تقاطر على العاصمة المغربية الرباط منذ ساعات الصباح الأولى من يومه الأحد 15 أكتوبر الجاري، آلاف من النشطاء من مختلف فعاليات المجتمع المدني، يمثلون هيئات حقوقية وسياسية ونقابية، ومواطنون من مختلف جهات المملكة، حاملين الأعلام الفلسطينية ومرددين شعارات مثل “فلسطين أمانة والتطبيع خيانة”، و”يا حكام الهزيمة أعطوا للشعب الكلمة”، و”لا..لا ثم لا للتطبيع والهرولة”.
ونادى المتظاهرون أيضا بغلق مكتب الاتصال الإسرائيلي بالعاصمة الرباط، خاصة بعد الجدل الذي أثاره رئيس هذا المكتب بإصدار بيان مؤخرا وصَفتْه فعاليات حقوقية مغربية بأنه “استفزازي” وتوعد فيه الفلسطينيين.
ومن جهته، قال عزيز الهناوي الكاتب العام لمجموعة العمل الوطنية من أجل فلسطين التي دعت إلى هذه الوقفة إلى جانب الجبهة المغربية لدعم فلسطين ومناهضة التطبيع، “نحن نرفض تواجد رئيس هذا المكتب أصلا في المغرب، لأنه يمثل كيانا إرهابيا غاصبا يقتل الأطفال، وقد فرض قسرا على المغاربة فنحن نطالب بتصحيح الوضع وطرده”. مضيفا “تصريحاته تهين الدولة وتخترق سيادتها”.
وقال الشرقي لحرش المشارك في الاحتجاج الذي نظمته جماعات إسلامية ويسارية “نريد أن نستنكر سياسة الكيل بالمكيالين التي تستعملها حكومات الدول الغربية مع الفلسطينيين”، مضيفا أن بعض الدول تغض الطرف عن الضربات الانتقامية الإسرائيلية بعد الهجوم الذي شنه مسلحو حماس.
وأضاف: “لا يمكن إدانة أعمال حماس والتغاضي عما تقوم به إسرائيل من قتل للمدنيين من أطفال ونساء وشيوخ… جئت للمشاركة في هذه المسيرة التاريخية لتوجيه رسالة تضامن إلى الشعب الفلسطيني مفادها أنك لست وحدك”.
ورفع المتظاهرون الذين تجمعوا في ساحة “باب الأحد” الأعلام الفلسطينية ورددوا شعارات مطالبة بإلغاء اتفاقيات التطبيع بين الرباط وتل أبيب، مثل “فلسطين أمانة والتطبيع خيانة”، و”لا لا ألف لا للتطبيع والهرولة”، وأخرى منددة بانتهاكات الاحتلال بحق المدنيين وداعمة للمقاومة الفلسطينية، مثل “حماس ليست إرهابية، إسرائيل إرهابية”، و”غزة رمز العزة”.
وقال سيون أسيدون نائب منسق الجبهة المغربية لدعم فلسطين ومناهضة التطبيع، في تصريحات، إن الانتهاكات في غزة تعد “وصمة عار في جبين المجتمع الدولي -وعلى رأسه الأمم المتحدة- الذي يكتفي بتصريحات محتشمة، إضافة إلى الولايات المتحدة ومعها دول غربية تدعم الاحتلال الإسرائيلي متجاهلة جرائمه”.
وأضاف أسيدون -وهو ناشط يهودي-، وفق ما نقل عنه موقع “الجزيرة نت”، أن “إسقاط التطبيع هو هدفنا في هذه المسيرة، ووسيلتنا للضغط على الكيان المحتل”، معتبرا أن إسرائيل تمثل امتداد الاستيطان الاستعماري في القرن الـ21، ومحذرا في الوقت نفسه من جريمة تطهير عرقي جديدة قد تحدث مع تهجير سكان قطاع غزة من أرضهم بسبب القصف المستمر.
بدوره، اعتبر عضو الأمانة العامة للدائرة السياسية لجماعة العدل والإحسان حسن بناجح مسيرة الرباط رسالة للعالم مفادها “كلنا فلسطينيون”، وأشار إلى أن ما حققته المقاومة الفلسطينية في “طوفان الأقصى” يمثل كل المغاربة والأمة، معتبرا أن المعركة من “مقدمات التحرير واسترجاع المقدسات والإرادة الشعبية التي حاولت بعض الحكومات سلبها من الأمة” حسب تعبيره.
وشدد بناجح في تصريحات لموقع “الجزيرة نت”، على مشروعية معارك فصائل المقاومة الفلسطينية ضد الاحتلال الإسرائيلي، لافتا في الوقت ذاته إلى أنها “كشفت حقيقة شعارات الديمقراطية لدى المجتمع الدولي الذي تجاوز دعم الصهيونية إلى مساندة قتل الأطفال والمدنيين وتدمير البنى التحتية، في مخالفة لكل القوانين الدولية”.
كما أدانت الأمينة العامة للحزب الاشتراكي الموحد نبيلة منيب الجرائم الإسرائيلية بحق الفلسطينيين، مطالبة المجتمع الدولي بتحمل المسؤولية في ما يقع.
وقالت منيب لـ”الجزيرة نت”، أيضا، “إن المعركة التي انطلقت في 7 أكتوبر/تشرين الأول الجاري تعد هبّة للدفاع عن حقوق الفلسطينيين المهضومة”، داعية كل من يندد بها إلى “أن يتساءل حول ما حدث قبل ذلك اليوم من همجية صهيونية حاولت تصفية القضية الفلسطينية وما زلت مستمرة إلى اليوم”.
وتعد هذه الاحتجاجات الأكبر منذ تطبيع المغرب العلاقات مع إسرائيل في 10 ديسمبر/كانون الأول من العام 2020 بوساطة أمريكية مقابل اعتراف الولايات المتحدة وإسرائيل بسيادته على الصحراء الغربية، المتنازع عليها بين المغرب وجبهة البوليساريو التي تدعمها الجزائر منذ العام 1976.
وإلى ذلك، ما فتئ المغرب يقول إن تطبيع العلاقات مع إسرائيل لا يغير من موقفه من القضية الفلسطينية التي يعتبرها قضيته الأولى إلى جانب قضية الصحراء.
الناس/متابعة