رئيس الوزراء السوداني عبدالله حمدوك يستقيل في ظل تصاعد الاحتجاجات المطالبة برحيل العسكر

0

أعلن رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك مساء الأحد استقالته بعد أسابيع من عودته إلى المنصب في اتفاق مثير للجدل مع قادة الجيش.

ورفض محتجون سودانيون الاتفاق، مطالبين بابتعاد الجيش عن الحياة السياسية.

وبموجب الاتفاق، كان من المفترض أن يقود حمدوك حكومة من التكنوقراط حتى إجراء الانتخابات.

ولكن مع استمرار الاحتجاجات أعلن استقالته من المنصب.

واستحوذ الجيش على السلطة في أكتوبر، ووضع حمدوك قيد الإقامة الجبرية، ولكنه عاده إلى منصبه في نوفمبر بعد اتفاق مع قائد الجيش عبدالفتاح البرهان.

وقال حمدوك في كلمة بثها التلفزيون السوداني، في وقت متأخر من مساء أمس الأحد، إنه اتخذ هذا القرار بعد أن فشلت مساعيه الأخيرة ولقاءاته مع الشرائح والمكونات السياسية المختلفة للتوصل إلى توافق سياسي يجنب البلاد الانزلاق نحو ما وصفها بالفوضى وعدم الاستقرار.

عبدالله حمدوك

وأضاف أن حل المعضلة التي تواجه السودان يتمثل في حوار يشمل جميع مكونات المجتمع والدولة للتوافق على ميثاق وطني، مؤكدا أنه حاول تجنيب البلاد الانزلاق نحو الكارثة على حد تعبيره.

وأشار رئيس الوزراء السوداني المستقيل إلى أن حكومة الفترة الانتقالية تعاملت مع كل التحديات التي واجهتها، وإنها أنجزت اتفاق جوبا الذي أسهم في إسكات صوت البندقية وتوفير مأوى للنازحين.

وقال حمدوك في خطاب متلفز إن السودان يمر “بمنعطف خطير يهدد بقاءه بالكامل”.

وتحدث حمدوك أيضا عن إنجازات الحكومة، مشيرا إلى بسط الحريات ورفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب.

وفي هذا السياق، أوضح أن حكومته تمكنت من إعفاء الكثير من الديون وكان مأمولا تخفيض 90% من ديون البلاد الخارجية.

ولفت إلى أن قبوله التكليف بمنصبه كان نتيجة التوافق السياسي، مشيرا إلى أن الأزمة الكبرى في البلاد أزمة سياسية لكنها تشمل الجوانب الاقتصادية والاجتماعية.

كما قال إنه على يقين بانتصار الثورة التي يقودها شباب السودان إذا ما نجحوا في وضع تصور مشترك للمستقبل، معتبرا أن مشكلة السودان الكبرى هيكلية بين مكوناته المدنية والعسكرية.

وكان قائد الجيش عبد الفتاح البرهان عزل رئيس الوزراء عبد الله حمدوك وأعضاء حكومته واعتقلهم في 25 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، لكنه أعاده إلى منصبه من دون حكومته إثر ضغوط دولية ومحلية في 21 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي.

ووقّع الرجلان لاحقا اتفاقا لإعادة الانتقال الديمقراطي إلى مساره وطمأنة المجتمع الدولي الذي خفّف من مساعداته بعد “الانقلاب”، ولم يكن الاتفاق مرضيا لجميع الأطراف في السودان، لذلك تواصلت الاحتجاجات في الشوارع.

وكان يفترض أن يشكل حمدوك حكومة جديدة لكنه لم يتمكن من ذلك.

ردود فعل داخلية

وفي ردود الفعل الداخلية، قال محمد بدر الدين الأمين العام المكلف لحزب الموتمر الشعبي المعارض بالسودان للجزيرة إن استقالة عبد الله حمدوك كانت أمرا متوقعا وأنها ستزيد تأزيم الأوضاع.

وشدد بدر الدين على أن المخرج من الأزمة هو حوار شامل لا يقصى أحدا.

من جهته، اعتبر مني أركو مناوي -وهو من أبرز قادة قوى الحرية والتغيير (مجموعة التوافق الوطني)- استقالة حمدوك من تجليات أزمة سياسية واجتماعية لم تفهمها القوى السياسية.

