تصاعُد الاحتجاجات في أمريكا وترامب يتوعد بإنزال الجيش.. فهل يفعلها؟
هدد الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، بإرسال الجيش لإنهاء الاحتجاجات المتصاعدة في الولايات المتحدة ردا على مقتل رجل أسود أثناء اعتقاله من قبل الشرطة.
وقال إنه في حال فشلت المدن والولايات في السيطرة على المظاهرات و”حماية السكان”، فإنه سيرسل الجيش “ليحل لهم المشكلة بسرعة”. وتصاعدت حدة الاحتجاجات على مقتل جورج فلويد خلال الأسبوع الماضي.
وقال نقيب في شرطة لوس آنجلس إن شرطيا قتل في إطلاق نار بعد محاولته تفريق الحشود.
وجرح عشرات الأشخاص بسبب استخدام السلطات الغاز المسيل للدموع والقوة لفض المظاهرات التي اجتاحت 75 مدينة.
كما أطلق الرصاص على أربعة ضباط شرطة ليلة الاثنين أثناء التظاهر في سانت لوي في ولاية ميسوري.
وفرضت عشرات المدن الكبرى حظر التجول ليلا:
– ليلة الاثنين، تم تحطيم أبواب متجر ماسيز الشهير Macy’s في مدينة نيويورك ونهبت محتوياته.
– سيستأنف حظر التجول في المدينة الثامنة مساء الثلاثاء بتوقيت غرينيتش.
– في شيكاغو، قتل شخصان أثناء الاحتجاجات في ظروف غامضة
– طرد قائد الشرطة في مدينة لويفيل في كنتاكي بعد أن أطلق اثنان من رجال الشرطة النار على الحشود ليلة الأحد، فقتلوا صاحب متجر مجاور.
– طالب رئيس الوزراء الأسترالي، سكوت موريسون، بالتحقيق في مزاعم اعتداء الشرطة على صحفيين أستراليين كانا يغطيان الاحتجاجات في واشنطن.
– تعهدت قنوات الموسيقى والمشاهير بإيقاف الموسيقى لمدة ثماني دقائق، وهي إشارة إلى الزمن الذي ركع فيه ضابط الشرطة واضعا ركبته على رقبة جورج فلويد.
– بدأت المظاهرات بعد انتشار فيديو يظهر جورج فلويد، 46 عاما، وقد ألقى القبض عليه رجل شرطة أبيض في مدينة مينيابوليس، يوم 25 مايو/أيار، ووضع ركبته على رقبة فلويد الذي كان يتوسل إليه قائلاً إنه لايستطيع التنفس.
– وقد وجهت للضابط، ديريك تشوفين، تهمة القتل من الدرجة الثالثة وسيمثل أمام المحكمة الأسبوع القادم. كما طُرد ثلاثة رجال شرطة.
وأثارت قضية فلويد غضبا قديما يتعلق بالعنصرية وبقتل رجال الشرطة لأمريكيين سود. وجاءت هذه القضية بعد حادثة شهيرة قتل فيها مايكل براون في فيرغسون، وإيريك غارنر في نيويورك، وغيرها من الحوادث التي أشعلت حراك “Black Lives Matter”.
وبالنسبة للكثيرين، فإن الغضب عكس أيضا سنوات من الإحباط بسبب غياب العدالة الاجتماعية-الاقتصادية وبسبب التمييز، ليس في مدينة مينيابوليس وحدها.
ما الذي قاله ترامب؟
ألقى الرئيس خطابا مقتضبا من البيت الأبيض، وكانت تسمع أصوات قادمة من مظاهرة قريبة كان يجري تفريقها بعنف.
وقال “انتفض كل الأمريكيين ضد القتل الهمجي لجورج فلويد، وكانوا على حق”، لكنه أضاف إن ذكرى جورج فلويد يجب ألا “تطفئها (صور) الجموع الغاضبة”.
ووصف مشاهد السرقة والعنف في العاصمة يوم الأحد بأنها “عار كبير”، ثم تعهد بدعم قوة المدينة الدفاعية.
وأضاف: “أنشر الآلاف والآلاف من الجنود شديدي التسليح، والعسكر، وضباط تطبيق القانون لإيقاف أعمال الشغب والسرقة والتخريب، والاعتداءات والتخريب الوحشي للممتلكات”.
