النظام الجزائري والمغرب وليبيا.. وإنّ عكسنا!
نورالدين اليزيد
العشرات من بلدان العالم والمنظمات الإقليمية والدولية ومختلف الفعاليات السياسية والاجتماعية الليبية، سارعت إلى التعبير عن الترحيب والتأييد للدبلوماسية المغربية التي نجحت للمرة الثانية في جمع فرقاء النزاع الليبي على مائدة واحدة، بعدما ساد جو من التشاؤم في الأجواء، وبدا كأن كل القوى والمبادرات المختلفة عاجزة عن القيام بمثل هذه الخطوة.. إلا بلد واحد تفرض الجغرافيا والموقع الجيوسياسي أن يكون هو أول المرحبين في حال ما خلُصت وصدُقت النوايا.. إنه #الجزائر/النظام الذي لا يروقه بالمطلق أن يكون النجاح حليف المملكة المغربية، وبالنتيجة تتأكد النوايا الحقيقية لساكني #قصر_المرادية إزاء دول الجوار، وتتكشّف وتنفضح العقدة العسكرية الانقلابية القائمة على ديمومة وإدامة القلاقل واللاستقرار..
الجميع يتذكر أن المغرب لما نجح سابقا في العام 2015 في جمع فرقاء النزاع الليبي على مائدة واحدة طيلة أيام من الجولات، وحتى يجهض النظام الجزائري مساعي المغرب الحميدة في إيجاد حل للنزاع الليبي، سارع بدورهم حكام الجزائر على أرضهم إلى تنظيم جولات موازية لِما قالوا إنهم شيوخ قبائل وممثلو مجتمع مدني، قصد التوصل إلى حل للأزمة، كما قال ساسة الجزائر حينها.. لكن بمجرد الإعلان على التوصل إلى #اتفاق_الصخيرات في خريف تلك السنة، وبرعاية من المغرب والأمم المتحدة، والذي مِن بين مخرجاته كانت هذه الأجهزة القائمة حاليا ولو أن بينها نزاع، لم يجد النظام الجزائري ما يقدمه للعالم كخلاصة لجولات موازية تحاكي جولات الصخيرات.. وكل ما كان كخلاصة هي فواتير سمينة من مال الشعب الجزائري مقابل إقامة شبه سياحية للعشرات وربما المئات من الليبيين في الفنادق وعن رحلاتهم الجوية وأسفارهم وتنقلهم..
عقدة النظام الجزائري المستشرية، لا تجعله يهدر المال والزمن عبثا وسُدى، من أجل فقط الظهور بمظهر البلد الذي يصنع المبادرات ويؤيد الحلول السلمية وهو ما لا يصدقه العالم بأسره، ولكنها عقدة تُبين إلى أي حد يسعى هذا النظام فقط في إدامة الصراعات والنزاعات والشقاق بين إخوة الدولة الواحدة والوطن الواحد، وهي العقدة التي ما فتئت تحدث خُرما بل شرخا واسعا في خزينة بلاد النفط والغاز لصرف المال مقابل العدم ومقابل اللاشيء، بينما الشعب الجزائري يعاني الأمرين، اجتماعيا بانتشار الفقر والعطالة في صفوف المواطنين، وسياسيا بابتلائه بساسة يديرون شانهم العام بعقلية ستالينية تعود للحرب الباردة ولسنوات الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي..
إنها العقدة التي أكاد أجزم أن النظام الجزائري اليوم يخضع لسكرتها ويعمل جاهدا على ابتكار طريقة ما للتشويش على مبادرة المغرب الجديدة، التي ستُستأنَف نهاية الشهر الجاري في بوزنيقة، وسط أجواء من التفاؤل بإمكانية التوصل إلى حل لنزاع الإخوة الليبيين..
أخيرا.. كما كانت رسالة المغرب قوية وصادمة تلك التي تلاها وزير الخارجية الهادئ والرصين #ناصر_بوريطة، خلال أول اجتماع لجولات بوزنيقة، عندما أكد أن المغرب لا أجندات له في ليبيا كما لا حلول جاهزة يقترحها على الليبيين، وإنما دور المملكة هو جمه الإخوة وتعبيد الطريق لهم ليتصافحوا وليناقشوا في ما بينهم ما يليق لهم من حلول.. الرسالة كانت ردا مفحِما للدعاية التي يروجها النظام الجزائري منذ مدة، وعلى لسان رئيسه #عبدالمجيد_تبون الذي فال حرفيا إن الجزائر لها حل جاهز للصراع الليبي!!
ها هنا يكمن الفرق/السر بين ساسة المغرب وساسة الجزائر، الأولون يجنحون للدبلوماسية الهادئة والناعمة والشفافة، والآخرون يفضلون دبلوماسية الضجيج والدعاية والغموض وحتى التضليل والكيد.. و #خليونا_ساكتين
ملحوظة: هذه المقالة هي عبارة عن تدوينة في الأصل نشرها الكاتب على حسابه في فيسبوك