نورالدين اليزيد
موقفي، أنا المغرد هذه التغريدات، من القتلة وكارهي الإنسانية أيّاً كانوا هو الرفض والتنديد والمقت، وهو موقف مبدئي لا رجعة فيه، ولا يُغنيني عنه أي فعلٍ أو مبررٍ قد يَصدُر عن القاتل لاحقا، إلى أن ألقى وجه ربي..
-1-
كلمةٌ لابُد منها..
كِمية التشفي الهائلة لفئات واسعة من العرب، من الخليج إلى المحيط، وبالخصوص هذا الفرح العارم لفئات واسعة من اللبنانيين والسوريين، في مقتل حسن نصر الله زعيم “حزب الله” اللبناني الشيعي، على يد الجيش الإسرائيلي، تفسر إلى أي حد صنع هذا الرجل أعداء له داخل وطنه وخارجه، وهو وحده سبب كافٍ ليُزيل عنه عباءة حتى الزعامة السياسية، وبالأحرى الزعامة للمقاومة ضد أي كان، بما في ذلك ضد إسرائيل، فالتاريخ يفيدنا بأن الزعماء الأحرار كانوا يُجمعون شعبهم وأمتهم ولا يُفرّقونهم!
هناك بعض الأفّاقين المُدَلّسين على الناس، وخاصة منهم المُتشبّعين بإيديولوجيَتَين معروفتين بإفلاسهما (اليسارية والإسلامية)، ورغبةً في الظهور بمظهر حاملي لواء ومشعل “المقاومة” التي باتت مفترى عليها، بل ومنتهكٍ عِرضُها مِن قبل هؤلاء المرتزقة، فإنهم يتعمدون، عن سبق إصرار وترصد، إلى إلصاق تهمة “الصّهينة” بمن يخالفهم الرأي ويقول إن هذه “المقاومة” ليست على قلب رجل واحد همُّها هو تحرير البلاد والعباد، من الصهاينة ومن غير الصهاينة من الأنظمة والتيارات والجماعات “المصلحية”؛ هؤلاء هُم أشدّ عداءً وظلماً على الشعوب حتى من الصهيونية، لأن أجندتهم مُضمرة وغير معلنة، بعكس أجندة الصهاينة المكشوفة على الأقل..
هنا نستحضر، في سياق محاولة البحث عن أجوبة وأسباب كل هذا الفرح، وحتى التشفي باغتياله، بعض كبائر “نصر الله” الدموية، سواء على الصعيد الوطني اللبناني، حيث ظل يصر على تزعّم حزبٍ بات بمثابة دولة داخل دولة، يَفخر هو وأتباعه بعصيانه للدولة الأم، ورفض أي تبعية أو موالاة لها، بل لم يتردد حتى في إعلان ولائه لولاية الفقيه في إيران طيلة مساره السياسي و”المقاوماتي”، أو على المستوى الإقليمي، حيث كان تدخلُه العسكري الهَمَجِي والمشاركة بفاعلية في إخماد ثورة السوريين ضد الطغيان وضد ديكتاتور دمشق السفّاح بشار الأسد، وتعذِيب وتقتِيل وتهجير ملايين السوريين، وتوثيق ذلك بالصوت والصورة؛ وقبل كل هذا وجب التذكير أيضا بتقتِيل الفلسطينيين بالآلاف، بداية ثمانينيات القرن الماضي، في الصيغة القديمة لتياره المقاوماتي “حركة أمل” الشيعية، التي شاركت بفاعلية وبِحمَاس مندفع في تصْفية الفلسطـينيين بالمخيمات، في ما سمي بمجزرة “صبرا وشاتيلا” الثانية (ماي 1985)، في أوج الحرب الأهلية اللبنانية.. هذا دعك من التهديدات، تلميحا وتصريحا، للرجل وقيادات حزبه، بأن هدفهم “الأسمى” هو الوصول إلى مقدسات المسلمين مكة المكرمة و المسجد النبوي الشريف، حتى ولو ظلوا يرفعون عبثا وبافتراء أنهم سيصلون إلى القدس الشريف ويحررونه، بل و”محو” الدول الخليجية، من على “الخليج الفارسي”، بحسبهم !!!
