شلل بالمحاكم لرفض المحامين فرض جواز التلقيح والنقيب الجامعي يتهم السلطة القضائية والنيابة بالشطط وعدم الحياد

0

لليوم الثالث على التوالي تعيش مختلف محاكم المملكة على إيقاع الشلل التام وشبه التام في بعض المواقع، بينما تحولت محاكم في عديد من المدن إلى قبلة لقوات الأمن العمومي، حيث لوحظت سيارات الأمن ترابض أمامها، وذلك بعد قرار هيئات المحامين الانسحاب من الترافع أمام المحاكم احتجاجا على قرار فرض إجبارية التلقيح ومنع المحامين غير الملقحين من ولوج المحاكم.

ولوحظ إنزال أمني مكثف بمداخل العديد من المحاكم تحسبا لوقوع احتجاجات وصدامات بين المحامين والموظفين المكلفين بمنع المحامين غير الملقحين من ولوج المحاكم.

وأصر المحامون على رفض ولوج المحاكم وحضور الجلسات، وقرروا التظاهر احتجاجا على فرض “جواز التلقيح” مما دفع بالهيئات القضائية، إلى تأجيل الملفات المعروضة عليها.

ويأتي احتجاج المحامين، ردا على القرار المشترك الصادر عن وزير العدل، والرئيس المنتدب لدى المجلس الأعلى للسلطة القضائية، ورئيس النيابة العامة، القاضي بفرض “جواز التلقيح” على القضاة والمحامين والموظفين وعموم المواطنين، من أجل ولوج محاكم المملكة، ابتداء من يوم الاثنين الماضي، بمبرر أن أهمية القرار تكمن في “تعزيز المكتسبات التي حققها المغرب في إطار الحملة الوطنية للتلقيح ضد فيروس كورونا”، حيث وجهوا تعليمات صارمة تمنع ولوج المحاكم بدون الإدلاء بجواز التلقيح، وذلك في دورية مشتركة وُجهت إلى وكلاء الملك والقضاة والمحامين.

في سياق ذلك أدانت فيدرالية جمعيات المحامين الشباب بالمغرب إجراء منع المحامين من الدخول إلى المحاكم، واعتبرته اعتداء صارخا على حق المواطنات والمواطنين في الولوج للعدالة للدفاع عن حقوقهم وحرياتهم، مستنكرة الإنزال الأمني الذي طوق مختلف المحاكم. كما اعتبرته الحق الذي لا يقبل سوى التنظيم بتدخل من المشرع وحده في إطار احترام المبادئ الدولية لحقوق الإنسان.

وأكدت الفيدرالية، في بيان وزعته على الصحافة، موقفها السابق، مجددة الدعوة لعموم المحامين لرفض تقييد ولوجهم للمحاكم أو أدائهم لمهامهم في مختلف المحاكم والإدارات والمؤسسات العامة والخاصة بالإدلاء بجواز التلقيح.

وسجل هؤلاء المحامون أن السلطة القضائية المكلفة دستوريا بضمان الأمن القضائي للمواطنين والتطبيق العادل للقانون، من خلال الحفاظ على مسافة واحدة بين جميع المواطنين وبين أجهزة الدولة وإداراتها، أصبحت أداة لتنفيذ قرارات إدارية تفتقد المشروعية، بعدما انحازت لتوجه حكومي وسياسي أضر بحيادها وسيؤثر على تعاطي القضاء مستقبلا مع أي طعن ضد القرارات الحكومية المتعلقة بجواز التلقيح.

ودعت الفيدرالية مكاتب جمعيات المحامين الشباب إلى التعبئة من أجل رصد وتسجيل حالات منع المواطنين من الولوج إلى العدالة أو المس بحقوقهم في الدفاع.

من جهتها أصدرت هيئة المحامين لدى محاكم الاستئناف بأكادير وكلميم والعيون، بيانا بدورها يؤكد من خلاله نقيب الهيئة أنه فوجئ صباح أمس (أول أمس) بالمنع الذي مس المحامين في مختلف المحاكم محليا ووطنيا.

وأكد البيان أنه تقرر مقاطعة كافة الجلسات بمختلف المحاكم ابتداء من أمس (الثلاثاء) إلى حين الإعلان عن موقف جديد بناء على المستجدات.

إلى ذلك كشف مصدر من هيئات المحامين أن جميع المحامين فوجئوا صباح أول أمس الاثنين بإنزال أمني أمام مختلف محاكم العاصمة الاقتصادية، وتم منع المحامين غير الملقحين من ولوج المحاكم، ما أثار حفيظتهم وأعلن المحامون الملقحون تضامنهم مع زملائهم وقاطعوا الجلسات على اعتبار أن التلقيح هو أمر اختياري وليس إجباريا. وأضاف أن قرار المنع يمس بحرية وحقوق المتقاضين ويؤثر على السير العادي للجلسات، مؤكدا أن الحق في التقاضي يمثل الحق في الصحة والعلاج.

