بلاغ ربط بيجيدي الزلزال بالذنوب والمعاصي يرتد على البيت الداخلي للحزب
في خرجة غير محسوبة العواقب وأثارت جدلا واسعا بين المغاربة، على مواقع التواصل الاجتماعي، لم يتردد بيان لحزب العدالة والتنمية (الإسلامي) في ربط الزلزال الذي ضرب عددا من المناطق المغربية يوم 8 سبتمبر الجاري، بما اقترفته السلطة من “ذنوب ومعاصي ومخالفات.. في الانتخابات والمسؤوليات والتدبير العمومي”، وهو ما جعل قيادات من الحزب تتبرأ منه.
وقال بيان صادر عن اجتماع الأمانة العامة للحزب المنعقد يوم السبت 23 سبتمبر، معلقا على الزلزال الذي ضرب منطقة الحوز يوم 8 سبتمبر ووصلت ارتداداته إلى عديد من المناطق بالمملكة، “علينا أن ننتبه إلى أن من معاني الرجوع إلى الله ما يفيد أننا مبتعدون عنه في أمور معينة، وعليه وجب أن نرجع إلى الله سبحانه وتعالى كي يضمد جراحنا ويعوضنا عن مصيبتنا خيرا”.
وأضاف حزب “بيجيدي” في البيان الذي وقعه أمينه العام ورئيس الحكومة الأسبق عبدالإله بنكيران، موضحا: “ولكن يجب أن نراجع كذلك كي نرجع إلى الله لأن كل شيء يصيب الإنسان فيه إنذار، والصواب هو أن نراجع كأمة ونتبين هل الذي وقع قد يكون كذلك بسبب ذنوبنا ومعاصينا ومخالفاتنا، ليس فقط بمعناها الفردي ولكن بمعناها العام والسياسي، لأن السؤال المطروح ليس فقط عن المخالفات الفردية، وإنما عن الذنوب والمعاصي والمخالفات بالمعنى السياسي، وتلك الموجودة في الحياة السياسية عامة والانتخابات والمسؤوليات والتدبير العمومي وغيرها”، وهذا ما اعتبره كثيرون تلميحا من حزب الإسلاميين إلى خروجهم من الحكومة في انتخابات 2021 بتلك الصورة المدوية.
وانتقد العديد من الكتاب والنشطاء الخرجة المثيرة للحزب الذي أدار الحكومة لمدة عشر سنوات، دون أن يحقق آمال الناخبين، الذين عاقبوه بقساوة في انتخابات 2021 حيث لم ينل إلا بضعة مقاعد برلمانية بعدما ظل لمناسبتين تشريعيتين (2011و2016) يتزعم الانتخابات بما يفوق المائة مقعد برلماني؛ واعتبر هؤلاء أن ربط حزب العدالة والتنمية الزلزال بذنوب ومعاصي في تجني على الناس واستخدام مقيت وانتهازي للدين، من أجل مكاسب سياسية بات شبه مستحيل تحقيقها من طرف هذا الحزب الذي عاقبه الناخبون بقسوة في انتخابات 2021 التشريعية.
وفي تفاعل، على ما يبدو مع هذا البيان غير المسؤول من حزبه، سارع القيادي في الحزب والوزير السابق، عبد القادر اعمارة، يوم الاثنين 25 سبتمبر، إلى تقديم استقالته من هذا التنظيم الحزبي، وكتب اعمارة في تدوينة على حسابه الموثق في “فيسبوك”: “بقلب يعتصره الألم على ما آلت إليه تجربة حزب العدالة والتنمية، فإني أعلن عن استقالتي من الحزب وكل هيئاته منذ هذه اللحظة”.
ومن جهته عبر القيادي الآخر المثير للجدل عزيز أفتاتي عن رفضه للبيان واعتبره “خطأ جسيما ما كان ينبغي للأمانة العامة أن تساير عبد الإله بنكيران فيه”، ما يعني اتهاما مباشرة للأمين العام بأنه هو الذي يقف من ورائه.
وأضاف أفتاتي في تصريح للزملاء في جريدة “هسبريس” قوله إن “اعتبار الزلزال غضب من الله خطأ شائع في الثقافة الإسلامية، ويدخل في باب العقائدية والفكرية، وأن هذه الأخطاء “لا ينبغي أن تتسرب لهذه الهيئات الإصلاحية”، بحسبه.
وزاد أفتاتي موضحا: “أنا لا أتفق مع ذلك الكلام، لأنه غير سليم من الناحية العقدية والفكرية. وهذه القناعة غير صحيحة، لأنه لا يمكن أن نقول إن جزيرة الوقواق ضربها إعصار، وهذا غضب إلهي”، منوها على أنه: “ما كان ينبغي للأمانة العامة أن تضمن كلام الأمين العام في البيان، وقد يفهم منه أنه إقرار أو اتفاق معه، وأنها تشاركه تلك القناعة وتتقاسمها معه، وهذا أستبعده”.
وفي نفس لبيان المثير للجدل أشاد الأمين العام لحزب “المصباح” بالدور المركزي للملك في تدبير مخلفات الزلزال، ونوه باجتماعاته المتكررة وبالسرعة والنجاعة والكرم الذي اتخذت به القرارات لتخفيف المصاب على ساكنة المناطق، التي ابتليت مباشرة بهذا الزلزال.
وأبرز بكيران أن الملك تابع هذا الموضوع بالقوة والحزم اللازمين واللذين أثارا الإعجاب والتقدير داخليا وخارجيا، وقرر أن ترصد الدولة ميزانيات مهمة لتقديم المساعدات المباشرة الفورية للساكنة المتضررة ولتمويل برنامج إعادة الإعمار والتأهيل، وهو ما سيكون خيرا وبركة على هذه المناطق من وطننا. كما نوه بالموقف المشرف للملك بخصوص تدبير ملف طلب المساعدات الأجنبية والمبني على صيانة السيادة الوطنية والتصرف بالعزة والكرامة، وهو ما يؤمن به ويقدره المغاربة عاليا.
سعاد صبري