حكومتنا تستحق الإدانة ولكن الأوروبيين لا يستحقون شرف أن يدينوا!
نورالدين اليزيد
بعيدا عن نظرية المؤامرة التي بدأت السلطات المغربية في الاحتماء بها عبر “مصادرها” غير المكشوفة الهوية، للدفاع عن نفسها، وعبر استدعاء نواب البرلمان الذين يخدمون توجهات السلطة أكثر مما يخدمون مطالب المواطنين، في انتظار إصدار بيان طويل وعريض يندد بتوصية البرلمان الأوروبي الذي أدان بشدة تدهور حرية الرأي والصحافة بالمملكة الشريفة، فإن الثابت هو أن هذه الإدانة لها “أسباب النزول”، ولها كل المصوغات الموضوعية والقانونية والسياسية لإصدارها، ويكفي أن تتصفح تقارير المنظمات المهنية المحلية والدولية لتكتشف اللائحة العريضة للمعتقلين من نشطاء الرأي والصحافيين !
إذا كانت التوصية الأوروبية بإدانة المغرب غير مسبوقة؛ لأنها أولا جاءت عبارة عن إدانة لم تصدر مثلها عن الأوروبيين، منذ 25 سنة، بحسب منظمة “مراسلون بلا حدود”، وثانيا لقوة وزخم مسطرة وشكل التصويت على التوصية هاته (356 نائبا صوتوا لإدانة المغرب مقابل فقط 32 نائبا عارضوها منهم 17 نائبا اسبانيا، بينما امتنع عن التصويت عليها 42 نائبا)، فإن السؤال الذي يفرض نفسه بإلحاح هو أين أصدقاء المغرب في كل هذا، وخاصة الفرنسيين المرحب بهم بالأحضان لاستنزاف خيرات البلاد والعباد؟
صحيح أن برلمان الاتحاد الأوروبي يكيل بمكيالين، وتستحوذ عليه لوبيات محورها يساريون مسترزقون ومبتزون، لا يرون مثلا الانتهاكات الجسيمة التي تجري في ظل النظام العسكري الجزائري؛ وذلك بالنظر لارتباط اليسار الأوروبي الانتهازي التاريخي بحكام الجزائر، أو بالأحرى بدفاتر شيكاتهم، وبالنظر أيضا لسخاء النظام العسكري لفاقد للشرعية والباحث عنها بسخائه “البترولي والغازي” دون حسيب ولا رقيب لفائدة أوروبا، في عز الأزمة العالمية في الطاقة، ولكن ذلك لا يمنع من القول إن الانتهاكات وحملات القمع المتواصلة، بل وإصرار الحكومة على إخراج قوانين لتكميم أفواه المغاربة، والفساد الذي استشرى بشكل لافت وخطير، في ظل الحكومة الحالية، إلى الدرجة التي جعلت وزيرا للعدل يصر على تمرير امتحان مهني للمحاماة، رغم خروقات وشبهات شابته بالفساد، وهو ما يضرب القضاء في الصميم ويعري ويفضح مبدأ/شعار “استقلالية القضاء”، خاصة بعد انتشار لوائح لأبناء قضاة ومحامين اعتبروا من الناجحين في الامتحان المهني، ودافع عنهم بصفاقة الوزير إياه مستندا إلى مبررات واهية ومستفزة.. كلها عوامل تجعل من توصية البرلمان الأوروبي موضوعية ولها الكثير من المبررات والأسباب..
وإذا كانت التوصية الأوروبية بإدانة المغرب غير مسبوقة؛ لأنها أولا جاءت عبارة عن إدانة لم تصدر مثلها عن الأوروبيين، منذ 25 سنة، بحسب منظمة “مراسلون بلا حدود”، وثانيا لقوة وزخم مسطرة وشكل التصويت على التوصية هاته (356 نائبا صوتوا لإدانة المغرب مقابل فقط 32 نائبا عارضوها منهم 17 نائبا اسبانيا، بينما امتنع عن التصويت عليها 42 نائبا)، فإن السؤال الذي يفرض نفسه بإلحاح هو أين أصدقاء المغرب في كل هذا، وخاصة الفرنسيين المرحب بهم بالأحضان لاستنزاف خيرات البلاد والعباد؟
المؤكد أنه وبغض النظر عن موقفنا المبدئي من ازدواجية معايير الغرب والأوروبيين تحديدا ونفاقهم المفضوح، الذي عرته أكثر من مناسبة، وآخرها مناسبة كأس العالم التي جعلت كثيرا منهم يحتقرون المغرب والمغاربة بوقاحة بعيدة كل البعد عن التحضر والإنسانية، إلا أن الثابت هو أن السلطة بهذه البلاد ما فتئت تقترف انتهاكات فاضحة ومفضوحة في حق شعبها؛ وأن مجال حرية الرأي والصحافة والنشر يتعرض لهجمة شرسة تذكر بزسنوات الجمر والرصاص، وأن الاستغلال الفج والممقوت للسلطة، على غرار ما يجري في عهد الحكومة الحالية، سواء بتمادي رئيسها في نهج صارخ لتضارب المصالح، أو بفضيحة وزير العدل الأخيرة، وغيرها من مظاهر الفساد في هذا القطاع أو ذاك، كلها أسباب لا تجعل فقط البرلمان الأوروبي -الذي على كل حال مؤسسة لها وزنها القانوني والسياسي شئنا أم أبينا- وإنما تجعل حتى أنظمة مفلسة ومعتوهة كالنظام الجزائري، تستغل نكوصنا وتراجعنا بسبب رعونة مسؤولينا، من هذا القبيل، للظهور بمظهر المتقدم عنّا، بل ولاستغلال وضعنا هذا لكسب نقاط أخرى في السباق والتنافس في ملفات وقضايا أخرى، وعلى رأسها القضية الوطنية الأولى، قضية الصحراء..
أفيقوا واتقوا الله في الوطن ودعوكم من البكائيات، فما عادت تخفي الوجع البشع للسلطة المتغولة!
https://www.facebook.com/nourelyazid
ملحوظة: هذه المقالة نشرها صاحبها بداية على شكل تدوينة مطولة على حسابه وصفحته في فيسبوك