مِن حارس الورش الملكي للطاقات النظيفة إلى أكبر مختفٍ.. أين الباكوري؟

0

نورالدين اليزيد

في أواخر ديسمبر 2015 خرج إلى الرأي العام بلاغ من الديوان الملكي “يفوت” قطاع الطاقة الريحية والكهرمائية للوكالة المغربية للطاقة الشمسية (مازين)، التي سيتحول اسمها إلى “الوكالة الوطنية للطاقة المستدامة”، وليستمر على رأس هذه الامبراطورية الطاقية الضخمة ذات السمعة العالمية، وذات الرأسمال الباذخ، رجُلٌ ظريف كما تفضح ذلك ملامحه وتصريحاته، وقريب جِدا من دوائر صنع القرار، اسمه مصطفى الباكوري.

في تلك السنة كان السي الباكوري قد أكمل أربع سنوات ونيف على رأس “مازين” التي راهن ويراهن عليها الملك محمد السادس لنقل مملكته إلى مصاف الدول المتقدمة في استعمال الطاقة البديلة بل وفي تصديرها؛ وبالفعل فقد خطا المغرب خطوات جبارة في المجال هي محط تقدير واهتمام العالم؛ في السياق جاء البلاغ الملكي ليخاطب الجميع وتحديدا الفاعلين في قطاع الطاقة بأن “مازين” هي الأول والآخر، وهي “عمود الخيمة” -كما يقال-وهذا ما نطق به صراحة مضمون البلاغ الملكي عندما قال حرفيا: “تتولى الوكالة المغربية للطاقة الشمسية (مازين)، من الآن فصاعدا، قيادة قطاع الطاقات المتجددة وخصوصا الشمسية والريحية والكهرومائية”.

هذا يعني أن مصطفى الباكوري المحسوب على المحظوظين الذين تسعى إليهم المناصب ذات اليمين وذات الشمال سيصبح المُنفذ الرسمي لاستراتيجية الملك الطاقية، وهو ما يعني أن ميزانيةً بالملايير سيؤشر ويُوقع عليها الباكوري، وأن عملا مبتكرا وشاقّا ينتظر ربان امبراطورية الطاقة النظيفة، وهو ما يعني بالنتيجة ضرورة تحلي المدير العام لـ”مازن” بأقصى درجات التفطن والحكمة، وأن يتجند ويتسلح بفريق عمل كُفء ويقظ، فالخطأ غير مقبول في استراتيجية ملكية يعول عليها كثيرا عاهل البلاد لتكون قاطرة التنمية في مملكته..

مصطفى الباكوري يقدم شروحات للملك محمد السادس بشأن مشروع محطة “نور” الطموح للطاقة الشمسية بصحراء ورزازات في 10 ماي 2013

تمر السنوات تلو الأخرى، ولأن الملك لا يترك الحبل على الغارب في أمر حاسم في سياسة عمومية تنموية ترهَنُ تقدّم البلاد والعباد، فإنه كان يجمع “خُدامه الأوفياء” من حين لآخر لتقديم “الحساب”؛ وقد جاء اجتماع “عاصفٌ” احتضنه القصر الملكي بالدار البيضاء، يوم الجمعة 27 يناير 2018، وضم سعد الدين العثماني (رئيس الحكومة)، وعزيز رباح (وزير الطاقة)، وأمينة بنخضرة (مديرة مكتب الهيدروكاربورات)، ومحمد بوسعيد (وزير المالية)، وعبدالرحيم الحافظي (المدير بالوكالة لمكتب الكهرباء)، ومصطفى الباكوري (مدير مازن)، بالإضافة إلى مستشارَي الملك فؤاد عالي الهمة وياسر الزناكي.. في هذا الاجتماع ترددت عبارة الملك “يجب الإسراع” كثيرا، وهو يحث الحاضرين بالعمل بأقصى السرعة اللازمة لتنزيل استراتيجية المملكة في الطاقات المتجددة بأبعادها المختلفة، إن على صعيد الاستثمارات، أو في مجال توفير التكوين الملائم لتوفير العامل والتقني المؤهل، وخلق فرص الشغل، ونقل التكنولوجيا، وتنمية مناطق تمركز مشاريع الطاقات المتجددة؛ وقد كان التركيز بالأساس على المدير العام لـ(مازن) الباكوري الذي قدم