شخصيا أيدتُ هذا “الحزب” الشيعي في حربه عام 2006 ضد الاحتلال الإسرائيلي، للأسباب التي رفعها الحزب وقتئذ، والتي رأيتها موضوعية وواقعية وتستحق الدعم والتأييد، ما دام أن الأمر كان يتعلق بالدفاع عن الأراضي اللبنانية، وفي وقت لاحق من الحرب، بالضغط على إسرائيل للإفراج عن جنود لبنانيين أسرى لديها، حتى ولو أن الحرب كانت تُحركها بالأساس من الخلف إيران، فاستحقت بذلك حرب “يوليو 2006” لقب “أول حرب بالوكالة” بين إيران وإسرائيل… لكن بعد كل الذي جرى خلال ثورة الشعوب العربية في موجات “الربيع العربي”، والتدخل السافر لـ”حزب الله” للوقوف في خندق “الثورة المضادة”، بل وإلى جانب الحاكِم المجرم بشار الأسد، وسفك دماء ملايين السوريين الذين خرجوا للمطالبة بالحرية والعدالة الاجتماعية، منذئذ بدأت أمْقتُ هذا “الزعيم” المزيف المتعطش لدماء الأبرياء، الذي كشف عن حقيقته الديكتاتورية والاستئصالية والإجرامية عندما كان يستلذ بتعذيب وتقتيل السوريين، بل والادِّعاء الجبان المفترى عليه بأن الوصول إلى القدس يمر عبر الطريق السورية بالدوس على جُثث السوريين..
رَجل/زعيم شارك في كل هذه الجرائم ضد الأبرياء باستعمال كل أنواع الأسلحة الفتاحة بما فيها الكيميائية، لا يمكن إلا أن يلقى مقْتلُه الكثيرَ من الترحاب، على الأقل من طرف أهالي الذين قُتلوا واستُشهدوا على يد ميلشياته..
هذا غيض سياسي من فيض عقائدي لم أشأ الخوض فيه..
-2-
لسنا من المُتَشفين الشّامتين الفرحين بمصائب الناس، ولكننا فقط مؤمنون بقضاء الله وقدره حين نرى آياته مُجسدةً واقعاً ملموساً ونراها رأيَ العين..
قُضي الأمرُ وجفّ القلمُ وطويت الصحف!
-3-
ما فائدة أن تُحرِّرَ حتى القدس -هذا لو استطعتَ- بعد أن تكون قد قتلتَ ودُست على جثث الآلاف من المسلمين، وهجّرت الملايين الآمنين منهم، علما أن الله عز وجل قال: “مَن قتل نفسا بغير نفس أو فسادٍ في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا”!
ما قيمة وفائدة أن يكون زعيمٌ مسلمٌ من هذه الطينة؟!
-4-
أوّلُ ما يجب أن يفعله اللبنانيون، اليوم (المقصود بعد الضربات التي وُجّهت لـ”حزب الله” ومقتل زعيمه)، وبإلحاحٍ أكثرَ من أي وقت مضى، هو إعلاء كلمة الدولة وليس هذا الفصيل أو ذاك، وأن تكون الدولة وحدها لا شريكَ لها هي المكلفة بحماية البلاد والعباد في لبنان!
-5-
الدرسُ البليغ الذي لا يريد أنصارُ معسكر المقاومة -على علاتها- تَعلُّمَه واستيعابَه، هو هذا الخذلان من طرف الولي الفقيه (إيران) ومعه النظام السوري المجرم إزاء أحد أضلاع معسكرهم وهو يجابه “العدو” لوحده ويتكبد الخسائر الفادحة تلو الأخرى!!
