قرار أمريكا الاعتراف بـ#مغربية_الصحراء ليس مجرد تغريدة!

0

نورالدين اليزيد

ما جرى اليوم 10 يناير 2021 في مدينة الداخلة، بحلول وفد أمريكي رفيع المستوى، هو جوابٌ آخر شافٍ وكافٍ على المشككين في القرار الرئاسي الأمريكي الصادر يوم 10 ديسمبر الماضي، والمعترف لأول مرة بمغربية الصحراء، ما اعتبره المتفائلون من المتتبعين قرارا تاريخيا من شأنه أن يكون منعطفا هاما في تاريخ القضية الأولى للمغاربة!

وعندما يصرح سفير الولايات المتحدة الأمريكية، #ديفيد_فيشر، الذي زار مدينة #الداخلة، كأول سفير أمريكي يقوم بهذه الخطوة، بأن الاعتراف الأمريكي بالسيادة المغربية، لم يكن وليد الصدفة فقط اليوم، وأنه تم التمهيد له منذ سنوات، حيث اتُّخذت خطوات عملية في هذا الصدد، منذ بداية هذه الألفية، وتحديدا مع مجيء إدارة #بيل_كلينتون، عندما تم اعتبار مبادرة #الحكم_الذاتي أنه “اقتراح جدي وواقعي وذو مصداقية”، وبعدها مع إدارة #باراك_أوباما التي ركزت على الجانب الاقتصادي من خلال دعم تنمية الأقاليم الصحراوية؛ فعندما يذكر سفير واشنطن بالمملكة بهذه الإشارات، فليس من باب العبث، ولكن ليذكر من يحتاج إلى تذكير، بأن قرارات الدول المهمة والاستراتيجية، التي تترتب عليها ردود فعل محلية وإقليمية ودولية، لا تُتخذ بين عشية وضحاها، ولكن تطبخ على نار هادئة، تصل إلى سنوات، وربما إلى عقود من الزمن!

ولم يكتف الدبلوماسي الأمريكي بهذه الومضات، ولكنه زاد هواة الاصطياد في الماء العكر، مِن الشعر بيتا بل أبياتا، عندما أصر على تسمية الأقاليم الصحراوية بالأقاليم الجنوبية، وهو التوصيف المفضل على صعيد المملكة، كما قال، وعقّب بأنه يراه أيضا توصيفا ذا دلالة ومهِمّا!

كاتب الدولة الأمريكي المساعد ديفيد شينكر وسفير الولايات المتحدة الامريكية في الرباط ديفيد فيشر ووزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة في صورة تذكارية يوم الأحد 10 يناير 2021 بمدينة الداخلة في المقر المتوقع للقنصلية الأمريكية

السفير الأمريكي الذي حل بمدينة الداخلة بعد زيارة للعيون، برفقة كاتب الدولة الأمريكي المكلف بقضايا الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، #ديفيد_شينكر، أكد على أنهم جاؤوا إلى هذه الربوع من المملكة، للتأكيد عمليا على قرار الرئيس الأمريكي #دونالد_ترامب في 10 ديسمبر المعترف بمغربية الصحراء، وللاطلاع على المكان المقترح مبدئيا لإقامة قنصلية الولايات المتحدة بمدينة الداخلة، وهو الأمر الذي سيجري خلال الأيام القليلة المقبلة، بعد زيارة خبراء، كما هو جارٍ به العمل في تشييد بنايات الهيئات الدبلوماسية الأمريكية في كل ربوع العالم.

ما تم الكشف عنه، أيضا، خلال الزيارة التاريخية للوفد الأمريكي للصحراء المغربية، والذي كان من المقرر أن يكون ضمنه آدم بولر، الرئيس المدير العام لوكالة تمويل التنمية الدولية DFC، والذي يشغل أيضا منصب الرئيس التنفيذي لمبادرة ازدهار إفريقيا،Prosper Africa، قبل أن يتعذر عليه الحضور ويكتفي بإلقاء كلمة مسجلة على فيديو أمام الحضور، هو أن الولايات المتحدة تعتزم فتح فرع لهذه الوكالة بمدينة الداخلة، حتى تكون جسرا ومنصة لعملها بإفريقيا، ما يجعل مدينة الداخلة، ستتحول إلى قبلة للأفارقة المتطلعين إلى المساعدات الأمريكية.