وامتدح رئيس حزب الأمة القومي المكلف ما سماه جهد رئيس الوزراء المستقيل حمدوك للخروج بالسودان إلى بر الامان.

أما صديق يوسف، القيادي بالحزب الشيوعي السوداني، فاعتبر أن تنحي رئيس الوزراء تأخر كثيراِ، متوقعا أن تضيّق استقالة حمدوك الخناق على المكون العسكري داخليا وخارجيا.

الموقف الأميركي..

وفي أول رد فعل خارجي عقب استقالة حمدوك، دعت الخارجية الأميركية القادة السودانيين إلى تنحية خلافاتهم جانبا والتوصل إلى توافق وضمان استمرار الحكم المدني.

وشددت الوزارة -في بيان- على ضرورة تعيين رئيس للوزراء وحكومة تماشيا مع الإعلان الدستوري لتحقيق أهداف الشعب في الحرية والسلام والعدالة.

وقالت الخارجية الأميركية إن واشنطن تواصل الوقوف إلى جانب الشعب السوداني وتدعو لوقف العنف ضد المتظاهرين.

وكان وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن قال في وقت سابق أن استيلاء الجيش على السلطة في السودان والعنف ضد المتظاهرين ألقيا بظلال من الشك على فرص نشوء سودان ديمقراطي.

وعبر بلينكن عن استعداد بلاده للرد على من سماهم الساعين إلى عرقلة تطلع الشعب السوداني إلى حكومة ديمقراطية بقيادة مدنية.

مليونية الشهداء” !

وقبل ساعات من إعلان رئيس الوزراء استقالته، شهدت العاصمة السودانية الخرطوم ومدن أخرى مواجهات بين متظاهرين وقوات الشرطة خلفت قتلى وإصابات مختلفة.

وأكدت لجنة أطباء السودان أن 3 متظاهرين لقوا مصرعهم في مدينة أم درمان وأصيب العشرات جراء استخدام القوات السودانية الغاز المسيل للدموع لتفريق محتجين كانوا في طريقهم إلى القصر الرئاسي بالخرطوم.

ووجه تجمع المهنيين السودانيين نداء للأطباء والجراحين والممرضين للتوجه لمستشفيات مدينة أم درمان ومستشفيات العاصمة، لإسعاف المصابين وتقديم الخدمات الطبية اللازمة.

وتظاهر الآلاف في الخرطوم ومدن أخرى في إطار ما سمي “مليونية الشهداء” للمطالبة بحكم مدني وإدانة قتل المتظاهرين خلال احتجاجات الأسبوع الماضي.

وفي بيان له السبت، دعا تجمع المهنيين السودانيين -الكيان المهني الذي لعب دورا محوريا في الانتفاضة التي أسقطت عمر البشير في أبريل/نيسان 2019- إلى جعل 2022 “عاما للمقاومة المستمرة”.

وقال إنه يدعو “جماهير الشعب السوداني وجموع المهنيين السودانيين والعاملين بأجر في كل مدن وقرى السودان” إلى “الخروج والمشاركة الفعالة في المواكب المليونية في الثاني من يناير/كانون الثاني 2022، فلنجعل منه عاما للمقاومة المستمرة”.

ميثاق سياسي..

وفي وقت سابق، قدم تجمع المهنيين السودانيين مقترحا أطلق عليه اسم “الميثاق السياسي لاستكمال ثورة ديسمبر”.

وينص المقترح الذي حصلت الجزيرة على نسخة منه على ضرورة إسقاط المجلس العسكري، وتشكيل سلطة انتقالية مدنية مدتها 4 سنوات.

كما ينص على تشكيل مجلس سيادة مدني شرفي، ومجلس وزراء لا يتجاوز عدد أعضائه 20 شخصا من الكفاءات الثورية، ومجلس تشريعي مدني.

ودعا مقترح تجمع المهنيين أيضا إلى بناء وهيكلة القوات النظامية وتفكيك كل المليشيات، خصوصا قوات الدعم السريع، وأن يكون رئيس الوزراء هو القائد العام للقوات المسلحة.

الناس/وكالات

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

أترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.