ما بين “أوراش” أخنوش و”فضيحة نجاة” عباس الفاسي 20 سنة !
نورالدين اليزيد
“أخنوش يطلق برنامج ”أوراش” لإحداث 250 ألف منصب شغل” ! هذا العنوان اللامع والمثير لشهية جيوش العاطلين، تداولته على نطاق واسع، في الأيام القليلة الأخيرة، آلة الدعاية الإعلامية الطاحنة التي بناها أثرى أثرياء المغرب المنعوت بـ”مول المازوط”، عزيز أخنوش، طيلة سنوات، والتي توحي أو تجعل القارئ يتوهم أن السيد رئيس الحكومة الحالي، قد استل عصاه السحرية ووجد بين عشية وضحاها حلا لمعضلة البطالة.

ولكن بمجرد ما يقرأ القارئ تفاصيل الخبر، حتى يتبين له الخيط الأبيض من الخيط الأسود، ويعرف حجم التضليل والتدليس والتلبيس والكذب على الناس، ومعهم العاطلون عن العمل.. لأن الأمر يتعلق فقط بعقود عمل مؤقتة، وفي زمن محدد ومحصور (2022و2023). وطبيعة هذه العقود وطبيعة المتدخلين فيها ومجالها (الأوراش العامة)، تجعلها محكومة بالفشل وبعدم الديمومة، في وقت نتحدث فيه، ويا حسرتاه، عن تنمية مستدامة، وعن نموذج تنموي ناجع وفعال؛ مما يجعل، ربما، العمل في حقول زراعية أو في مصانع “الكابلاج”(تركيب أجزاء السيارات)، رغم قساوة ظروف العمل بها وكل الانتهاكات، لفترة محددة وعلى سبيل “الديباناج”، شيئا متاحا أكثر وأفضل من “أوراش” أخنوش هاته..
لست أدري لماذا عادت بي الذاكرة عشرين سنة إلى الوراء، وأنا أطالع خبر أخنوش، رئيس الحكومة في سنة 2022، عندما تذكرت “فضيحة النجاة” سيئة الذكر؛ ولِمن لا يعرفها من جيل بداية هذه الألفية، وجيل تسعينيات القرن الماضي، نذكّرهم بأن اسم “النجاة” هو اسم شركة بحرية إماراتية تُسير العديد من السفن، كما أوهمتنا وقتها حكومة مغربية، في سنة 2002، وكان وزير التشغيل حينها القيادي الاستقلالي، عباس الفاسي، ضمن حكومة الاتحادي الراحل عبدالرحمان اليوسفي.. وقتها كانت حكومة التناوب (الأولى) في سنتها الأخيرة، وكان الاستقلاليون يمنون النفس بصفقة ضخمة للتشغيل، يمكن أن تجلب لهم مزيدا من الأصوات الانتخابية، وتخولهم ترؤس الحكومة بعدما ترأسها الاتحاديون من قبلهم؛ ولذلك فقد انطلت عليهم، وبتواطؤ مِن بعض الجهات الحزبية، خاصة الذين كانوا يعملون في الوكالة الوطنية لإنعاش التشغيل والكفاءات (لانابيك)، حيلةُ الشركة التي تأكد لاحقا أن عقود عملها مجرد عملية نصب كبرى، تعرضت لها الحكومة والدولة بكل أجهزتها، وذهبت فيها أدراج الرياح أحلام أزيد من 30 ألف شاب، منهم كاتب هذه التدوينة/المقالة، أوهموهم أنهم سيعملون بعقود عمل على متن بواخر عائمة في البحار والمحيطات، قبل أن يتأكد لهم زيف الحلم ويتحول إلى كابوس. لأن هؤلاء الآلاف من الشباب تكلفوا تكلفة الفحص الطبي (ما بين 600 إلى 900 درهم وكان في “كلينيك” واحد هو “مصحة السلام” بالدار البيضاء)، ومنهم من فقد عمله بوطنه المغرب، لأنه بنى أحلامه على الهجرة.. (موضوع نعاهد أنفسنا بالعودة إليه بشكل أعمق) !
أضغاث أحلام كما كانت “فضيحة النجاة” هو ما أستشعره اليوم وأنا أتابع آلة بروباغندا “مول المازوط” وهي تتناقل الخبر وتستنسخه، عن بعضها البعض؛ وهو الذي وعد المواطنين في الصيف الماضي، فقط، وقبيل الانتخابات، بتوفير 1 مليون منصب شغل !
ويبدو أن “اللي عندو المازوط عندو لحمام دايرو في دارو..” قد بدأ في تنزيل وعوده، ولكن بالتناوب، بحيث سيُشغّل 250 ألف شخص في الفترة (2022/2023)، ثم مثلهم في (2023/2024)، والربع الثالث من المليون في الفترة (2024/2025)، ليختمها بالربع الأخير في الفترة (2025/2026).. ليكون حقق وعده المثير للجدل والاستغراب !
#خليونا_ساكتين
https://www.facebook.com/nourelyazid
ملحوظة: هذه المقالة نشرها كاتبها على شكل تدوينة بدايةً في حسابه على الفيسبوك