خرَجَات وهْبي.. جُرأة أم وقاحة؟!
نورالدين اليزيد
البعض -سامحهم الله- يُسمون خرجات وزير العدل عبداللطيف وهبي العديدة المثيرة لحد المساس بهيبة ووقار موقعه كوزير ورجل دولة، يسمونها “جرأة”، والبعض الآخر يسميها “رعونة”، ولكن هناك البعض الآخر (الثالث) -وأنا منهم- نسميها “وقاحة”، طيب لماذا وقاحة وليست جرأة ولا حتى رعونة؟!
لأن الوزير الذي يخرج بتصريحات علنية للصحافيين يُخبر من خلالهم الرأيَ العام بأنه يعرف كل شيء عن المواطنين المغاربة وحتى الشاذّة والفاذّة من تلك الأشياء والأمور بما فيها ألوان “تقاشرهم” (جواربهم)، هو وزير مُتجاوِز قطعا السذاجة والرعونة وإلا لَما كان وزيرا مفروضا فيه الحدود الدنيا من النباهة والتحفظ. وهو قطعا لا يمكن وصفه بـ”الجريء”، لأن الجرأة هنا تعني تجاوُز كل مؤسسات الدولة الاجتماعية والاقتصادية والأمنية التي وظيفتها الحرص على حياة المواطن وأمنه ومعيشه، بل إنها “جرأة” تعني تحدّيا لسلطة رئيس الدولة/الملك الذي وحده في البلاد الكفيل والمُخول له دستوريا ومؤسساتيا وعُرفيا معرفة دقائق الأمور عن مواطنيه، لِما يتوفر لديه من تقارير يومية من طرف كل المؤسسات المختصة!
تصريحه اليوم بقوله “لن أغادر الحكومة”، والذي لا ينم بكل تأكيد عن حِس رجل/وزير جِريء وشجاع، لأن في مثل هذا المقام لا يمكن الزعم بمثل هذه التصريحات لإظهار جرأة مفترى عليها، مادام الأمر يتعلق بوَسط حكومي ومؤسساتي يعرف القاصي والداني، وبالأحرى وبالأساس رجل الدولة والمسؤول السامي، أنه يخضع لقواعد دستورية صارمة، ولِبروتوكول خاص يؤطره واجب التحفظ أمام “السّدة العالية بالله”، ملك البلاد، الذي وحده يعرف من يغادر ومن يبقى في الحكومة، متى شاء وأنّى شاء.. هذه ليست رعونة وسذاجة ولا حتى غباء، مادام الأمر يتعلق بسياسي ومحامي في الأصل ووزير.. ولا هي جرأة أيضا وإلا فإنها جرأةٌ كجُرأة السياسي المُنتحِر المُقبل بتهافُت على حرق أوراقه كلها بما فيها الإخلال بواجب الاحترام لرئيس الدولة/ للملك في حالتنا هنا مع هذا الشخص..
ولأن المسؤول الحكومي الذي تزعُم حكومته أنها “حكومة اجتماعية”، بما تحمله الكلمة من معاني التضامن والتعاضد والتكافل بين مكونات المجتمع، يخرج أمام خلق الله فيصرح بملء فيه بتحدٍّ سافر للبلاد والعباد، وللمؤسسات والمشاعر، وللأعراف والتقاليد المجتمعية، بأن ابنه “ولد مرفح” (ابن غَني) يقصد نفسه، ودرس في كندا.. ويزيد بأن ابنه هذا تمرن في مكتب والده للمحاماة (يعني مكتبه) ومن حقه أن يصبح محاميا (على خلفية فضيحة فساد مباراة المحاماة).. فإن مثل هذا الكلام الصادر عن هذا المسؤول لا يمكن إلا أن يكون تتفيها وازدراء للمؤسسات بعيدا كل البعد عن شيء اسمه الجرأة، وبأنها وقاحة كاملة الأركان تستدعي إقالته من منصبه فورا لأن تصريحاته تورطه في جُنح وجرائم يعاقب عليها القانون الذي لا يحمي المغفلين ولا الوقِحين..
ولأن الوزير الذي يُصرح للصحافة بتصريح خطير يمس في أعراض ونسب وشرف المواطنين المغاربة من قبيل “إلى جينا نديرو الـ”ADN” (تحليل الحمض النووي) لإثبات النسب غادي نلقاو كل مغربي تابعينو 20 طفل”! لا يكمن إلا أن يكون شخصا وقِحا، على اعتبار أن الجُرأة خُلُق وشيمة من شيم المروءة والشهامة وحسن الأخلاق والأفعال والأقوال!
ثم لِنَصل إلى تصريحه اليوم بقوله “لن أغادر الحكومة”، والذي لا ينم بكل تأكيد عن حِس رجل/وزير جِريء وشجاع، لأن في مثل هذا المقام لا يمكن الزعم بمثل هذه التصريحات لإظهار جرأة مفترى عليها، مادام الأمر يتعلق بوَسط حكومي ومؤسساتي يعرف القاصي والداني، وبالأحرى وبالأساس رجل الدولة والمسؤول السامي، أنه يخضع لقواعد دستورية صارمة، ولِبروتوكول خاص يؤطره واجب التحفظ أمام “السّدة العالية بالله”، ملك البلاد، الذي وحده يعرف من يغادر ومن يبقى في الحكومة، متى شاء وأنّى شاء.. هذه ليست رعونة وسذاجة ولا حتى غباء، مادام الأمر يتعلق بسياسي ومحامي في الأصل ووزير.. ولا هي جرأة أيضا وإلا فإنها جرأةٌ كجُرأة السياسي المُنتحِر المُقبل بتهافُت على حرق أوراقه كلها بما فيها الإخلال بواجب الاحترام لرئيس الدولة/ للملك في حالتنا هنا مع هذا الشخص..
#خليونا_ساكتين
ملحوظة: هذه المقالة نشرها صاحبها بداية على شكل تدوينة على حسابه في فيسبوك وX (تويتر سابقا).