هكذا يعجبني ليوناردو ديكابريو!

0

زكية حادوش

نعم أعترف، يعجبني “ليوناردو ديكابريو”…لكن ليس لأنه وسيم ولا لأنه حاصل على أكبر تقدير في مجاله، أي الأوسكار، ولا حتى لأنه ممثل من صنف قل نظيره، بل يعجبني لأنه رجل… أجل “ليو” رجل إذا كان معنى الرجولة هو أن تكون صاحب قضية ومثقفا ملتزما في زمن التفاهة والابتذال هذا.

“ليو” أدى أدوارا عميقة ومتعددة الأبعاد، سواء بتجسيده المتقن لشخصيات معروفة مثل الملياردير غريب الأطوار “هوارد هيوز”، أو لأبطال أعمال أدبية خالدة من قبيل “روميو” شكسبير و”غاتسبي العظيم”. كان رائعا في أدائه، محترفا حتى النخاع مع إضفاء جزء من شخصيته على كل دور. وهكذا ينبغي للفنان أن يكون، متقنا لصنعته كيفما كانت ومبدعاً بمنحه جزءا من روحه لأي عمل فني يؤديه، وليس ببيع روحه كلها لشيطانالمال والشهرة الزائلة ولوبيات صناعة النجوم وأفولها.

معنى أن تكون فناناً هو أن تكون صاحب قضية، أن تستغل شهرة حققتها عن جدارة بالموهبة والعمل الدؤوب والابتكار من أجل الدفاع عن قيمة إنسانية مهما كانت، لا أن يستغل الغرائز البدائية للبشر لتسلق سلم الشهرة للتكسب والارتزاق والدفاع عن مصالح الثقافة الاستهلاكية السائدة.

كل هذا الكلام تحصيل حاصل وليس في نيتي إعطاء دروس في قيمة الفن والفنان ولا حول مفهوم “المثقف العضوي” الذي راج في ستينات وسبعينات القرن الماضي ولم يعد على “الموضة” اليوم.

لكن كلامي ربما يشكل مقدمة تليق بآخر عمل أنجزه “ديكابريو” كمنتج ومخرج، حيث قدم يوم 21 أكتوبر الجاري وثائقي “قبل الطوفان” (Before the Flood) حول التغيرات المناخية. شريط استغرق إنتاجه ثلاث سنوات واستغل فيه “ليو” شهرته لإجراء حوارات حول الموضوع مع شخصيات يصعب الاقتراب منها لولا ذلك، مثل “براك أوباما” والبابا، كما استغل إمكانياته للتصوير في أماكن عديدة ومتفرقة حول العالم.

لم أر من هذا الشريط سوى اللقطات الإعلانية وبعض التفريغات المكتوبة للحوارات، لكني شعرت بأني أكاد ألمس روح الفنان في مواجهة حقيقة الحماقة البشرية. وإذا كانت تلك الحماقة ستؤدي إلى الطوفان، أنصحكم بمشاهدة الشريط قبل ذلك.

 

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

أترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.