولا وقبل كل شيء إلى الإخفاقات المتتالية للاتحاد الأوروبي في إيجاد حلول شاملة ومنسقة وقابلة للتطبيق مع بلدان المصدر والعبور.

الهجرة هي قضية جدية. فالأمر لا يتعلق بمنح الأموال أو بتصدير مشكلة أوروبية في المقام الأول. لا يمكن لأوروبا إحاطة نفسها بسياج والرمي بجمرة ملتهبة لـ”الدول الأجنبية”. يبدو أن فكرة أوروبا “الحصن” المفضلة لدى أقصى اليمين المعادي للأجانب والعنصري، تجد صدى لها في بروكسيل.

كما ألمح نائب رئيسة المفوضية الأوروبية إلى “توظيف” المغرب لملف الهجرة، ضاربا عرض الحائط بالجهود الحثيثة والدؤوبة التي تبذلها المملكة في مجال محاربة الهجرة غير الشرعية. ونسي كذلك أن المغرب هو بلد ذو سيادة وأنه ليس دركيا لأوروبا.

السيد شيناس يتجاهل أو يتظاهر بتجاهل معطى مفاده أن المغرب كان أول بلد في المنطقة يتبنى سياسة وطنية للهجرة ذات طابع إنساني جنبت أوروبا “عبء” التكفل بآلاف المهاجرين، لاسيما المنحدرين من إفريقيا جنوب الصحراء الذين يندمجون اليوم على نحو جيد ضمن النسيج الاقتصادي والاجتماعي للمملكة دون أي تمييز، على غرار باقي مواطني البلد.

وقد أكسبت سياسة الهجرة الناجحة هاته المغرب موقعا رياديا على مستوى إفريقيا والحوض المتوسطي، حيث تتقاطع الرؤية الإقليمية والقارية للمملكة مع التزامها الدولي كفاعل دينامي ومتضامن في هذا المجال.

يذكر أن المملكة استضافت في دجنبر 2018 المؤتمر الدولي للهجرة برعاية الأمم المتحدة، والذي تم خلاله اعتماد الميثاق العالمي للهجرة الآمنة والمنظمة والنظامية. وليس هذا المغرب والمسؤول والملتزم والمنخرط على أعلى مستوى في البحث عن حلول وتوافقات مبتكرة في التفكير والتدبير العالميين لهذه المشكلة، هو الذي “سيوظف” المهاجرين ويلقي بمواطنيه في عرض البحر بدافع نزوة أو حقد قصد استهداف بلد جار. وسيتذكر المغرب، في المقابل، أن الاتحاد الأوروبي، المداهن والجامد، لم يتمكن من التعليق على استقبال إسبانيا لمجرم حرب على أراضيها.

أما بالنسبة للمجتمع الدولي، فيحق له التساؤل عن سبب الترحيب بهذا المدان سيء السمعة، الذي صدرت في حقه مذكرة اعتقال أوروبية، والذي يُستقبل بصفته شخصية مهمة على التراب الأوروبي، بينما يتم التخلي عن آلاف اللاجئين الفارين من الفقر والمجاعة والحروب في عرض البحر؟

الناس/ عادل الزعري الجابري (ومع)

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

أترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.