بعد التسريب المزلزل.. النظام الجزائري يثير سخرية الرأي العام بلجوئه إلى تشجيع أشبال بلماضي+فيديو

0

في الوقت الذي تسود فيها حالة ترقب وريب وسط أركان الجيش الجزائري، وفق معارضين مقيمين بالخارج، بعد التسريبات المزلزلة للذراع اليمني للجنرال الراحل قايد صالح، التي اتهم فيها قائد الأركان الحالي وعدد من كبار الضباط بالفساد، تخرج وزارة الدفاع الجزائرية في محاولة يائسة ببيان أشبه بالتهديد للفريق الجزائري لكرة القدم الذي يشارك في نهائيات كأس أمم إفريقيا، تحضه على الحفاظ على اللقب الإفريقي الذي بحوزته.

البيان الصادر عن وزارة الدفاع الوطني الجزائرية

وكان قرميط بونويرة رئيس أمانة الفريق الراحل أحمد قايد صالح رئيس أركان الجيش السابق ونائب وزير الدفاع الوطني الجزائري، قد كشف في فيديو مسرب بثه على الموقع يوتوب يوم الاثنين 10 يناير، عن وجود فساد مطبق منذ سنة 2018 على صعيد القيادة العسكرية الجزائرية، وهو ما دفع رئيس الأركان الراحل قايد صالح إلى إعطاء أوامر من أجل فتح تحقيقات في الموضوع، همت بالأساس قضايا تتعلق بتهريب المخدرات والسلاح في منطقة الصحراء.

وأشار المتحدث إلى أن نتائج التحقيق المعلن عنها في يوليوز 2019، أسفرت عن تورط 31 عقيدا، من بينهم العقيد محجوبي من مديرية أمن الجيش، الذي بدوره، اعترف باستفادة الفريق شنقريحة من 25 مليار دولار من عمليات التهريب والإتجار في المخدرات والأسلحة.

وقال بيان وزارة الدفاع الوطني الجزائرية، في البيان الموجه إلى المنتخب الوطني الجزائري، الذي اكتفى بالتعادل في أولى مباريات نهائيات كأس أمم إفريقيا، امام السيراليون، “بعد التعادل المحقق في المقابلة الأولى للمنتخب الوطني، يعرب الفريق السعيد شنقريحة رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي، عن تشجيعه المطلق لأشباب المدرب بلماضي”، وتمنى الفريق شنقريحة لفريق بلاده “انتصارات لاحقة في باقي المقابلات والاحتفاظ باللقب الإفريقي”، كما قال نص البيان.

وسرعان ما تفاعل نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي، لاسيما على الموقعين الشهيرين فيسبوك وتويتر، مع بيان وزارة الدفاع الجزائرية، وبينما أيده بعض النشطاء واعتبروه عاديا ويعتبر من قبيل تضامن القيادة مع منتخبها وتحفيزها على الانتصار، صبت غالبية الردود في اتجاه انتقاد التدخل السافر لقيادة الجيش في شأن كروي، واعتبرت مختلف الردود أن الأزمة السياسية الطاحنة التي يعيشها النظام الجزائري، وخاصة بعد التسريب المزلزل لفيديو قرميط بونويرة، يريد النظام الجزائري تصريفها قصد تلهية الرأي العام الوطني، ولا يوجد حاليا أكثر من مشجب الفريق الكروي.

وعلق جانب من النشطاء على البيان المثير للجدل، بأنه يتضمن تهديدا للاعبين، من مغبة عدم الفوز باللقب، لأن من شأن ذلك أن يمنح قبلة حياة جديدة للنظام الذي يعاني تطاحنات داخلية، ومن أزمة شرعية، حيث سيكون بإمكان ذلك أن يشغل المواطنين الجزائريين عن ازماتهم الداخلية العديدة، بفرح عابر، وسخر المعلقون، من أن الفشل في نيل اللقب قد يقود اللاعبين ومدربهم جمال بلماضي إلى سجن “الحراش” وغيره من السجون المعروفة في الجزائر.