متى يَعِي هؤلاء الأنصارُ ويستيقظون من أحلامهم الآخذة طريقها بخطى حثيثة لتتحول إلى كوابيس؟!
شخصيا أيدتُ هذا “الحزب” الشيعي في حربه عام 2006 ضد الاحتلال الإسرائيلي، للأسباب التي رفعها الحزب وقتئذ، والتي رأيتها موضوعية وواقعية وتستحق الدعم والتأييد، ما دام أن الأمر كان يتعلق بالدفاع عن الأراضي اللبنانية، وفي وقت لاحق من الحرب، بالضغط على إسرائيل للإفراج عن جنود لبنانيين أسرى لديها، حتى ولو أن الحرب كانت تُحركها بالأساس من الخلف إيران، فاستحقت بذلك حرب “يوليو 2006” لقب “أول حرب بالوكالة” بين إيران وإسرائيل… لكن بعد كل الذي جرى خلال ثورة الشعوب العربية في موجات “الربيع العربي”، والتدخل السافر لـ”حزب الله” للوقوف في خندق “الثورة المضادة”، بل وإلى جانب الحاكِم المجرم بشار الأسد، وسفك دماء ملايين السوريين الذين خرجوا للمطالبة بالحرية والعدالة الاجتماعية، منذئذ بدأت أمْقتُ هذا “الزعيم” المزيف المتعطش لدماء الأبرياء، الذي كشف عن حقيقته الديكتاتورية والاستئصالية والإجرامية عندما كان يستلذ بتعذيب وتقتيل السوريين
-6-
بِغض النظر عن أيٍّ من المُعسكرين يُؤيّد كلٌّ مِنّا، إلا أن العاقل مِنا لابُدّ أن يُقر بحقيقتين مُرّتَين ساطعتين: أولاهما، جُبنُ أو فسادُ أنظمتنا السياسية، وثانيتهما، إفلاسُ نُخبتنا، من المحيط إلى الخليج!
والسلام
-7-
الدولة المغربية أعلنت رسميا أن “حزب الله” يعادي الوطن ويهدد سلامة أراضيه، وحزبٌ قاد الحكومة داخل هذه الدولة لولايتين، يُصر على استفزاز هذه الدولة وشعبها، بالتنويه بهذه الجهة المعادية للوطن ولوحدته الترابية، ثم يأتيك من يتهم الدولة بكل وقاحة بأنها دولة تقمع الحريات!!
هل رأيتم وقاحة مثل هاته، سواء الصادرة عن الحزب أو الصادرة عن مَن يتهمون الدولة المغربية بتلك الاتهامات؟!
-8-
ما سمِعنا لحد الساعة (28 سبتمبر 2024) حتى نظام “بشّار الأسد” السفاح الذي قدم له “حزب الله” خدمات جليلة، بل كان من الذين أطالوا في عمره وعمر حُكمِه، قدَّم العزاءَ في مقتل زعيم الحزب، وسمعنا ورأينا حزباً مغربياً يعمل داخل مؤسسات الدولة المغربية، بل حتى إنه قاد الحكومة طيلة عشر سنوات، يسارع إلى تعزية حزب الله الذي أعلنت الدولة المغربية صراحة أنه يعادي البلاد والعباد ويهدد سلامة أراضي “المملكة المغربية”!
هذا التهافت المفضوح يحيلنا على السؤال البديهي والمشروع: هل قدم ويقدم “حزب الله” “خدمات” للحزب المغربي “الإسلامي” أكثر مما قدمه ويقدمه للنظام السوري؟!
مجرد سؤال بريء!
لا بأسَ للمرء أن يتضامن مع مَن شاء ومتى شاء، لكن أن يَعمد ويبْني ويُؤسس تضامنَه على أسلوب “مهما كان تحفُّظُنا!!”، وهو يقصد “التحفُّظ” على تقتيل شعب وتهجير مَن تبقى وتهديد سيادة بُلدان وأمنها، فهذا فيه تبخيس وازدراءٌ للدم (الذي هو أقوى من أي شيء آخر كما تقول أنتَ) وفيه تحقير لشيء اسمُه سيادة الدول، وفي مع كل هذا تبخيسٌ وازدراءٌ لِوعي الناس، فما هكذا يكون التضامن وما هكذا تُورد الإبِل..