ولا يخفى على ذي بصر وبصيرة سليمين، ما يمثل ذلك من إشعاع لجوهرة الصحراء، ومن سبب مقنع، بالنسبة للمترددين في الاعتراف بسيادة المغرب على صحرائه، بأن يتخلوا عن أطروحة الانفصال، التي لطالما لم تقدم لهم غير الوهم والترديد الممل لشعارات الحرب الباردة، التي وضعتها غالبية دول العالم المتطلعة لتنمية شعوبها، وراء ظهورها، وبقيت فقط الأنظمة البالية المتسلطة، من قبيل النظام الجزائري الهرِم، تلوكها وترددها على مسامع شعوبها المقهورة لإلهائهم على قضاياهم الحقيقية!

ماذا يعني هذا، والذي هو قادم، كما قال مساعد كاتب الدولة الأمريكي ديفيد شينكر، حيث بشّر بأن العلاقات المغربية الأمريكية ستتطور إلى أرقى وأسمى درجات التقدم والرفاه؟!

هذا يعني أن التغريدة التي صدرت عن رئيس أمريكا المنتهية ولايته، يوم 10 ديسمبر، لم تكن من بنات أفكاره الزائلة، ولا واحدة من هلوسات “الظاهرة الترامبية”، كما يحب البعض أن يطلق على قرارات ترامب المثيرة للجدل، ولكن التغريدة ليست إلا تحصيل حاصل، من سياسة أمريكية ناضجة صاغها حكماء أقوى بلد في العالم، وتم الكشف عنها عندما أصبح المناخ ملائما، لاسيما في سياق حشد واشنطن للاعتراف بالكيان الإسرائيلي، من لدن العرب، وهو ما جعل مملكة محمد السادس، لا تتقبل بسهولة هذا الأشبه بالمقايضة، وإن كان ذلك شيئا محمودا في العلاقات الدولية، بل حتميا أحيانا؛ وقد كان بلاغ الديوان الملكي المعلِن عن القرار الأمريكي في 10 ديسمبر واضحا وشجاعا، وبعدما قرر الملك شخصيا أن يتحلى بكل الشجاعة الأخلاقية والسياسية، اللتين لا تتوفران دائما لدى كل الزعماء، ويتصل برئيس السلطة الفلسطينية مباشرة بعد قطعه المكالمة مع الرئيس الأمريكي، ويحيطه علما بمجريات ما يمكن وصفه –ولا حرج- بالصفقة! وليطمئنه بأن موقف المغرب، الذي يتولى ملكه رئاسة لجنة القدس، لم ولن يطاله أي تغيير إزاء دعم القضية الفلسطينية، وربما سيكون ذلك أفضل من الموقع الجديد، حتى ينال الفلسطينيون حقهم المشروع في إقامة دولة قابلة للحياة إلى جانب الدولة الإسرائيلية، وهو ما يتفاوض عليه الفلسطينيون أنفسهم!

أخيرا، كم هي مفارقة عجيبة وغريبة وحمالةٌ لرسائل شفافة وواضحة، وكذلك صادمة لمناوئي سيادة المملكة المغربية، أن يطلق مساعد كاتب الدولة الأمريكي ديفيد شينكر، من وسط العاصمة الجزائرية تصريحات مجلجلة أمام ذهول أركان النظام الجزائري، مفادها أن مقترح الحكم الذاتي هو الحل الوحيد لتسوية قضية الصحراء، ثم بعد ساعات يطلق نفس المسؤول من أقاليم المغرب الجنوبية الصحراوية، تصريحات أخرى مجلجلة، بأن أمريكا ماضية حتى النهاية في تكريس موقفها من مغربية الصحراء، بل والرفع من وتيرة التنمية الاقتصادية للمملكة ولإفريقيا، انطلاقا من المملكة، فهل أنتم واعون بماذا يعني كل هذا؟ و #خليونا_ساكتين

[email protected]

ملحوظة: هذه المقالة نشرها صاحبها على شكل تدوينة بادئ الأمر على حسابه في الفيسبوك

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

أترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.