الإعلام الجزائري يتهم “المخزن” بتسويق إنجازات طاقوية وهمية لاستمرار استفادة المغرب من أنبوب الغاز الجزائري بشروط ميسرة
كشفت تقارير جزائرية عن نوايا النظام الجزائري، إزاء المغرب، بخصوص مدى إمكانية استمرار تدفق الغاز الجزائري عبر الأنبوب الممتد إلى أوروبا عبر المغرب، واستفادة هذا الأخير منه، وبأية شروط، في حال تجديد العقد بين الأطراف المعنية.
وبحسب تقرير نشرته جريدة “الشروق”، المقربة من السلطات، فإن الجزائر تتجه لفرض شروط تعاقدية جديدة على المغرب لتسويق كميات من الغاز تصل 1 مليار متر مكعب سنويا، بالنظر لإمكانية تلبية حاجيات اسبانيا والبرتغال من الغاز عبر خط أنابيب “ميدغاز”، ما يعني أن الجار الغربي سيفقد ميزة حقوق العبور وسيكون ملزما بالشراء وفق شروط جديدة تفرضها الجزائر وبمنطق السوق الذي ارتفعت أسعاره 640 بالمائة.
وتشير معطيات حصلت عليها “الشروق” من مصادر بقطاع الطاقة، بأن المغرب صار بحاجة لنحو 1 مليار متر مكعب سنويا من الغاز لتغطية حاجيات المصانع وإنتاج الطاقة الكهربائية المتزايدة، علما أن أسعار الغاز ارتفعت بنحو 600 بالمائة مقارنة بأسعارها قبل نحو عام مضى.
وزاد التقرير أن المغرب كان يحصل على جزء من الغاز عبر أنبوب المغرب العربي أوربا (بيدرو دوران فارال)، الذي ينقل الغاز الجزائري إلى اسبانيا وحتى البرتغال، ويحصل أيضا على حقوق العبور كمبالغ مالية لاستغلال هذه المنشأة، ما يعني أن المغرب كان مستفيدا بدرجة كبيرة من هذا الأنبوب الغازي، سواء ماليا أو طاقويا.
ومنذ 3 سنوات برزت بوادر تغير في أطراف معادلة هذا المشروع الذي دخل الخدمة عام 1996، وتتمثل هذه المؤشرات في إقدام وزارة الطاقة وسوناطراك على تدعيم قدرات النقل لأنبوب ميدغاز الذي ينقل الغاز الجزائري من بني صاف مباشرة إلى ألميرية جنوب اسبانيا، عبر إحداث وصلة في أنبوب المغرب العربي أورزبا بمنطقة العريشة بتلمسان على حدود المملكة المغربية، ومد خط نقل داعم إلى غاية ميدغاز ببني صاف انطلاقا من هذه الوصلة، بمعنى أن جزءا من الغاز الذي كان يصل أوروبا عبر الأنبوب المار عبر المغرب، تم تحويله إلى الأنبوب الذي يربط الجزائر مباشرة باسبانيا.
وقبل أسابيع، أعلنت شركة ناتيرجي الاسبانية (شريكة سوناطراك في خط ميدغاز)، تشغيل القدرات الإضافية لنقل الغاز عبر أنبوب “ميدغاز” اعتبارا من الخريف المقبل، بكميات تصل 10.5 مليارات متر مكعب سنويا، ما يعني أن سوناطراك سيكون بمقدورها عدم الاعتماد على خط الأنابيب “المغرب العربي أوروبا”، المار عبر المغرب وصولا إلى اسبانيا.
ونقلت “الشروق” عن من وصفته بـ”الخبير والمحلل الطاقوي” لدى بورصة ستوكهولم السويدية، نور الدين لغليل، قوله إن المغرب وأجهزته الدعائية عملوا منذ أشهر على زرع أنباء كاذبة ومغلوطة، بخصوص عزم اسبانيا تغيير شركائها الممونين بالغاز والاعتماد على شركاء من أمريكا الشمالية عبر الغاز الطبيعي المسال “جي.أن.أل”، أو عبر الترويج لمشروع وهمي وهو خط الغاز نيجيريا-المغرب-اسبانيا.
وتواصل مسلسل الدعاية المغربية، وفق خبير بورصة ستوكهولم، الجزائري نور الدين لغليل، بإعلان السلطات المغربية تراجع الفاتورة الطاقوية للبلاد بواقع 36 بالمائة قبل أسابيع قليلة، في حين أن أسعار الغاز قفزت بشكل رهيب في السوق الأوروبية وارتفعت بنحو 640 بالمائة منتقلة من 1.55 دولار لمليون وحدة حرارية بريطانية، إلى 13 دولارا، وهي كلها محاولات كانت تهدف للتأثير على الطرف الجزائري وشركة سوناطراك، نظرا لخشية المخزن عدم تجديد العقد مع الجزائر.
وأضاف محدث “الشروق” أن هذه الحملة المغربية الدعائية بالترويج لأنباء كاذبة ولا وجود لها عن إنجازات طاقوية، كان الهدف منها محاولة التأثير على الطرف الجزائري، والترويج لصورة مفادها أن المغرب لديه بدائل طاقوية للغاز الجزائري، ما يمكنه من التفاوض بأريحية وبأسعار منخفضة.
ووفق نور الدين لغليل، فإن السلطات الجزائرية عليها أن تأخذ في الحسبان أسعار الغاز التي ارتفعت كثيرا مقارنة بالعام الماضي للدفاع عن مصالح البلاد، وخصوصا أن منحاها التصاعدي متواصل، وهو مؤشر في صالح الجزائر.
في سياق ذلك أفادت وكالة الأنباء الجزائرية، يوم أمس السبت 21 غشت الجاري، بأن دعم السلطات المغربية للإبقاء على أنبوب الغاز الجزائري الرابط بين المغرب العربي وأوروبا “مجرد أكاذيب”.
ونقلت الوكالة الجزائرية الرسمية عن خبراء قولهم إن السلطات المغربية “أدلت بتصريحين كاذبين… من خلال الخوض في الميدان الاقتصادي عموما والغازي خصوصا”، مؤكدين أن الجزائر لم تقرر بعد تمديد العمل بأنبوب الغاز العابر لأراضي المملكة عقب انتهاء مدة عقد استغلاله في أكتوبر 2021.
يذكر أن المديرة العامة للمكتب المغربي للهيدروكاربورات والمعادن، أمينة بن خضرة، قالت في تصريح لموقع “ماروك لوجور”، يوم الخميس، إن المغرب يدعم مواصلة عمل الأنبوب الذي ينقل الغاز من الجزائر نحو إسبانيا عبر التراب المغربي.
وشددت على أن المغرب أعرب عن موقفه من مسألة مواصلة العمل بأنبوب الغاز في محادثات خاصة وفي تصريحات علنية، مؤكدة أنه يمثل أداة للتعاون الإقليمي.
متابعة/إدريس بادا