-9-
أنَا شخصياً لستُ ضد من يقف إلى جانب ما يسمى محور المقـاومة وخاصة في نسختها “الشّيـعية”، وأؤمن بالحق في الاختلاف، ولكني فقط أطلب من هؤلاء أن يتحلَّوا بالشجاعة الأخلاقية ويُحدثونا عن الجـرائم البشِعة التي اقترفتها هذه “المقـاومة” ضد الشعب السوري الذي خرج يقاوم الطغيان ويَنشُد الحرية، وفي أي سياق أو إطار تندرج هذه الجـرائم؟ ففي الأول والأخير مَن يؤمن بالمُقاومة لا يمكن إلا أن يقف إلى جانبها خاصة عندما تكون من طرف الشعب، لا أن يقف إلى جانب الطغيان، أليس كذلك؟
-10-
لن أُحاجِجَك سي توفيق (الصحافي توفيق بوعشرين الذي عبر عن تأييده ودعمه لحزبه الله) في كلامكَ كله الذي فيه بعضٌ من تلْبيسٍ وشبه تدليسٍ على الرأي العام، وخاصة في قولك “مهْما كانت لدى الإنسان من تحفظات على خط حزب الله في قضايا إقليمية أو نزاعات حدودية، ما كان ينبغي له أن يتورط فيها.. “، حيث لنفرض أنك تقصد بـ”القضايا الإقليمية” قضية تدخله لمساندة النظام السوري أو ما سميته -وأقتبسه منك- تقديمَ “الإسناد” له، على غرار ما أطلقه اليوم على نفسه وهو ينخرط في حـرب غـزة، أليس إسنادُه لبشار الأسد بتقتيل الآلاف وتهجير الملايين أو على الأقل المشاركة في ذلك، هو فعلٌ وعملٌ إجرامي وحشي لا يمت بصلة لفعل “المقاومة”، خاصة عندما تكون مقاومةً شعبيةً، انطلقتْ مع موجة “الربيع العربي”، وأنتَ مِن المنافحين بقوة كما عرفناك عن “الربيع العربي”؟..
ولِنفْرضْ أن “انخراطه” أو “تورطَه” -على حد تعبيرك- في “نزاعات حدودية”، قد يُقصد به تورُّطُه في النزاع حول الصحراء المغربية، كما أعلنتْ ذلك الدولة المغربية صراحة وعبر وزارة الخارجية، ألا يكفي هذا التورط العدواني ليُعلنها المرء، بكل مروءة وصراحة، بأنَّ صاحب أو أصحاب هذه “الأجندة” التخريبية يعتَبر في عِداد أعداء البلد لا يستحق لا ثناءً في حياته ولا عزاءً بعد مماته؟ !
لا بأسَ للمرء أن يتضامن مع مَن شاء ومتى شاء، لكن أن يَعمد ويبْني ويُؤسس تضامنَه على أسلوب “مهما كان تحفُّظُنا!!”، وهو يقصد “التحفُّظ” على تقتيل شعب وتهجير مَن تبقى وتهديد سيادة بُلدان وأمنها، فهذا فيه تبخيس وازدراءٌ للدم (الذي هو أقوى من أي شيء آخر كما تقول أنتَ) وفيه تحقير لشيء اسمُه سيادة الدول، وفي مع كل هذا تبخيسٌ وازدراءٌ لِوعي الناس، فما هكذا يكون التضامن وما هكذا تُورد الإبِل..
