ليس ملك الأردن وحدُه بل كل الحكام العرب معنيون بإهانة ترامب !!
نورالدين اليزيد
بعيدا عن التجريح والتشفي في شخص الملك عبدالله الثاني، وللأسف باستغلال خبيث بل مقيت من لدن كثير حتى ممن نحسبهم أقلاماً حرة، سواء لحالته الإنسانية الصحية التي يعاني منها على مستوى عينيه، أو لملامح وتقاسيم وجهه المألوفة التي تُظهره في الغالب مُتجهما وعبوسا وكأنه غاضبٌ دوما، فإن الثابت المتفق عليه، في لقاء الملك عبدالله بالرئيس الأمريكي دونالد ترامب، هو موقف الارتباك والوهن والضعف، الذي لا يخص ولا يجب أن يتحمل وزره وحدُه ملكُ الأردن، ولكن كل الدول العربية من الخليج إلى المحيط معنية به..

ويمكن أن تضع أي حاكم عربي مكان الملك الأردني، هذه الأيام تحديدا، لترى نفس النتيجة: ضعف وهوان ومهانة وارتباك وغياب جرأة أو القدرة على الاختلاف مع ساكن البيت الأبيض، حول قضية معروف مسبقا تطرفه فيها، ليس الآن فقط، ولكن منذ ولايته الأولى، التي تميزت بنقل سفارة بلاده من تل أبيب إلى القدس..
الضعف العربي وليس الأردني فحسب، المكشوف والمفضوح اليوم أمام العالم، هو امتدادٌ وتراكمٌ تواصَل منذ سنوات، وعبر محطات تاريخية مختلفة، أبان فيها العرب أو بالأحرى حكّامهم غير قليل من النرجسية السياسية، وغير قليل من التآمر والدسائس ضد بعضهم البعض، وغير قليل من الهرولة إلى حضن الآخر، خارج الجغرافيا العربية، سواء من أجل تهريب الأموال العربية بطريقة أو بأخرى، أو لأجل طلب الوصاية على العروش وحمايتها حتى من مواطني الدولة أنفسهم!
اليوم عندما نرى الأردن لا تعرف ما تُقدم أو تؤخر أمام “الجلّاد” الأمريكي الذي يعرف من أين تؤكل كتف العرب، ونرى معها مصر تنتظر، في ارتباك، دور الإحراج والإرباك والارتباك والمهانة، كما نرى السعودية والمغرب المتوجستين لا يردان بشكل صريح وعلني عما يروج من أنهما أيضا ضمن أجندة التهجير، ونرى الجزائر تتخلى، عن بكرة أبيها، عن شعارها التسويقي والترويجي “مع فلسـ،،طين ظالمة أو مظلومة” لتهرول من أجل “التطبيع”، ونرى الباقيات الصامتات من الدول العربية تحبسن أنفاسهن خشية “أمْر” قادم من “البيت الأبيض”، فإننا لا نلوم ساكني البيت الأبيض على عنجهيتهم أو صفاقتهم، وإنما نلوم هذا الجسد العربي الطريح المثخن بالجراح، التي جعلته جسدا مريضا تتهافت وتشتهي افتراسه الضباعُ من كل حدب وصوب..
مهانة العرب التي يُعريها اليوم ترامب الواعي جِدا جدّا بحال العرب المهين، تجذرت وتكرست منذ أن أنشأوا “تجمّعا” هُلاميا يشبه النادي السياسي، اسمه “الجامعة العربية”، التي يجتمع فيها حكام العرب ويفترقون بشكل دوري منذ ستين عامًا (تأسست في مارس 1945) دون أن يحققوا حتى أدنى طموحات الشعوب العربية، مثل حرية التجول بلا قيود أو تأشيرات سفر، ومثل حرية تنقل البضائع والسلع؛ حتى باتت هاته “الجامِعة” كأنها تعني مفهومها المعاكس أي “الفارِقة”، أي التي تُفرّق وتَعزل العربي عن أخيه العربي، حتى ولو كانت تُجمِع الحُكام بعضهم البعض في ما يشبه المناسبة لعيادة بعضهم والتأكد من أنهم باقون في الحكم أحياء يرزقون لا أكثر!