ودعا المدن والولايات لنشر الحرس الوطني، وهي القوة الاحتياطية للجيش والتي يمكن استدعاؤها للتدخل فيحالات الطوارئ المحلية، “بأعداد كافية للسيطرة على الشوارع”. وتم نشر 16,000 جندي حتى الآن.
وقال ترامب: “إن رفضت مدينة أو ولاية أخذ الإجراءات الضرورية.. عندها سأرسل جيش الولايات المتحدة الأمريكية وسيحل المشكلة لهم بسرعة”.
هل يمكنه فعل ذلك؟
لكي يقوم بتلك الخطوة، يجب على الرئيس أن يفعّل “قانون التمرد Insurrection Act”، والذي يستدعي في بعض الحالات أولاً تلقي طلب من حكام الولايات ليقوم الرئيس بذلك.
وكانت آخر مرة استخدم فيها هذا القانون تعود لعام 1992 خلال أعمال الشغب في لوس آنجلس بعد تبرئة أربعة رجال شرطة اتهموا بالإساءة لرجل أسود هو روندي كينغ.
وبسرعة، وجه أعضاء بارزون في الحزب الديمقراطي الانتقاد لتحذير ترامب. وقال جو بايدن، مرشح الحزب الديمقراطي في الانتخابات الرئاسية، إن ترامب ” ينوي استخدام الجيش الأمريكي ضد الأمريكيين”.
وبعد خطابه، مشى ترامب باتجاه كنيسة قريبة كان المتظاهرون قد الحقوا بها بعض الاضرار ليلة الأحد. ووقف عدد من مساعديه على الدرج، في حين وقف هو ممسكا الإنجيل أمام عدسات الصحافيين.
وأدانت رئيسة أسقفية واشنطن، ماريان بودا، ما قام به الرئيس ترامب، وقالت: “لقد أخذ رمزا مقدساً بالنسبة لتقاليدنا ووقف أمام دار عبادة وهو متوقع تماما بأن تكون تلك لحظة احتفالية. لا يمكننني فعل أي شيء سوى إدانة ما فعل”.
تصعيد باستخدام القوة؟
تحليل – أنطوني زوتشر مراسل “بي بي سي” لشمال أمريكا
طوال يوم الاثنين، تزايد الضغط على دونالد ترامب ليتخذ إجراءاً لمواجهة الاحتجاجات المتنامية في المدن الكبرى في شتى أنحاء الولايات المتحدة الأمريكية. وما أن غربت الشمس في واشنطن، حتى حدد الرئيس طبيعة هذا الفعل في خطابه المستعجل من حديقة البيت الأبيض.
تم تحذير حكام الولايات من أن الرئيس سيستخدم قانونا قديما جدا، يعود لقرون بعيدة، لإرسال الجيش الأمريكي لأرض أمريكية، في حال فشلهم في حماية الممتلكات وضمان سلامة الشوارع. وكان الرئيس قد أمر بالفعل بإرسال الجيش إلى العاصمة (واسمها السابق مقاطعة كولومبيا).
وقبل لحظات من حديث الرئيس، الذي كان يعد الوقوف إلى جانب المحتجين السلميين، كان الجنود المسلحون يبعدون محتجين سلميين من ساحة لافاييت، مقابل البيت الأبيض.
وكان الهدف تهيئة المكان للرئيس ليمشي مع كبار الموظفين عبر الحديقة باتجاه كنيسة سانت جون، التي تهدمت قليلا بعد أن أشعل مشاغبون النار فيها في الليلة السابقة – وقد تعتبر تلك الحركة إما لفتة رمزية أو انتهازا لفرصة لالتقاط صور لا داعي لها – وهذا وفقا لرؤية الشخص. وأثناء وقوفه أمام الكنيسة، حاملا الإنجيل، وعد الرئيس أن أمريكا “سترجع قوية” وأن ذلك “لن يستغرق زمنا طويلا”.
لم يجر الحديث عن إصلاح في سلك الشرطة ولا عن الأسباب الأساسية للتظاهر الذي بدأ الأسبوع الماضي. وبدلا من ذلك، قال ترامب إنه “رئيس القانون والنظام” – في إشارة على ما يبدو إلى أن حله للأزمة المستمرة سيكون التصعيد في استخدام القوة.
الناس/عن “بي بي سي”