للذكرى.. عندما كادت ألمانيا أن تحارب فرنسا دفاعا عن استقلال المغرب!
عقب اعتلائه عرش ألمانيا خلفاً لوالده فريدريك الثالث، اتجه القيصر الألماني فيلهلم الثاني (Wilhelm II) للتخلص من مستشاره أوتو فون بسمارك، بطل الوحدة الألمانية، الذي انتهج سياسة سلمية، حاول من خلالها الحد من التوترات على الساحة الأوروبية مانحاً بذلك ألمانيا دور الوسيط.
وفي تقرير لموقع “العربية نت”، فإنه منذ بداية فترة حكمه، عمد فيلهلم الثاني لوضع حد لهذه السياسة البسماركية، مفضلاً بدلاً منها، منح ألمانيا مكانة عالمية عن طريق إقحامها بشكل أكبر بالسباق الاستعماري في القارة الإفريقية.
وانطلاقاً من ذلك، عاشت أوروبا خلال عام 1905 على وقع تصعيد خطير، عقب واقعة طنجة المغربية، التي عمد خلالها القيصر الألماني لزيارة المغرب متحدياً بذلك الفرنسيين والبريطانيين.
الأطماع الفرنسية بالمغرب
منذ احتلالها للجزائر عام 1830، وجهت فرنسا أطماعها نحو المغرب، الذي حافظ على استقلال حدوده حتى مطلع القرن العشرين، تزامناً مع نجاحه بالقرون الماضية، في صد المحاولات الاستعمارية العثمانية. وإضافة لفرنسا، جذب المغرب أطماع قوى استعمارية أوروبية أخرى كانت على رأسها كل من بريطانيا وإسبانيا وألمانيا.
وتزامناً مع توقيع الاتفاق الودي في أبريل 1904، قبلت بريطانيا بمبدأ الحماية الفرنسية على المغرب الذي عرف حينها بالسلطنة الشريفية.
من جهة ثانية، باشرت فرنسا بالتدخل بالشؤون المغربية منذ عام 1901. فعقب حادثة مقتل أحد رعاياها بمنطقة الريف، أجبرت فرنسا السلطات المغربية على قبول معاهدة ثنائية سمحت للقوات الفرنسية بضبط الأمن بمناطق التوتر عند الحدود الجزائرية المغربية. وعام 1904، استغل الجنرال الفرنسي هوبير ليوطي (Hubert Lyautey) الوضع، ليقوم بعدد من الحملات الاستطلاعية داخل المغرب.
وسنة 1905، عرض الفرنسيون على السلطان المغربي عبد العزيز بن الحسن إصلاحات اقتصادية وعسكرية، بمساعدة مستشارين فرنسيين، لمساعدته في ضبط الأمن والاستقرار بالبلاد.
وعلى إثر خروج لندن من السباق حول المغرب عقب إبرام الاتفاق الودي، فضّل السلطان المغربي التوجه نحو الألمان للحفاظ على استقلال بلاده من الأطماع الفرنسية. وبسبب بداية اعتمادها لسياسة توسعية ومطالبتها بمكاسب في إفريقيا، عارضت ألمانيا بشدة التدخل الفرنسي بالشؤون المغربية.
زيارة القيصر الألماني
أثناء توجهه نحو كوكسهافن (Cuxhaven) للقيام بجولة في المتوسط، عرض المستشار الألماني برنارت فون بولوف (Bernhard von Bülow) على القيصر فيلهلم الثاني التوقف بمدينة طنجة المغربية بهدف إرسال رسالة دبلوماسية لفرنسا حول المصالح الألمانية بالمنطقة.
ويوم 31 مارس 1905، نزل القيصر الألماني فيلهلم الثاني بشكل مفاجئ في طنجة المغربية واجتاز المدينة على متن حصانه. وقد رافقه خلال هذه الزيارة موكب ضخم ضم في صفوفه عدداً كبيراً من العسكريين الألمان والمغاربة. ولاحقاً، التقى القيصر الألماني بالسلطان المغربي وألقى خطاباً أكد من خلاله على دعم ألمانيا لاستقلال المغاربة وتوعد فرنسا بالحرب في حال عدم تخليها عن أطماعها الاستعمارية بالمغرب.
فيما أثارت حادثة طنجة حالة من القلق بفرنسا وأدت لاستقالة وزير الخارجية الفرنسي تيوفيل ديكلاسي(Théophile Delcassé). وبالعام التالي، احتضنت مدينة الجزيرة الخضراء بإسبانيا مؤتمراً ما بين يناير وأبريل 1906 أكد من خلاله المجتمعون على استقلال المغرب وضمان فتح أسواقها أمام جميع المؤسسات الغربية.
من جهة ثانية، استاء القيصر الألماني فيلهلم الثاني من قرار منح كل من فرنسا وإسبانيا حقوق حماية الموانئ المغربية وتعيين فرنسي على رأس بنك المغرب.
الناس/عن العربية.نت