-11-
لِنقُلها بصراحة.. الذين كانوا يقفون إلى جانب “مقاومة” الشعوب العربية في ما سُمي “الربيع العربي”، ضد الطغيان والظلم، وفي نسخة “الربيع” السورية تحديدا، ضد النظام السوري ومعه الحلف الثلاثي (روسيا وإيران وحزب الله)، واليوم يقفون إلى جانب أحد أضلع “العدوان الرباعي” على ثورة السوريين السلمية، وهو حزب الله وزعيمه، هم إما أن ذاكرتَهم مخرومة (مثقوبة) لا تختزن الأحداث ولاسيما الدموية منها، وإما كانت لهم أجندات خفية، شخصية أو لفائدة أطراف خارجية، ضد الأنظمة العربية، وإما أنهم منافقون وحسب، يميلون إلى حيث الريح والمصلحة تَمِيلَان..
-12-
الذين يعاتبوننا أو حتى يسبّوننا لأننا لم ولن ننسى مشاركة “حزب الله” و”إسناده” للطغيان في وَأْدِ الثورة السوريةالسلمية وسفْك دماء المواطنين السوريين وتهجيرهم وتشريدهم، ويستعملون أسلوب تبريرِ ما لا يُبرر، مِن قبيل “تحفّظنا على ما فعل “حزب الله” وزعيمه الهالك مؤخرا، من سفْك للدماء في سوريا، و”فَلْتشفَعْ له وقفته “البطولية” مع الشعب الفلسطيني”، ولعنة الله على موقظ الفِتنة”.. وهلُم جرّا..
نقول لهؤلاء، لِمَ تُصادِرون حقّنا في الاختلاف معكُم بالغضب مِن رصيد “حزب الله” الدموي في سوريا، حيث قتل عشرات الآلاف وشرّد وهجّر الملايين من الآمنين، عِلما أن الله عزّ وجلّ قد أعلنَها صراحة ومُزَلزِلة في مُحكَم كتابه، بأنّ قتْل مُؤْمنٍ واحد فقط -وليس عشرات الآلاف- يثير غضبه سبحانه ويستحق لعنتَه، وهو القائل: وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً (النساء: 93)؟!
-13-
حَسناً فعل الشيخ يوسف القرضاوي (إمام ومفكر إسلامي مصري كان يعيش في قطر) قبل أن يغادر إلى الدار الأخرى عندما تبرأ من “حزب الله”” ومِن دَعمه وتأييده له، ووصْفِه للحزب وقادته بأنهم “كَذَبة”!
حسناً فعل الشيخ المعتدل ولعل ذلك يُكتب له في ميزان حسناته وهو يلقى ربه!
وأعجب كل العجب من أن يظل “الإخوان” السُّنة مناصرين لِمن سفك دم أشقائهم بالآلاف، في سوريا، في واحدة من أبشع حروب الإبادة الجماعية التي شهدها التاريخ الإنساني الحديث، والمبرر المفترى عليه عندهم هو “إسناده” لفلسطينيي غزة، في حربهم ضد الاحتلال، وكأن إسناده لنظام بشار الأسد الإجرامي ضد شعبه كان برداً وسلاماً ولم يكن رصاصاً وكيماوياً، ناسين أو متناسين أن دم المسلم فوق كل اعتبار، حتى قال رسول الأنام صلوات الله وسلامه عليه: “لَأنْ تُهدم الكَعْبة حَجراً حَجراً، أهَوَن عند الله مِن قَتْل امْرئٍ مسلمٍ”، وقال أيضا بحسب ما روي عنه (ص)، “لَزوالُ الدنيا أهونُ عند الله مِن قَتْل مؤمن بِغَير حق” !
فهل دعْمُ الفلسطينيين، حتى وإن كان الأمر مشكوكا في طبيعة وحجم هذا الدعم ومدى ارتباطه بأجندة “الولي الفقيه” في إيران، يُلغي أو يتقدّم على الدم المهدور في سوريا، أو أنه أرفع وأسمى حتى مِن “الكعبة” و”الدنيا” اللتين جعل الرسول الأكرم حياة المسلم المؤمن فوقَهُما؟!
