نصحنا سفارة كولومبيا بالحذر لكن دبلوماسييها وقعوا في المحظور!
نورالدين اليزيد
عندما أسدى كاتب التدوينة/المقالة النصيحةَ أدناه (الصورة) قبل خمس سنوات، في تعليق على تصريحات أولية لتعيين السيدة فريدة لوداية سفيرة للمملكة في العاصمة الكولومبية بوغوتا، كان مقتنعا تمام الاقتناع بأن لا السفيرة ولا الوزارة سيأخذان بالنصيحة. وكعادتنا فإننا نكتب فقط لنتقاسم أفكارنا مع أصدقاء افتراضيين وفئة من القراء، لعلنا نساهم بشكل أو بآخر في تشكيل جزء مما يسمى “الرأي العام”..
النصيحة المرفقة، حرفيا وبالتاريخ والصورة، كان فحواها تصويبا لتصريح ساذج، صادر عن سفيرة معينة لتوها، استبعدت، كما قالت حينها الخوض في المسائل السياسية، وأنها ستنكب على الجوانب الاقتصادية والثقافية، جهْلا منها أو تجاهُلا -في أحسن الحالات- أن هناك قناصلة دورُهم هو ما زعَمَتْه، وأن دورها كممثل دبلوماسي أول لبلادها في تلك البلاد، هو التحرك على كافة الأصعدة، وعلى رأسها الجانب السياسي والدبلوماسي، بينما في الجوانب الأخرى تكتفي بدور الموجّه فقط والمشرف..
سبب نزول هذه التدوينة، هو الفضيحة التي فوجئنا بها جميعا، خلال الساعات المنصرمة (في الآونة الأخيرة)، والتي كان “أبطالها” موظفَين دبلوماسيين؛ أرادا بكل استهتار وغباء، أن “يُقصّرا” (من القصارة بمفهومها الدارج عند المغاربة)، أي يعيشا ليلة حمراء، حتى ولو أن الزمان ليس زمان ذلك، ولا الظروف مواتية، بل ولا زمان لهم ولا ظروف لمثل هذه الأفعال، ولا يجب أو ينبغي أن تكون، بالنظر لحساسية وظيفتهما، المحفوفة بالكثير من مخاطر الاختراق المخابراتي والأمني، وهو ما يهدد أمن ومؤسسات ومصالح البلاد والعباد الذين يمثلونهم !
إسقاط مثل هؤلاء الأغبياء في شباك عاهرات، واستلاء الأخيرات على أغراضهم الشخصية، بما في ذلك هواتفهم النقالة، وربما حواسيبهم إن كانت لديهم حواسيب، يجعل من غير المستبعد أن يوضع ذلك رهن وتحت تصرف مخابرات البلد الجار المعادي لنا، والذي يتربص بأي هفوة من أي مسؤول مغربي، ليُحول ذلك إلى أداة وآلية ليطعننا بها !
وعندما، تفيدنا الأخبار الآتية من كولومبيا بأن هذين الموظفين الدبلوماسيين، قد أقدما على فعلتهما الشنعاء والخطيرة التي لا تغتفر، مع “بنات هوى” تواصلا معهن انطلاقا من موقع إباحي، وفي عز أزمة عاصفة، بين البلدين، بسبب تراجع كولومبيا عن تأييدها للطرح المغربي بخصوص قضية الصحراء المغربية، لتنتقل إلى الطرف الآخر، المناوئ لوحدتنا الترابية، تصبح الكارثة أعظم، ولا تستدعي فقط استدعاء هذين الدبلوماسيين للاستجواب والاستنطاق في مجلس تأديبي، في انتظار الإحالة على القضاء، إذا اقتضى الأمر، كما أعلنت ذلك وزارة الخارجية، ولكن يصبح من المُلِح جدا، ومن الضروري أن يُحاسَب المسؤولون عن اختياراتهم لِمن يمثل صورة مملكتنا الشريفة، وهم ليسوا شرفاء، بمعنى المروءة الواجبة في تحمل المسؤوليات، بل أغبياء ومستصغِرون للمهام الجسام الملقاة على عاتقهم !
أجل، يجب أن تمتد المحاسبة ليس فقط إلى الرئيس المباشر الذي هنا في حالتنا، هي السفيرة فريدة لوداية، أو إلى رئيس الدبلوماسية الذي هو السيد ناصر بوريطة، ولكن إلى العلبة السوداء التي تصنع السفراء والقناصلة، والتي في الغالب، وكما تشير الوقائع، يطغى عليها منطق ذوي القربى والزبونية والمجاملات السياسية مع الأحزاب، وغير ذلك من العناصر المتحكمة، البعيدة كل البعد عن منطق الكفاءة والأهلية العلمية والمهنية..
لماذا نقول ذلك ونشدد على الضرب بقوة وبِيد من حديد على مثل هؤلاء العابثين بمصالح البلاد، لأن إسقاط مثل هؤلاء الأغبياء في شباك عاهرات، واستلاء الأخيرات على أغراضهم الشخصية، بما في ذلك هواتفهم النقالة، وربما حواسيبهم إن كانت لديهم حواسيب، يجعل من غير المستبعد أن يوضع ذلك رهن وتحت تصرف مخابرات البلد الجار المعادي لنا، والذي يتربص بأي هفوة من أي مسؤول مغربي، ليُحول ذلك إلى أداة وآلية ليطعننا بها !
والتجارب تفيد أنه عندما يكون دبلوماسي على مثل هذا المستوى من الرعونة والغباء، فإن رئيسه بالضرورة لن يكون أحسن منه حالا؛ حيث عندما يتعلق الأمر بسفير لا يميز بين العمل الدبلوماسي والقنصلي، فإنه من الطبيعي ألَّا تكون له القدرة والكفاءة اللازمة على إدارة وتوجيه فريق من الدبلوماسيين، هم في أمس الحاجة إلى من يوجههم ويتابعهم ويراقبهم.
أخيرا، وبالإضافة إلى أننا كنا ننتظر أن تأتينا الأخبار من كولومبيا، بأن السيدة السفيرة وفريقها يعملون على قدم وساق لمعرفة خبايا وخلفيات تراجع كولومبيا، التي كانت أول بلد من أمريكا اللاتينية يفتح قنصلية له في أقاليمنا الجنوبية الصحراوية، عن تأييدها للأطروحة المغربية، تأتي هذه الأخبار السيئة لتذكرنا أن السفيرة في مهمتها الدبلوماسية أزيد من 5 سنوات، وهي مدة تجعلنا نتساءل عن السر في استمرارها في منصبها، مع أن الدورة الطبيعية والصحية لبقاء الدبلوماسيين تتراوح ما بين أربع وخمس سنوات، كحد أقصى، لفسح المجال لكفاءات أخرى لإبراز مؤهلاتها، وكذا لمحاربة الكسل والخمول الذي قد يذب في أوصال الموظفين والمسؤولين، عندما يطيلون في مناصبهم..
https://www.facebook.com/nourelyazid
ملحوظة: هذه المقالة نشرها كاتبها بداية كتدوينة على حسابه الفيسبوكي بتاريخ 20 غشت 2022