كم يُضير المرءَ أن يتربّص به زميلٌ لِكسْر قَلَمِه !

0

نورالدين اليزيد

توصّل كاتب هذه السطور باستدعاء من المجلس الوطني للصحافة، يريد الاستماع إليه بشأن شكوى تقدم بها ضده رئيس المجلس وزميله، يونس مجاهد، حول “ادعاءات وأخبار زائفة”!

في الواقع لا أتذكر ولم يسبق لي أنا، نورالدين اليزيد، أن نشرت أخبارا زائفة عن أحد، وإذا تشابه لهم الأمر بين النقد والادعاءات، فهذا شأنهم ولهُم واسع النظر؛ علما أننا لسنا من محبي وناشري ومروجي “الادعاءات”، حتى ولو كانت أقرب وقاب قوسين أو أدنى من الصدقية، ومنها حتى ما تهم المجلس وأعضاء من المجلس، وهذا موضوع سنخوض فيه ريثما تتضح المعطيات وتتقوى.. !

سأكون في الموعد، وسأطالب في حال ثبت عكس ما يدعون -ولي اليقين أنه سيتثبت حتى ولو توجهنا إلى هيئات أخرى- بتعويض رمزي عن وقود السيارة (المازوط)، الذي سأحرقه في الطريق إليهم بمقر حي السويسي !

استفزاز !!   

“النقابة الوطنية للصحافة المغربية تعرض تقريرها حول واقع حرية الصحافة بالمغرب”؛ هذا العنوان العريض الذي نشره موقع النقابة، والذي دأبت على صياغة وإصدار أمثاله كل سنة، من باب نحن موجودون، وليس من باب رصد الانتهاكات والهجمات التي يتعرض لها الصحافيون والصحافة، يعتبر مستفزا، بالنسبة إلي، على الأقل، كونه يتزامن مع تخلٍّ مفضوح عن روح مؤسسة المجلس الوطني للصحافة، المتجلية في الدفاع عن حرية التعبير وصونها، في عهد قياديين سياسيين ونقابيين، هما عبدالله البقالي ويونس مجاهد، اللذين يجمعان، في نشاز نادر، بين مؤسسة تمثيلية للصحافة، وبين أول نقابة للصحافيين بالبلاد !

النقابة التي يترأسها الزميل عبدالله البقالي، العضو الفاعل والمؤثر أيضا داخل المجلس الوطني للصحافة، والنقابة التي يترأسها البقالي ويعتبر الزميل يونس مجاهد أحد الفاعلين الأقوياء والمؤثرين داخلها، بالمقابل،  ورئيسها السابق الذي يتناوب منذ سنوات والبقالي على “قيادتها”، (هذه النقابة) تقدم تقريرا حول “حرية الصحافة” المفترى عليها، وهما من أصدرا يوم أمس الخميس، فقط، وقبل ذلك بشهر –كما قالوا ولا علم لي بذلك- “استدعاء” كاستدعاءات البوليس، على رأي أحد الزملاء، للعبد الضعيف هذا، للإدلاء بدلوه حول اتهامات يوجهونها لي بشأن نشري “ادعاءات وأخبار زائفة”، لا علم لي ولم يصدر عني أبدا شيء من قبيل ذلك، اللهم إذا كان الانتقاد ورصد سوء تدبير وتقصير مؤسسة وطنية عمومية تمثل المهنيين، يعتبر من “الادعاءات والأخبار الزائفة” !!

لم نناقش كثيرا من الاختلالات وسوء التدبير، والاستغلال المقيت والسيء لسُلطة المجلس، من طرف بعض الأعضاء الذين يريدون تحويل هذه المؤسسة الوليدة، إلى “دكان انتخابي”، لجمْع الأصوات لأجل انتخابات تجديد أعضاء المجلس، بل حتى لجمعها لفائدة أحزاب بعينها في الاستحقاقات الانتخابية، وانبرى هذا البعض يسهل لأصحاب مواقع نكِرة وأشباه صحافيين، الحصول على بطاقة الصحافة المهنية، ومنهم حتى الذين لا يمارسون عمليا مهنة الصحافة، ويمارسون حِرفا أخرى..

ولم ننشر –ولكن سنفعل في آنه وأوانه- أخبارا أخرى، نحتفظ بطراوتها، لحين توفّر  المعطيات والأدلة الكافية بخصوصها..

فقط انتقدنا رئيس المجلس، والصحافي الزميل خريج –يا حسرة- مدرسة “#الاتحاد”، التي تتلمذنا على أيدي كُتابها وقادة حزبها أبجديات أن تكون حُرا، تكتب وتتنفس الحرية، فأبى إلا أن يستدعينا لـ”استنطاقنا” حول ما سماه “ادعاءات”، ونُصِرّ على تسميته بنقدٍ وانتقاد !!

لا يضيرني أن يستدعيني هذا المجلس، بل حتى أن نتوجه معا إلى القضاء لتكون العدالة الفيصل بيننا، وليشهد الناس على مدى قصور البعض وعدم أهليتهم، بل وعلى بلادتهم، لتمثيل ما يسمى مجازا السلطة الرابعة وحمايتها وتقويتها؛ وليعرف العادي والبادي، وبوضوح، تسلّطهم المزمن، وانتصارهم المتهافت، لجانب القمع والتحجر لحد التكلس، وهرولتهم المشبوهة، من أجل عرقلة التغيير المنشود لهذه البلاد والعباد، الذي ما فتئ ملك البلاد ينادي به.. ويصرون إصرارا على إرجاعنا قصْرا ورغما عن أنفِنا وأنْف حرية الرأي والتعبير، إلى الخلف والتخلّف، وإلى سنوات الترهيب والتخويف، متباهين ومحتمين بسلطة رمزية يخولها لهم مجلسٌ، ينص الدستور على أن دواعي إنشائه هي تشجيع حرية الصحافة وتنميتها، لا عرقلتها وترهيب الداعين إليها..

