البقالي ومجاهد.. الفترة السوداء في تاريخ الصحافة الوطنية
ما زال “البلوكاج” الذي أوصله الثنائي عبد الله البقالي، رئيس النقابة الوطنية للصحافة المغربية ، ويونس امجاهد ، الأمين العام للنقابة ، بالمجلس الوطني للصحافة المفترى عليه ، قائما بسبب رعونتهما التي كشفت عن استبداد لافت وانتهازية غير مسبوقة خاصة في مجال الإعلام والاتصال. وهذا يؤكد الإجماع الحاصل في الوسط الإعلامي الوطني على التنديد بموقف الثنائي المذكور الذي يعض بالنواجذ على أمل السيطرة على المجلس الوطني من أجل أغراض تم التخطيط لها ،بعناية، منذ الإعداد لمدونة الصحافة والنشر ، بتواطؤ مكشوف مع مصطفى الخلفي الوزير السابق للاتصال ، وُصُولاً إلى الإعداد المطبوخ لانتخابات المجلس الوطني .. والفضيحة التي رافقته من البداية إلى النهاية وما زالت أصداؤها تتردد داخل المؤسسات الإعلامية الوطنية والأجنبية، وداخل وزارة الاتصال والمجلس الأعلى للحسابات، وحتى في رئاسة النيابة العامة ..
قبل الحديث عن “بلوكاج” المجلس الوطني للصحافة الذي تسبّب فيه الثنائي البقالي وامجاهد ، لا بد من تسليط الضوء على الفترة التي ستؤدي إلى هذا “البلوكاج” ،وهي الفترة السوداء في تاريخ الصحافة الوطنية من حيث تجاوزات وانتهاكات الثنائي المذكور. وهي التجاوزات التي لم يتم تسجيلها حتى في الوقت الذي تم فيه عقد قران الإعلام بالداخلية في عهد الوزير القوي الراحل ادريس البصري.
يتذكر الصحفيون أن الصحافة أصبحت ، في عهد تناوب البقالي وامجاهد على رئاسة النقابة وأمانتها العامة، مهنة مَن لا مهنة له ، إلى جانب تهافت عدد من الوجوه من قطاعات عامة وخاصة على هذا المجال. فكنا نلاحظ عددا من الغرباء الذين أصبحوا ، بقدرة قادر ، يُزاحمون الصحفيين المهنيين ، تارة بحجة أنهم مراسلين ،وتارة أخرى بأنهم صحفيين ..؟؟ ولا علاقة لهم مطلقا بالصحافة. كيف تمكنوا من أن يصبحوا مهنيين، ومن كان وراءهم وسهَّل لهم المأمورية؟ الجواب عند الثنائي البقالي وامجاهد .
هناك أشخاص يعملون داخل مؤسسات صحفية وطنية، ولكن ليست لهم صفة صحفي؟؟؟ ويعرف الثنائي (رئيس النقابة وأمينها ) الحكاية وكيف صارت بذكرها أحاديث المواخير.
إلى جانب هؤلاء وأولئك، هناك فئة المعارف والأصحاب والصاحبات، وَمَن سار على خطاهم، الذين فُتِحَت في وجوههم أبواب مؤسسات صحفية على مصراعيها، ليحتلوا لهم مكانا رحبا داخل الصحف الوطنية..ضد كل الأعراف والتقاليد المعروفة والمعمول بها في مختلف أنحاء العالم، وخاصة في العالم العربي والأفريقي..الذي نسجل تخلفا بَيِّناً عنهما..ولعل رئيس النقابة وأمينها يعرفان هذا جيدا بحكم كثرة ،بل احتكار جميع الأسفار “النقابية” لوحدهما خارج الوطن .
بناء على هذا ـ وما خفي أعظم ـ لم نعد ،كمهنيين “هَرَّسْنا أسناننا” في الصحافة إلى جانب رجال إعلام عظام ،على غرار عبد الكريم غلاب،علي يعتة،بنسعيد أيت يدر،محمد العربي المساري ،عمر بنجلون ،عبد الجبار السحيمي ، محمد بن يحيى، محمد اليازغي، مصطفى القرشاوي، مصطفى العلوي، محمد البريني …نتعجب من هذا السلوك الذي شاع وذاع بشكل لافت ومثير ..ما دام أن المسؤولين ،وفي مقدمتهم الثنائي غير المرح (البقالي وامجاهد) الذين من المفروض أن يحموا المهنة من الغرباء والمرتزقة ،ساهموا كثيرا في أن يَتَّسِعَ الخَرْقُ عَلَى الرَّاقِعِ. كما يقال، أي أن الفساد زاد حتى فات التلافي..
في هذه الأجواء أصبح كل مَن هبَّ ودبَّ صحفيا، وتحوَّلت الصحافة إلى مجال واسع للاسترزاق والابتزاز والاستغلال من طرف أناس ليسُوا صحفيين..وبالتالي سقط الاحترام والتقدير والإعجاب الذي كانت تحظى به الصحافة إلى حدود نهاية الثمانينيات من القرن العشرين ،إلى نظرة مِلْؤُها الاحتقار والازدراء والتهميش للصحافة والصحفيين .. بسبب سلوكات وتصرفات انتهازية استغلالية للقطاع ..
وظل الحال على ما هو عليه .وظن أصحاب النقابة ،المتحكمين في زمامها ،أنهم هم الغالبون ،وأن كل الأبواب مُشْرَعَة للتصرف المطلق في أحوال ومآلِ الصحفيين بالشكل الذي يحلو لهم ..إلى أن جاءت مرحلة الإعداد لما يُسَمّى مُدَوَنة الصحافة والنشر التي ستظل الأسوأ في تاريخ الصحافة الوطنية كأنّ من أعدّها ليسو صحفيين وليسوا مسؤولين في هذا القطاع ..
أما الفضيحة الكبرى فتتجلى في طبخة المجلس الوطني للصحافة الذي كان يعتقد رئيس النقابة(البقالي) وأمينه (امجاهد) أنهما على بُعد خطوة لتحقيق أهدافهما والتربع على كرسي قيادة المجلس ،وبالتالي ضمان وضع مريح لهما خاصة أن أحدهما صحفي متقاعد أصلا (امجاهد) والثاني (البقالي) يستعد للتقاعد ..لكنهما لم يفكرا يوما بأنه ستأتي هذه اللحظة المفصلية ليسمعوا بِمِلْءِ الأذن أعضاء الجسم الصحفي الوطني يطالبهم بالرحيل ..وبالفعل، جاء وقت الرحيل. وهذه حكاية “البلوكاج” الذي يوجد فيه اليوم قطاع الصحافة الوطنية.
الناس_عن ماروك تلغراف