في سياق ذلك وجه النقيب عبد الرحيم الجامعي رسَالة للرئیسِ المنتدب للسلطة القضائية ولرئِیس النیَابة العَامة رسالة عنونها بـ “حافظوا على استقلالكم وتجنبوا الزواج غیر الشرعي مع السلطة التنفیذیة”، مردفا بعنوان أصغر “أوقفوا الجائحة القضائیة التي تضرب المحاكم والعدالة من جدید …” !

ومما جاء في نص رسالة النقيب الجامعي: “أنتم في السلطة القضائیة لستم تابعین للسلطة التنفیذیة، أو منفذین لتعلیماتھا أو لرغباتھا، فلا حق لكم أن تجعلوا المحاكم ملحقات للولایات او للباشویات تحاصرھا سیارات الشرطة لتمنع المحامین من ولوجھا، حافظوا على لباسكم المدني وقبعاتكم القضائیة لكي تظلوا أمام المتقاضین قضاة وأمام الدستور سلطة قضائیة مستقلة، فإن كنتم على استعداد للتنازل عن استقلالكم فإن المحامیات والمحامین سیواجھن وسیواجھون كل اتجار سیاسي أو إداري بمبادئ الدستور وباستقلال القضاء، والمطلوب والمفروض أن تظلوا في كراسیكم قضاة فقط، فانحیازكم للسلطة التنفیذیة ولقراراتھا ولإجراءاتھا یفقدكم مصداقیتكم ویشكك في مدى استقلالیتكم، ورسالتم المشتركة لا قیمة قانونیة لھا لكنكم جعلتم منھا “قانونا للأقویاء !”

وأضاف النقيب في رسالته “فرضتم بھا ما شئتم من الإجراءات على نساء ورجال المحاماة، تدركون بالیقین أنه لا حق لكم اتخاذھا وتطبیقھا وفرضھا بالقوة … أقول لكم رأیي بغیرتي التي لا أساوم علیھا، لأنه قبل أكثر من سنة، جر علینا قرار الرئیس المنتدب سابقا للمجلس الأعلى للسلطة القضائیة الصادر بتاریخ 16 مارس 2020 انتكاسة مھنیة وقضائیة لا زالت آثارھا قائمة أمامنا وأمام الفاعلین في مجال القضاء، مرتفقین وقضاة ومحامین وموظفین ومعھم باقي مساعدي القضاء. ذلك القرار الفردي الذي نزل عند بدایة الكوفید والذي اتخذه سریا دون سابق إشعار أو حوار أو إخبار أو تقدیر أو تقییم، فأمر بواسطته كل المسؤولین القضائیین بإغلاق الجلسات وتأخیر الملفات والذین استجابوا لتعلیماته ونفذوھا بسرعة ودون نقاش، فتوقف سیر المرفق بكامله وتم اخلاء المحاكم. وضرب الحصار علیھا كي لا یلج إلى قاعاتھا ومصالحھا لا محامي و لا متاقضي مع استثناءات ضعیفة، وھي تعلیمات لم یكن من حقه اتخاذھا لأنھا غیر دستوریة وتمس استقلال القاضي وتدفعه لارتكاب انكار للعدالة… وظل الجمیع أمام الشطط صامتا.

وأضاف عبدالرحيم الجامعي “الیوم صفحة تاریخیة مثیرة للخوف تجتمع فیھا السلطتان وتختلط وتتوحد ضد المحامین وضد السیر العادي للمحاكم والجلسات. الیوم یشھد التاریخ أن السلطتین معا القضائیة والتنفیذیة، تجتمعان لاختیار إجراء بأسلوب ینتھك مقومات الدستور وحقوق الإنسان وحقوق المتقاضین دون رقیب ولا حسیب، لیعلنان حالة استثناء، لأسباب لا تستحق اتفاق الأركان العامة القضائیة والتنفیذیة”.

الیوم تقود السلطة القضائیة والسلطة التنفیذیة حملة غیر مسبوقة ملطخة بالشطط ضد ھیئات الدفاع بكامل التراب الوطني، مستعملة من أجلھا قوات الأمن والشرطة العلنیة والسریة، وحواجز بشریة ببوابات المحاكم، بكل مظاھر التخویف وعلامات التھدید التي استنفرتھا لمھمة غیر دستوریة، يقول النقيب الجامعي.

وخلص النقيب إلى القول “إن استقلالكم قید دستوري على أعناقكم وعلى أیدیكم لا یمنحكم صكا للتخلي عنه وتصریفه لفائدة سلطة أخرى مھما كان الأمر، مما كان یفرض علیكما بالسلطة القضائیة أن تتخذا نفس ما اتخذه زمیلاكم رئیس محكمة النقض الفرنسیة والوكیل العام بھا القاضیانMarin Claude Jean et Louvel Bernard  في رسالتھما المشھورة للوزیر الأول الفرنسي بتاریخ دجنبر 2016”.

إدريس بادا

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

أترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.