هكذا اختارت موسكو الجزائر لكشف مناوءتها لوحدة مملكة محمد السادس

0

يبدو أن روسيا الموصوفة بأنها الدولة التي تناوئ السياسات الغربية فقط لتحقيق أطماعها ومكاسبها المادية، ولو على حساب تقسيم الأوطان والشعوب الشقيقة، لم تهضم بعد الاعتراف التاريخي للولايات المتحدة الأمريكية بسيادة المغرب على الصحراء، وهو ما أبعدت في وقته امتعاضا علنيا فضح نوايا موسكو إزاء المملكة الشريفة.

وها هي روسيا اليوم ومن داخل عاصمة المعسكر المناوئ للسيادة المغربية على صحرائه، ونفصد الجزائر، تأبى موسكو إلا أن تردد النغمة التي يريدها النظام الجزائري المعادي للملكة محمد السادس، حيث عبر سفيرها في الجزائر ضمنيا عن رفض بلاده للقرار الذي اتخذته واشنطن لصالح وحدة المغرب الترابية.

فقد قال السفير الروسي بالجزائر، ايغور بيلياف، نهاية الأسبوع الماضي، إن “هناك دولا تعرقل تعيين ممثل خاص للأمين العام للأمم المتحدة مكلف بملف الصحراء الغربية”.

وأشار السفير الروسي بيلياف، خلال استضافته في قناة “النهار” الجزائرية، الذراع التلفزيوني لتسويق بروباغندا النظام العسكري الجزائري الفاشيستي، إلى أنه “لا نفهم أسباب تأخر الأمم المتحدة في تعيين ممثل خاص للأمين العام للأمم المتحدة الى الصحراء الغربية”.

وتساءل الدبلوماسي الروسي عن سر اهتمام الأمم المتحدة بالملف الليبي أكثر من اهتمامها بحل المسألة الصحراوية، مشيرا إلى أنه “في الأيام الأخيرة كانت هناك قرارات خارج الشرعية الدولية بخصوص ملف الصحراء الغربية”، في إشارة واضحة إلى القرار الامريكي التاريخي غير المسبوق الذي اعترف بالسيادة المغربية على الصحراء.

تصريحات الدبلوماسي الرسمي السامي انطلاقا من العاصمة الجزائرية، والذي أعادت نشره جميع أذرع الإعلام الجزائري المروج للسياسة العدائية لنظام الجنرالات بقصر المرادية، يعتبر دليلا آخر على سياسة النظام الروسي الفاشيستي الاستعماري، القائمة على تفريق الشعوب وإذكاء النزاعات والحروب، لترويج تجارتها للسلاح، حيث لا يخفى على أحد بأن السوق الجزائرية تعتبر سوقا مذرة للملايير على الروس، إذ أن الجزائر تعتبر من أكبر زبناء العتاد العسكري الروسي، ومن الطبيعي أن لا تنظر موسكو بعين الرضا إلى أي بوادر لإيجاد حل لنزاع الصحراء بين الأشقاء المغاربة والجزائريين، لأن ذلك يعني توقف سباق التسلح بين البلدين، وبالتالي توجيه ضربة قوية لتجارة الروس.

كما تأتي تصريحات المسؤول الروسي في سياق شروع الإدارة الجديدة في البيت الأبيض لمباشرة ملفات السياسة الدولية، والتي من بينها علاقات واشنطن مع موسكو، حيث أعطى البيت الأبيض رسالات قوية إلى روسيا بأن صفحة الرئيس دونالد ترامب التي تميزت بشهر العسل بين البلدين على المستوى الرسمي، إلى درجة حديث عن تدخل روسي لفائدة ترامب في الانتخابات التي قادته إلى الرئاسة، قد طويت. وجاء التوتر الأخير على خلفية اتهامات موسكو لواشنطن بتأجيج الاحتجاجات الأخيرة في روسيا بل واتهام واشنطن بالتدخل في الشأن الداخلي، ليتأكد أن واشنطن عازمة على تبني سياسة أخرى أكثر حزما إزاء موسكو، ومن ذلك على صعيد منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، حيث لطالما تحاشى ترامب الاصطدام بالدب الروسي.

وفي هذا السياق يأتي الاعتراف الأمريكي للمغرب بسيادته على الصحراء، وحديث عن عزم واشنطن تشييد قاعدة عسكرية في المغرب وفي الصحراء تحديدا، تكون مهمتها مراقبة منطقة متقلبة في رمال الصحراء الكبرى الممتدة من شمال إفريقيا إلى أدغالها في الجنوب، حيث تواجد جماعات إسلامية متطرفة، وحيث تنشط تجارة التهريب والهجرة السرية.

ومن هذا المنطلق فإن الاعتراف الأمريكي بمغربية الصحراء من شأنه أن يؤثر إيجابيا في القضية الوطنية المغربية الأولى، بحيث ليس مستبعدا أن تحذو دول غربية أخرى حذو واشنطن، لِما يشكل ذلك من تبنٍّ وتحشيد لسياسة واشنطن في المنطقة، وهو ما قد تكون موسكو، في المقابل، تفكر فيه وتخطط لإجهاضه، وذلك عبر نسف أولى لبنات هذه الاستراتيجية بإفشال خطة اعتراف واشنطن بالسيادة المغربية على الصحراء الغربية.

عبدالله توفيق

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

أترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.