إلى ذلك أكد بونويرة، في شريطه المسجل المسرب من داخل سجن “البليدة” الشهير أن شنقريحة سبق له أن اتصل به من أجل التوسط له عند أحمد قايد صالح، من أجل تغيير تعيينه من منطقة الصحراء خوفا من المحاسبة والزج به في السجن، حيث تمت بالفعل تلبية طلبه، مضيفا أنه كان من المقرر الزج به في السجن في شتنبر2019، إلا أن دخول البلاد في فترة جد حساسة جراء الحراك الشعبي، منع ذلك.

وأشار بونويرة في الفيديو المسرب الذي أحدث جدلا واسعا على مواقع التواصل الاجتماعي، إلى أنه بعد وفاة القايد صالح، وتسلم شنقريحة مكانه، طلب منه هذا الأخير، العمل معه، إلا أنه رفض ذلك لعلمه مسبقا بتورطه في قضايا التهريب والمخدرات. وأوضح بونويرة أنه سارع إلى اتخاذ جميع الإجراءات من أجل ذهابه إلى تركيا في حوالي منتصف مارس 2020، بعد علمه برغبة شنقريحة في تصفيته جسديا، مضيفا أن هذا الأخير، استدعى العقيد بوقرة من أجل تبييض ملفه لدى وكيل الجمهورية العسكري بالبليدة، وأمره بإعادة سماع أقوال 31 عقيدا من مديرية الجيش والدرك الوطني وتغييرها، مقابل إعفائهم من أية تهمة قضائية أو الزج بهم في السجن.

وتطرق بونويرة الذي وصفه معارضون جزائريون بأنه كان العلبة السوداء للرجل القوي في الجزائر أثناء الحراك الشعبي، القايد صالح، إلى التغييرات التي قام بها رئيس الأركان على مستوى الألوية بالجيش، مشيرا إلى أن جميعها كانت تصب لصالح أبناء منطقته الشرقية (شرقنة الجيش)، مقيلا بطريقة انتقامية كل الموالين للقايد صالح، أو الذين لا ينتمون للشرق الجزائري. ووصف بونويرة العدالة العسكرية بالعدالة الانتقائية، حيث أن كل القضاة ووكلاء الجمهورية بالمحكمة العسكرية ينتمون إلى الشرق الجزائري، في حين أن كل القضاة الذين ينتمون إلى الغرب أو القبائل تلفق لهم تهم ويتم الزج بهم في السجون.

واعتبر المتحدث أن من ثمار هذه السياسة الانتقائية أو عملية “الشرقنة” التي اتخذها الفريق شنقريحة، هو تغاضي أو ليونة المحاكم المدنية أيضا، مع ناهبي المال العام الذين ينتمون إلى المنطقة الشرقية، كالوزير السابق للصناعة بوشوارب، الذي استحوذ على 140 مليون دولار، بالإضافة إلى تبرئة خالد نزار وابنه رغم تورطهم في ملف فساد بقيمة أكثر من 3000 مليار في صفقات الانترنت والبريد.

وتجدر الإشارة إلى أن قرميط بونويرة، الذي يعتبر خزنة أسرار الراحل القايد صالح متهم بتسريب وثيقة حساسة “تتضمّن تفاصيل تحويلات ضباط الجيش وأسماءهم والرقم التسلسلي لكل واحد منهم”، وهي وثيقة سبق لبعض وجوه معارضة الخارج تداولها مثل العربي زيتوت الدبلوماسي السابق واللاجئ السياسي في بريطانيا.

وكان قرميط بونويرة، الذي يشغل منصب رئيس أمانة الفريق الراحل أحمد قايد صالح رئيس أركان الجيش السابق ونائب وزير الدفاع الوطني، قد فر إلى تركيا بعد وفاة هذا الأخير، حيث تم القبض عليه و ترحيله إلى الجزائر بتدخل شخصي من الرئيس عبدالمجيد تبون لدى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، ووجهت إليه تهم ثقيلة من طرف السلطات الحاكمة في الجزائر، منها الخيانة العظمى واستغلال منصبه للحصول على أملاك وأموال داخل وخارج الوطن، إضافة إلى تهمة الاتصال مع من تعتبرهم السلطات الجزائرية محرّضين هاربين من العدالة مقيمين في الخارج، قصد تسريب ونشر معلومات ووثائق سرّية.

عبدالله توفيق

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

أترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.