حصيلة عمل وكالته إلى غاية نهاية 2017، وخطة العمل والمشاريع المبرمجة ما بين 2018-2020، موردا معطيات دقيقة وأرقاما، وواعدا الملك بأن وكالة الطاقات المستدامة التي يشرف عليها تضع نصب أعينها كهدف رفع نسبة إنتاج الطاقات المتجددة إلى 42 في المائة في أفق 2020، وهو ما يبدو كان لا يتناسب والنتائج المحصل عليها إلى ذاك الحين!

هذا ما ستؤكده الأرقام بعد حين، حيث إلى غاية نهاية سنة 2021 لم يحقق المغرب إلا نسبة 37 بالمائة، وزادت النسبة درجةً واحدة بنهاية العام 2022 أي وصلت إلى 38 بالمائة، هذا يعني إذا سارت الأمور على هذه الوثيرة فإن الهدف الأمثل وهو ما تحقيق ما يفوق 52 بالمائة مع نهاية سنة 2030 يبقى بعيد التحقيق والمنال..

إذن الأرقام عرّت على واقع ودقت الناقوس بأن شيئا ما ليس على ما يرام في استراتيجية عمل “مازن”، وأن مصطفى الباكوري ربما لم يكن الرجل المناسب في المكان المناسب.. وسرعان ما بات الرجل في عين العاصفة، بعد أن بدأت الألسن في بداية شهر أبريل من العام 2021 تلوك كلاما بأن “بّا صطوف” مغضوب عليه من طرف الملك وأنه لزم بيته بعدما أخذوا منه مفاتيح مقر “مازن” في حي الرياض وسط العاصمة، بل إن ذات الألسن تحدثت عن أن صحاب الحال تيحققو مع السيد بعدما خاذوا منو الباسبور ديالو وأنه ممكن يتقدم لشي محاكمة خايبة..

رئيس مجلس إدارة الوكالة المغربية للطاقة الشمسية (المستدامة حاليا) (مازن) مصطفى بكوري، خلال اجتماع يوم الثلاثاء 24 أبريل 2012 بالرباط حول طائرة “سولار إينفولس” الشمسية التي كان مرتقبا انطلاقها في شهر ماي من نفس السنة، في أول رحلة لها عابرة للقارات، من سويسرا إلى المغرب.

وبعد أيام من تلك التسريبات وفي 21 أبريل 2021 نشرت المجلة الفرنسية الشهرية “جون أفريك” التي لها مصادر من العيار الثقيل في الصف الأول من آلة صناعة القرار المغربي، معطيات مثيرة تفيد باحتمال تورط المدير العام للوكالة الوطنية للطاقة المستدامة مصطفى الباكوري في جرائم كبيرة بزاف وخطيرة، تتعلق بـ”سوء التدبير” و”الاختلاس” وإفشاء معلومات ذات طبيعة استخباراتية إلى دولة أجنبية قيل إنها ألمانيا.

ويبدو أن الباكوري الذي غاب عن الأنظار لما يزيد عن ثلاث سنوات، ولم يُعلن رسميا عن أية متابعة ضده، بالرغم من وجود شبهة اختلالات في طريقة تدبيره للوكالة الرسمية المتخصصة في الطاقات المتجددة، وهو ما أكده رأي استشاري للمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي الذي يرأسه الاتحادي محمد رضا الشامي، ونشرته محتواه أسبوعية “تيل كيل”، في يوليوز 2020، تحت عنوان “16 مليارا تبخرت بالشمس”، حيث كشفت المجلة معطيات تفيد أن هناك اختلالات في الإستراتيجية الشمسية المتبعة من طرف وكالة “مازن” تهدد بضياع 800 مليون درهم في السنة.

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

أترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.