ما يضيرني هو أن يتحول زميل إلى خصْمٍ وحكمٍ، في آن، في “محكمة تفتيش” شيدوها في غفلة من السلطات، وبتواطؤ فج وخبيث، بسبق إصرار وترصد، من طرف بعض الجهات، لفرض وإحكام الرقابة على الزملاء، وعلى المنابر الإعلامية غير المروضة؛ وبدل أن يتفرغوا للنضال والعمل على تجاوز بعض الإخفاقات في مجال حرية التعبير، كالدعوة لإطلاق سراح بعض الزملاء المعتقلين، والذين باتت حياة بعضهم مهددة، بسبب إضرابهم عن الطعام، نراهم يكِدّون ويجتهدون من أجل كسر بعض الأقلام الأخرى، إن لم يكن ماديا فمعنويا على الأقل، باللجوء إلى أساليب التخويف والتهديد ضدها !!

وما يضيرني أكثر وبِألم، هو أن يكون للكرسي الوثير، وللسيارة ذات الزجاج المعتم، وللمقر المكيف في أرقى أحياء العاصمة، وللتعويضات المضافة إلى تعويضات أخرى من هيئات موازية، إما خاصة أو عامة، كأجور ومعاشات، أن يكون لكل ذاك قدرةٌ خارقة وسحرية على تلبيس الحق بالباطل، على البعض، بل حتى على جعل هذا البعض ينسون أن سلطتهم المعنوية التي خوّلهم إياها القانون والدستور، هي للتقنين والتنظيم والتنبيه، وليس للترهيب وللقمع ولباقي “اتويشيات” الأخرى !!

عندما يأتيك الظلم من ذوي القربى !

توصُّلي بـ”استدعاء” المجلس الوطني للصحافة، من أجل “الاستنطاق”، بشأن مزاعم بـ”ادعاءات وأخبار زائفة” يتهمونني بها، ظلما وزورا وغباءً واستغباءً، جعلني أستحضر، في هنيهة، كل سنوات عمري في ممارسة المهنة التي تناهز الـ 16 سنة؛ فعلى مدى تلك السنوات، خُضتُ، في منابر وازنة عديدة، وكتبتُ في مواضيع شتى، تهم الأحزاب السياسية والحكومة، وثروات الوزراء والمسؤولين، والأجهزة الأمنية الأكثر حساسية.. واقتحمت حتى المربع الضيق للسلطة/الحُكم، وأفردْت تغطياتٍ ومقالات رأي، يحتفظ بها الأرشيف الإلكتروني للعملاق “غوغل”، حول أبرز أذرع النظام، ولم يوجه لي يوما –والحق يقال- أي مسؤول أي استدعاء أو قدم شكوى ضدي، ووحدهم بعض السياسيين المرتعدين المتزلفين، حاولوا في بعض الفترات، دون أن يستمروا في محاولاتهم إلى أبعد نقطة، لعدم توفرهم على أدلة ضدي !!

وبينما كنت أعي جيدا ما أكتب وتخطه يميني، على اعتبار أن لا إساءة في ذلك ولاهم يحزنون، كان زملاء وأصدقاء يحذرونني من الخوض في مثل تلك الكتابات، وينصحونني بالابتعاد واتقاء “شر” السلطة ورموزها، دعك من القراء العاديين، الذي كانوا يستغربون عدم المساس بي أو حتى استدعائي من طرف أيٍّ كان.. !!

الغريب في الأمر، أن لا أحد، على مدار هذه السنين كان يتنبأ، أو حتى يفكر –مجرد تفكير، بأن “القمع” والرغبة في تجفيف مداد قلمي، بل وتكسيره، ستأتي من بني قبيلتي. بل الأخطر والأنكى، مِمّن يُفترض أن المُشرّع أنشأ لهم مؤسسة لصون وتقوية الإعلام لخدمة والرفع من منسوب حرية الرأي والتعبير والذود عنها، أي مِن مؤسسة تمثيلية مثل المجلس الوطني للصحافة !!

لا تقُل لي إن ذلك يعتبر من صميم عمل المؤسسة، فلطالما صالت وجالت في الميدان منابر وكاميرات وميكروفونات، منسوبة قصْرا وعنوة إلى الجسم الصحافي، وما تزال، تمارس “الدعارة” الإعلامية، والقبح، والخبث، والصفاقة، والإساءة للبلاد والعباد، نهارا جِهارا، ويستمر هذا المجلس صامتا صمت القبور، لا يحرك ساكنا، ولا ينبس أعضاؤه ببنت شفة، وكأن ما يجري يحدث في “جزيرة الوقواق” وليس في بلادنا.. فهل رأيتُم تخليا وتقصيرا في تحمّل المسؤوليات، وإساءةً لأخلاق المهنة أكثر من هذا” !

هذا مجرد سؤال بريء و #خليونا_ساكتين

[email protected]

https://web.facebook.com/nourelyazid

ملحوظة: المقالة نشرها كاتبها على صفتها في الفيسبوك بداية على شكل تدوينات مطولة            

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

أترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.