صفقة القرن.. بوريطة أمام العاصفة ومسيرة مليونية رفضا للموقف الرسمي وتأييدا لفسطين
أمام ردود فعل غاضبة ومتواصلة وجد وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة نفسه أمام فوهة بركان غضب شعبي ومدني بسبب تصريحات قال فيها “إننا لن نكون فلسطينيين أكثر من الفسطينيين أنفسهم”، وذلك في تصريحات له ردا على نواب برلمانيين سألوه عن الموقف المغربي إزاء خطة السلام الأمريكية المعروفة بـ”صفقة القرن”.
واستهجن نشطاء في المجتمع المدني وفي جمعيات مدعمة للقضية الفلسطينية، في ندوة احتضنها مقر نادي المحامين بالرباط للإعلان عن مسيرة تضامنية مع فلسطين، تصريحات ناصر بوريطة، واعتبروها تمثله هو وحده ولا تمثل لا المغرب الرسمي ولا الشعبي، وقال خالد السفياني المحامي والرئيس السابق لكل من الجمعية المغربية لمساندة الكفاح الفلسطيني، واللجنة الوطنية لمقاومة التطبيع بالمغرب، “إن الرسائل الملكية السابقة بشأن موقف المغرب من القضية الفلسطينية وكذلك ما عبّر عنه رئيس الحكومة تجعل موقف وزير الخارجية المغربي “معزولا”، مضيفا “مَن لا يريد أن يكون فلسطينيا فله ذلك أما نحن ففلسطينيون والشعب المغربي فلسطيني”.
إلى ذلك أطلقت عشرات الهيئات السياسية والحقوقية والنقابية والمدنية بالمغرب، نداء إلى الشعب المغربي من أجل المشاركة بكثافة في مسيرة شعبية حاشدة يوم الأحد المقبل بالعاصمة الرباط، رفضا لخطة السلام الأمريكية في الشرق الأوسط التي تُعرف إعلاميا باسم “صفقة القرن”.
وأعلنت الهيئات الموقعة على النداء، الذي توصلت “الناس” بنسخة منه، أن فعالية يوم الأحد المقبل ستكون عبارة عن “مسيرة الشعب المغربي ضد ما يسمى بصفقة القرن ودعما لخيار المقاومة وتصديا لكافة أشكال التطبيع، تعبيرا من الشعب المغربي عن رفضه القاطع والمطلق لصفقة القرن”، وذلك بعنوان “ضد صفقة العار والخيانة”، حيث ستنطلق المسيرة على الساعة العاشرة صباحا انطلاقا من ساحة باب الأحد.
وأشار النداء إلى أن المسيرة ستندد بمخطط “ترامب/نتنياهو” الذي يستهدف تصفية القضية الفلسطينية وجعل القدس عاصمة للكيان الصهيوني الغاصب، والقضاء على المقدسات الإسلامية والمسيحية بفلسطين، والإجهاز على الحقوق الوطنية لأصحاب الأرض الشرعيين في العودة وفي إقامة الدولة الفلسطينية”. وأدان النداء ما وصفه “تواطؤ بعض الأنظمة العربية العميلة وعلى أساس منطق القوة”، مشددا على “دعم موقف الشعب الفلسطيني الموحد الرافض لصفقة القرن، وتأكيدا منه على انخراطه الدائم في معركة تحرير فلسطين وانتزاع حقوق الشعب الفلسطيني المغتصبة وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس، واستنكارا وتصديا لكافة أشكال التطبيع والاختراق الصهيوني للمغرب”.

وقبل ذلك خرج العشرات من المغاربة، يوم الخميس، للاحتجاج أمام القنصلية الأمريكية في الدارالبيضاء، وسط إجراءات أمنية مشددة رفضاً للصفقة، ورفع المتظاهرون خلالها شعارات “إدانة شعبية لأمريكا الإرهابية”، “يكفينا من الحروب أمريكا عدوة الشعوب”، و”لا صفقة لا تطبيع فلسطين مش للبيع”، منددين بـ”مؤامرة تهدف إلى تصفية القضية الفلسطينية وبالموقف الأمريكي المنحاز للكيان الصهيوني، وموافقة بعض الأنظمة العربية على الصفقة”، كما طالبوا المغرب بموقف واضح يعترف بالقدس عاصمة لفلسطين وذلك بعد موقف الخارجية المغربية من الصفقة الذي صدم المغاربة، وهو الموقف الذي جاء في سياق بيانات عربية أخرى (الإمارات عُمان البحرين)، التي تعبر عن تقديرها لـ”الجهود البناءة” التي تبذلها الإدارة الأمريكية من أجل سلام عادل ودائم في الشرق الأوسط، وقال وزير الخارجية ناصر بوريطة إن المغرب سوف يدرس تفاصيل الصفقة بـ”عناية فائقة”، وذكر بما ورد في “نداء القدس” الذي وقعه الملك مع البابا فرانسيس العام الماضي الذي أشار إلى “ضمان حرية الوصول الكاملة إلى القدس لأتباع الديانات التوحيدية الثلاثة وحقهم في العبادة، حتى يتمكنوا في القدس الشريف من رفع صلواتهم إلى الله، خالق الجميع، من أجل مستقبل السلام والإخاء على الأرض”.
وأكد أن المغرب يرى أنه يجب الحفاظ على وضع القدس، مع مناقشة القرار النهائي بين الطرفين وفقاً للشرعية الدولية، مضيفا أن المملكة ترغب “في بدء عملية سلام بناءة من الآن فصاعداً، بهدف التوصل إلى حل واقعي وقابل للتطبيق ومنصف ودائم للقضية الإسرائيلية الفلسطينية، بما يلبي الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، من أجل دولة مستقلة قابلة للحياة وذات سيادة، عاصمتها القدس الشرقية، وتمكّن شعوب المنطقة من العيش بكرامة ورخاء واستقرار”.
ويتوقع المتتبعون أن يشارك في مسرة يوم الأحد التضامنية مع فلسطين عشرات الآلاف من المغاربة القادمين من مختلف المدن، في سيناريو يعيد التذكير بمسيرات مليونية قام بها الشعب المغربي في السنوات الأخيرة تضامنا مع القضية الفلسطينية التي يعتبرونها قضية وطنية.
ناصر لوميم