لو كان العرب يجتمعون تحت لواء اتحاد جامع حقّا، منذ تأسيس جامعتهم في تلك السنة، لما كانت هزيمة 1948 وأُسّس الكيان في تلك السنة؛ وحتى إذا كانت الظروف حينئذ لم تسمح لهم بمنع إنشاء الكيان في خاصرتهم، لخضوع غالبيتهم للاحتلال وقتها أو لعدم حصولهم بعد على دول مستقلة، فإن حرب 1967 مع الاحتلال كانت فرصة مواتية لتدارك ما خسروه سابقا، خاصة وأن دولة الاحتلال كانت في مرحلة البناء والتأسيس، ولكن العرب سيطرت عليهم حينها الأنانية وعدم المروءة، فهُزموا شر هزيمة، وقدموا مزيدا من الأرض والجغرافيا للعدو!
ولو كان العرب مُخلصين لوحدة الثقافة والتاريخ والمصير المشترك، وكانوا ملتزمين بالعهود بينهم غير ناكثيها، لَما خسروا في حرب أكتوبر 1973 الرجال وأجزاء أخرى من جغرافيتهم!!
ولو كان العرب مُوحدين في اتحاد لَمَا استأسد العدو على المدنيين الفلسـ،،طينيين طيلة كل هاته السنوات، ولما هجّرهم وشرّدهم وقتـ،َل منهم مَن قتل، واحتل المزيد من أراضيهم..
ولو كان العرب مُتّحدين مثل الأوروبيين، حلفاء أمريكا الذين عندما باتت سياسة ترامب التجارية الحمائية تهدد مصالحهم المشتركة (الاتحاد الأوروبي) ومصالح كل دولة على حِدة، خرجوا معلنين أنها مناسبة لإظهار لواشنطن “الروح القوية للأوروبيين”، لَمَا استفرد ترامب أو غير ترامب بِهم (العرب)، واحدا واحدا وأمعن في إهانته وإذلاله، تارة بأنه سينتزع من هذا ملايير الدولارات ليستثمرها في بلاده، وتارة أخرى بالترديد في العلن بأنه سيقتطع من بلاد ذاك، وفي حضوره، مساحة لتهجير الفلسـ،،طينيين إليها !!
ولو كان حُكام العرب بنخوة أجدادهم ورُجولتهم ومروءتهم لَما لبِثُوا في قصورهم العاجية المخملية 15 شهرا نائمين في العسل -كما هم نائمون دوما في نفس العسل- غير عابئين بآلة القـ،،تل التي كانت تطحن الأبرياء، حتى وصل عدّاد الموت إلى ما يناهز الـ46 ألف آدمي، دُكت بيوتهم أو مستشفياتهم أو مدارسهم على رؤوسهم، بينما أصيب عشرات الآلاف بجروح منها ما هي عاهات مستديمة !!
اليوم عندما نرى الأردن لا تعرف ما تُقدم أو تؤخر أمام “الجلّاد” الأمريكي الذي يعرف من أين تؤكل كتف العرب، ونرى معها مصر تنتظر، في ارتباك، دور الإحراج والإرباك والارتباك والمهانة، كما نرى السعودية والمغرب المتوجستين لا يردان بشكل صريح وعلني عما يروج من أنهما أيضا ضمن أجندة التهجير، ونرى الجزائر تتخلى، عن بكرة أبيها، عن شعارها التسويقي والترويجي “مع فلسـ،،طين ظالمة أو مظلومة” لتهرول من أجل “التطبيع”، ونرى الباقيات الصامتات من الدول العربية تحبسن أنفاسهن خشية “أمْر” قادم من “البيت الأبيض”، فإننا لا نلوم ساكني البيت الأبيض على عنجهيتهم أو صفاقتهم، وإنما نلوم هذا الجسد العربي الطريح المثخن بالجراح، التي جعلته جسدا مريضا تتهافت وتشتهي افتراسه الضباعُ من كل حدب وصوب..
فهل آن الأوان للجسد المريض أن ينهض ليُداوي جراحَه ويدملها ويحْبِس نزيفَها؟ !
ملحوظة: هذه المقالة نشرها كاتبها بداية على حاسبيه في إكس (X) وفيسبوك على شكل تدوينة مطولة