-14-
هناك بعض الأفّاقين المُدَلّسين على الناس، وخاصة منهم المُتشبّعين بإيديولوجيَتَين معروفتين بإفلاسهما (اليسارية والإسلامية)، ورغبةً في الظهور بمظهر حاملي لواء ومشعل “المقاومة” التي باتت مفترى عليها، بل ومنتهكٍ عِرضُها مِن قبل هؤلاء المرتزقة، فإنهم يتعمدون، عن سبق إصرار وترصد، إلى إلصاق تهمة “الصّهينة” بمن يخالفهم الرأي ويقول إن هذه “المقاومة” ليست على قلب رجل واحد همُّها هو تحرير البلاد والعباد، من الصهاينة ومن غير الصهاينة من الأنظمة والتيارات والجماعات “المصلحية”؛ هؤلاء هُم أشدّ عداءً وظلماً على الشعوب حتى من الصهيونية، لأن أجندتهم مُضمرة وغير معلنة، بعكس أجندة الصهاينة المكشوفة على الأقل.. وإنّ طيفاً مِن هذه المقاومة لا يمُت بِصلة لآمال الشعوب في الانعتاق، وإلّا لَما شارك ويشارك في إبادتها وهو يتحالف مع الطغيان ويضع يده في يده..
دعك من الأسلوب التبريري الخادع والخدّاع القائم على التلبيس والتدليس من قبيل: “بِغض النظر”، و”حتى مع تحفظنا”، و”لكل حصان كبوة”، و”عدُوّنا واحد”… وووو، من أجل إيجاد الأعذار لِمن قتل وسفك دم الأبرياء وهجّر آخرين بالملايين، وهو يرفع شعارا غاية في الوقاحة والسفالة، بأن طريق القدس تمر على جثث هؤلاء، فليس هناك أهم من حياة البشر، التي يجب صونها وعدم المساس بها؛ وكل من قتل إنسانا بل لازال يُصر على قتله، يعتبر مُجرماً مجرماً مجرماً، أكان مِن الصهاينة أو من بني جلدتنا حتى ولو لبس عباءة الدين أو رفع شعارا إيديولوجيا أخّاذا.. وإنّ جرائم قتل الإنسان لا يطالها التقادم أو التغاضي أو التبرير بالأعذار مهما كانت..
-15-
نهمس في آذان المُتهافتين على دعم الضّلع السفّاح في المقاومة، والمتهافتين على منتقديهم لصَهْينَتهم، بسؤالنا التنبيهي: أَلمْ يكن رئيسُ حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو يقترب أكثر فأكثر من حبل المشنقة بفضل صمود مقاومة “حماس” (السُّنية) في غزة، قبل أن يُقدّموا له رأس إسماعيل هنية فوق طبق من ذهب في عمق طهران، ثم مِن بعده وفوق نفس الطبق الذهبي رأسَ حسن نصرالله “يدُ” “المقامة الشيعية” التي يبطشون بها بطشًا السُّنةَ قبل غيرهم من “الأعداء” إن وُجدوا، ليتحول “نتنياهو” مِن مطلوبٍ رأسُه للعدالة الإسرائيلية وربما قريبا للعدالة الدولية أيضا، إلى بطل قومي، لإنجازاته الباهرة في الأيام الأخيرة ضد الشيعة بعد سَنة من الإخفاق أمام السُّنة؟!
أليس هذا وحدُه كافٍ للتمييز بين الأصيل وبين المُزيف أو المشتبه فيه من المقاومة؟!
ملحوظة: هذه المقالة هي تجميع لتغريدات نُشرت تِباعا على حسابات كَاتبِها في موْقعَي X (تويتر سابقا) وفيسبوك، منذ يوم السبت 28 سبتمبر 2024 أي غادة اغتيال زعيم “حزب الله” اللبناني حسن “نصر الله” مساء الجمعة 27 سبتمبر 2024